العدسة – إبراهيم سمعان

“الإخفاق السعودي في حرب اليمن”.. عنوان علقت به صحيفة “لوموند” الفرنسية على سقوط عدن في أيدي الحراك الجنوبي، مشيرة إلى أن الفوضى والتقسيم الذي يعم البلاد نتيجةُ خلاف السعودية والإمارات على كيفية إدارة الأزمة التي أدت إلى آلاف القتلى والجرحى.

وأوضحت في افتتاحيتها، أنه وفقا للأمم المتحدة، بعد التدخل العسكري للرياض، أصبحت اليمن أكثر انقساما من أي وقت مضى، وباتت تواجه “أسوأ أزمة إنسانية على كوكب الأرض”.

وقالت الصحيفة: أعرب زعماء الخليج عن أسفهم لعدم كفاءة واشنطن والكارثة التي سببها غزوها للعراق عام 2003، لكنهم لم يظهروا الحد الأدنى من الوضوح تجاه الفوضى الخاصة بهم في اليمن”.

وأضافت “الحلقة الأخيرة من الهبوط للهاوية لما عرف في السابق بـ (العربي السعيد)، هو استيلاء الميليشيات المحلية ذات الصلة بالحركة الانفصالية الجنوبية على ميناء عدن”.

وأشارت “لوموند” إلى أنه كان يوجد بالفعل لليمنيين ثلاث دويلات؛ إحداهما، تلك التي يسيطر عليها المتمردون الحوثيون، المتواجدون في العاصمة صنعاء ومعظم المرتفعات في الشمال، والأخرى، تلك التي تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، والتي تمتد على طول الساحل الجنوبي والغربي، وكذلك في الصحراء الشرقية وبعض الجيوب في الشمال.

أما اليمن الثالثة فتوجد حاليا في عدن، تكتب الصحيفة، وفي المقلة والطرف الشرقي من البلاد، حيث يوسع الانفصاليون الجنوبيون قبضتهم، ناهيك عن “المناطق الرمادية” التي ينشط فيها تنظيم القاعدة.

وأكدت أنه من المفارقات، أن تَفَكُّك البلاد، ولاسيما ظهور الحركة الجنوبية – التي لها جذور عميقة في التاريخ اليمني – هو نتيجة الاختلافات في النهج بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، العضوين الرئيسيين في التحالف العربي الذي تدخل في مارس 2015 باليمن لوقف التهديد الحوثي (الشيعة المدعومون من إيران) المنافس الإقليمي للمملكة الخليجية السنية.

أبو ظبي، لا تثق في الرئيس المنفي عبد ربه منصور هادي، الذي تستضيفه وتحميه الرياض، وذلك بسبب صِلاته بجماعة الإخوان المسلمين، ما يُقوض باستمرار سلطته الهشة بالفعل، وتجاه هذا تتّبع السعودية أسلوب عدم التدخل، من خلال مزيج من عدم الاتزان وعدم الكفاءة، تنوه”لوموند”.

أكثر من 10 آلاف قتيل

وقالت: قرار شن هذه الحرب، اتخذته السعودية دون التشاور مع حلفائها، بدءا من الولايات المتحدة، ففي مارس 2015، كان باراك أوباما لا يزال في البيت الأبيض، وكانت علاقاته مع الرياض في أدنى مستوياتها.

وذكرت أن النظام الملكي السعودي الذي سيطر عليه “الصقور” من خلال محمد بن سلمان ولي العهد الشاب وابن الملك سلمان،كان يشتبه في أن الرئيس الأمريكي يريد التضحية بأمن حلفائه التقليديين في الخليج، للتوصل إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، الذي كان في مرحلة التفاوض، ومن أجل عدم المساس به، غض أوباما الطرف عن تهديد طهران لحدود المملكة، في إشارة إلى الحوثيين.

من خلال حملتهم في اليمن، أراد القادة السعوديون إثبات أنهم قادرون على إدارة سياساتهم الخاصة، والنتيجة هي الفشل- تكتب “لوموند”- دُمرت البنية التحتية لليمن، البلد العربي الأكثر فقرا، بشكل منهجي بسبب القصف الجوي للتحالف العربي، يزيد عدد القتلى عن 10 آلاف شخص، وهو الرقم الرسمي الذي أحصته الأمم المتحدة منذ عام ونصف.

كما تسبب الحصار الذي تفرضه القوى العربية على البلاد في “أسوأ أزمة إنسانية على كوكب الأرض”، وبحسب الأمم المتحدة: 7 ملايين نسمة، أي ربع السكان، على وشك المجاعة، ومليون شخص مصابون بالكوليرا، وحكومة هادي، الذي لا يزال في المنفى بالرياض، ليس لها تقريبا أي سيطرة على اليمن.

وفي ختام افتتاحيتها قالت الصحيفة: لقد حان الوقت لتذكير السعودية والإمارات بأن الحرب في اليمن سيتبعها إعادة إعمار، والرياض ستتكبد، على مدى عقود قادمة، عبء الجارة المدمرة وملايين البؤساء على حدودها.