شارك الأمير تركي الفيصل، وهو عضو بارز في العائلة الحاكمة السعودية، في حوار المنامة في 6 ديسمبر الجاري، وهو مؤتمر يُعقد كل سنة في عاصمة البحرين ويجمع مجموعة من الدبلوماسيين والجنود العرب والغربيين. 

وقبل ذلك بأيام قليلة، كشفت الصحافة الإسرائيلية عن لقاء سري في المملكة العربية السعودية بين بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ومحمد بن سلمان ولي عهد المملكة السعودية، وهذا يعد سابقة تاريخية يُنظر إليها على أنها مقدمة محتملة لاعتراف المملكة السعودية بالدولة العبرية. 

لكن العكس هو ما حدث تماما، حيث انتقد الأمير السعودي تركي الفيصل، البالغ من العمر 75 عامًا، “نفاق” إسرائيل، بكلمات لم نعتد سماعها من النخب الخليجية، مشيرا إلى أن إسرائيل التي “تقدم نفسها كدولة صغيرة ذات وجود مهدّد”، هي “آخر قوة استعمارية غربية في الشرق الأوسط”، تحبس الفلسطينيين “في معسكرات الاعتقال”، وتهدم المنازل كما تشاء وتقوم باغتيال من تشاء. 

ولوضع حد “لهذه المهزلة المأساوية”، حث الأمير الحكومة الإسرائيلية على اغتنام مبادرة السلام العربية، التي تعِدُ إسرائيل بالاعتراف بالأعضاء الـ 22 في جامعة الدول العربية مقابل إنشاء دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة سنة 1967. 

وأضاف تركي الفيصل مستنكرا: “لا يمكنكم معالجة جرح مفتوح بمسكنات الألم”، في انتقاد ضمني للاتفاقيات الموقعة بين أبو ظبي والمنامة. 

علاقة ودية مع الملك سلمان

على الرغم من أن رئيس الاستخبارات السعودي السابق كان حريصًا على توضيح أنه كان يتحدث بصفته الشخصية، إلا أن انتماءه لأحد الفروع الأكثر احترامًا داخل آل سعود وسجله المرموق في الخدمة أعطى كلماته وزنا كبيرا.

وإزاء ذلك، لم يستطع وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي إخفاء غضبه، فقد صرحه خلال مداخلته –مباشرة بعد تصريحات الأمير- أن “اتهامات ولي العهد السعودي الباطلة لا تعكس التغيرات في المنطقة”. 

وفي أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ألقى الأمير بندر بن سلطان (71 عاما)، وهو أيضا صاحب وزن في الأسرة الحاكمة السعودية وسفير سابق في واشنطن، خطابا كان له نكهة معاكسة تماما لخطاب الأمير تركي الفيصل. 

ففي مقابلة مع قناة العربية، وجّه انتقادات صارمة ضد القيادة الفلسطينية، معتبراً مؤسسها ياسر عرفات كاذبا وناكرا للجميل، بعد أن أضاع فرص السلام بشكل منهجي. 

ويُظهر هذا التناقض الانقسام الحاصل في الأسرة الحاكمة السعودية فيما يتعلق بقضية التطبيع شديدة الحساسية. 

تصريحات بندر، التي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة في المملكة، تربطه بولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فمنذ صعوده سنة 2015، ضاعف ولي العهد -الذي يعتبر التهديد الإيراني أهم من القضية الفلسطينية- تودده تجاه إسرائيل، مما يعطي الانطباع بالاستعداد للاعتراف بهذه الدولة. 

أما تصريحات تركي فهي تضعه في صف الملك سلمان، والد محمد بن سلمان، باتخاذه نهجًا دبلوماسيًا كلاسيكياً، معاديًا للتطبيع الذي قد يأتي على حساب المصالح الفلسطينية.

معادلة معقدة للغاية

يقول حسين إيبش، الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن: “هناك فجوة بين الأجيال، لكن هناك أيضًا معادلة معقدة للغاية، حيث أن تصريحات تركي الفيصل تذكرنا بأن السعودية ليست الإمارات ولا البحرين، فبالنظر إلى مسؤولياتها الإسلامية الشاملة، فإن للمملكة مخاوف فريدة. “

فالحج إلى مكة، الذي يجذب ملايين الحجاج إلى المملكة، هو ثاني أكبر مصدر دخل في البلاد بعد صادرات النفط، قد يؤدي التطبيع السريع مع الكيان الإسرائيلي إلى الإضرار بصورة المملكة في العالم الإسلامي وتعريض هذه الثروة المالية للخطر. 

وحقيقة أن الأميرين السبعينيين كانا قادرين على التعبير عن آرائهما بهذه الطريقة، يدل على أن القضية لم تُحسم بعد بشأن التطبيع مع إسرائيل. 

لكن التغطية الإعلامية الكبيرة في المملكة لتصريحات بندر مقارنة بتصريحات تركي يشير إلى أن الغلبة ستكون للتطبيع مع إسرائيل عاجلا أم آجلا.  

المصدر