أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أن إسرائيل امتنعت عن منح أي تأشيرات لموظفي مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لدخول الأراضي الفلسطينية منذ أشهر، وفي تصريح رسمي للمتحدث باسم المفوضية، روبرت كولفيل، فإن “طلبات التأشيرات لم تُرفض رسميا، لكن السلطات الإسرائيلية امتنعت عن إصدار أو تجديد أي تأشيرة منذ حزيران/يونيو، كما تم إجبار نحو 9 من موظفينا على مغادرة البلاد بعد انتهاء مدة التأشيرة”.
بحسب الخبراء والمحللين فإن هذا التعنت الإسرائيلي جاء بعد قيام الأمم المتحدة بنشر قائمة بشركات تمارس أنشطة في المستوطنات الإسرائيلية، حيث نشرت المفوضية في فبراير/شباط قائمة تضم أكثر من مئة شركة تمارس أنشطة في مستوطنات إسرائيلية يعتبرها القانون الدولي غير قانونية، ما اعتبرتها إسرائيل دعوة لمقاطعة التعامل مع تلك الشركات، وبالتالي التعامل مع إسرائيل، أي الاعتراف بعدم شرعية إسرائيل من الأساس.
عملية الحصول على تأشيرات لدخول فلسطين من قبل موظفي المفوضية السامية كانت شاقة بالأساس، حيث يمكن أن يمر شهر بين التقدم للحصول التأشيرة والموافقة عليها، وبعد الإجراءات التعسفية الأخيرة تم ترحيل 9 موظفين دوليين تابعين للمفوضية، ومن المقرر أن يتبعهم الثلاثة الباقين، لتُترك الأراضي الفلسطينية خاوية من أي تمثيل حقوقي دولي من الأمم المتحدة، حيث سيبقى فقط 20 موظفاً محليون، في محاولة للتضييق على عمل المفوضية من جهة، وممارسة العديد من الانتهاكات ضد الفلسطينيين بحرية تامة من جهة أخرى.
منذ إنشاء مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان عام 1993، وعلاقته بإسرائيل ليست على ما يرام ويشوبها الكثير من التوترات والاضطرابات، إلا أنها تدهورت بشكل خطير في فبراير/شباط، بعد أن نشرت وكالة الأمم المتحدة “قائمة سوداء” تضم 112 شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وفسرت المفوضية ذلك قائلة “لا يمكن لإسرائيل أن تتسامح مع هذه السياسة التمييزية المعادية للفلسطينيين”، وهو البيان الذي أغضب السلطات الإسرائيلية بصورة كبيرة واتهم وزير الخارجية المفوضية السامية بأنها أداة تعمل ضد مصالح إسرائيل.
من جانبه، قال روبرت كولفيل، المتحدث باسم المفوضية في جنيف: “نواصل التفاوض مع إسرائيل على أمل أن يتم حل المشكلة بسرعة… هذا وضع غير عادي للغاية قد يتسبب في الكثير من المشاكل خاصة في ظل أزمة كوفيد-١٩. ”
إن منع إسرائيل لمنظمات حقوق الإنسان من العمل في أراضيها ليس بالأمر الجديد، في عام 2019 على سبيل المثال، قرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدم تجديد تصاريح بعثة “الوجود الدولي المؤقت” في الخليل، وهي بعثة مراقبة مدنية أُنشأت في أعقاب اتفاقيات أوسلو، ويكون دورها توثيق انتهاكات حقوق الإنسان في المدينة المعروفة بالانتهاكات اللامتناهية ضد المواطنين الفلسطينيين من قبل المستوطنين المحميين بأسطول من الجنود.
في عام 2019 أيضاً، تم الإعلان عن طرد عمر شاكر، مدير أبحاث إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش بعد اتهامه بأنه مؤيداً للمقاطعة إسرائيل ليجبر في النهاية على مغادرة البلاد بعد شهور من نظر الأمر في المحكمة.
القرار المتعلق بموظفي المفوضية الدوليين في رام الله وبقية الأراضي الفلسطينية لم يشكل مفاجأة لعمر شاكر، الذي قال من عَمان: “ما يحدث هناك هو مجرد جزء من سياسة إسرائيلية طويلة الأمد ضد حركة حقوق الإنسان”، موضحاً أنه كان أمراً متوقعاً وطبيعياً، وأن استمرار عمل المفوضية هناك كان استثناء، مشيراً إلى أنه قبل طرده، تم طرد موظفو العفو الدولية، بالإضافة إلى النشطاء الدوليين.
وأوضح “شاكر” إن الغياب الفعلي للعقوبات من قبل المجتمع الدولي هو بمثابة “ضوء أخضر” يُمنح لإسرائيل لترتكب ما يحلو لها من انتهاكات، مشيراً إلى أنهم “يقومون بإخراس المدافعين عن حقوق الإنسان ويواصلون اتباع أكثر الممارسات التي يتم التنديد بها”، كبناء المستوطنات مثلاً.
يُذكر أن السلطات الإسرائيلية وافقت يومي الأربعاء والخميس على بناء ما يقرب من 5000 منزل في مستوطنات الضفة الغربية، وفقا لمنظمة السلام الآن.
وتجعل هذه التصاريح من عام 2020 عامًا قياسيًا – حيث تمت الموافقة على بناء 12159 وحدة سكنية في هذه المرحلة – منذ أن بدأت المنظمة غير الحكومية الإسرائيلية المناهضة للاستعمار في المحاسبة عن بناء المساكن الجديدة في المستوطنات عام 2012.
من ناحية أخرى شجبت وزارات خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإسبانيا وإيطاليا، في بيان مشترك يوم الجمعة، بناء تلك الوحدات السكنية، حيث جاء في البيان أن “التوسع الاستيطاني ينتهك القانون الدولي ويقضي على حل الدولتين لتحقيق سلام عادل ودائم في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا