إبراهيم سمعان

“لا توجد خطة سلام في الشرق الأوسط دون تقاسم القدس”.. هذا الموقف، الذي يتوافق مع مطالب الفلسطينيين ومعايير حل النزاع التي طالما دافعت عنها جامعة الدول العربية والعواصم الأوروبية الرئيسية، أعيد التأكيد عليها مؤخرا من قبل المملكة العربية السعودية.

هذا ما شهده مؤتمر صحفي أعد بعناية، من قبل حاشية الملك سلمان، بعد سلسلة من التقارير التي نُشرت في الأشهر الأخيرة، وتشير إلى أن الرياض، في محاولة لإرضاء إسرائيل والولايات المتحدة معا، يمكن أن تتخلى عن هذه القضية الرئيسية.

ووفقا لما ذكرته صحيفة “لوموند” الفرنسية، قال دبلوماسي عربي كبير لرويترز بالرياض: ” في المملكة العربية السعودية، الملك وحده من يتخذ أي قرار بشأن هذا الموضوع الآن وليس ولي العهد”.

وأوضح أن خطأ الولايات المتحدة كان هو الاعتقاد بأن بلدًا واحدًا قد يجبر الآخرين على الاستسلام، لكن الأمر لا يتعلق بالضغوط، لا يستطيع أي زعيم عربي تقديم تنازلات حول القدس أو فلسطين.

في نهاية عام 2017، أفادت العديد من المصادر الدبلوماسية أن ولي العهد محمد بن سلمان، قد أعطى الضوء الأخضر لخطة السلام التي أعدها رجل الأعمال جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بحثًا عن  “اتفاق نهائي” حول القضية الفلسطينية.

من جهتها قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، إن ولي العهد البالغ من العمر 32 عاما، ضغط على الرئيس الفلسطيني للقبول بهذه الصفقة التي جاءت مغايرة لخطة الملك عبد الله عام 2002، وحظيت بدعم من الجامعة العربية، واشترطت للاعتراف بإسرائيل وانسحابها من الأراضي المحتلة عام 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية وأن تكون القدس الشرقية عاصمة  لها.

وعزا محللون انحراف محمد بن سلمان عن هذا الخط لرغبته في إضفاء الطابع الرسمي على تكوين جبهة ضد إيران، والجمع بين الولايات المتحدة ودول الخليج وإسرائيل.

وأجمعت الصحافة الإسرائيلية على اعتبار أن الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود قد دفن بالتأكيد ما قدمه الرئيس الأمريكي في الأشهر الأخيرة على أنه “صفقة القرن”، حيث  فاجأت السلطات السعودية العالم العربي برفض النهج الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية.

وأشارت إلى أن الملك سلمان قال في رسالة إلى حليفه الأمريكي، إنه سيرفض أي عملية سلام لا تعترف بالقدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية المستقبلية وتحسم قضية اللاجئين الفلسطينيين وهو موقف مشترك أيضًا من قبل معظم الدول العربية.

واعتبرت صحيفة “معاريف”، أن الرياض قتلت خطة الإدارة الأمريكية التي كانت تسعى لفرضها في الشرق الأوسط، قائلة إن الرسالة التي بعث بها الملك سلمان إلى البيت الأبيض، والتي عبر فيها عن رفضه “لاتفاق القرن” أحبطت دونالد ترامب، الذي اعتقد أن الرياض كانت حليفاً لواشنطن.

وأكدت مصادر دبلوماسية في تصريحات، نقلتها وسائل إعلام روسية، أن الملك سلمان هو صانع القرار في قضايا الشرق الأوسط، وقدم ضمانات قوية لدعم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعبارة أخرى، فإن ولي العهد أصبح على الهامش فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

كما نقلت “هارتس” عن دبلوماسيين شاركا في محادثات السلام: “لقد عبر الملك السعودي عن دعمه للموقف الفلسطيني وأكد للزعماء العرب أن المملكة لا تزال تشارك في مبادرة السلام العربية لعام 2002”.

وقالت الصحيفة إن الملك السعودي كان قد أعرب عن هذا الموقف في سلسلة من المحادثات الهاتفية التي عقدها مؤخرا مع كبار المسؤولين الأمريكيين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وغيره من القادة العرب.

كما أصدر الملك سلمان أمرا عاجلا بتخصيص 80 مليون دولار للسلطة الفلسطينية للتعويض عن الخسائر الناجمة عن قطع المعونة الأمريكية، وفقا للصحيفة.

ونقلت “هآرتس” عن مصدر دبلوماسي لم يذكر اسمه القول إن “التحول في الموقف السعودي من خطة السلام جاء نتيجة اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية هناك”.

وأضافت لقد أبلغ السعوديون الإدارة الأمريكية: “لا يمكننا الآن تنفيذ ما وعدنا به قبل قرار الولايات المتحدة بشأن القدس”.