صنفت مجلة “تايم” الأمريكية هذه الجدة من بين أكثر 100 شخصية مؤثرة في العام لنضالها في اعتصام طويل ضد قانون الجنسية العنصري

نشرت صحيفة التايم الأمريكية، في 23 سبتمبر/أيلول المنصرم، قائمتها لأكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم لهذا العام، القائمة ضمت 5 هنود، أبرزهم كان رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي احتفى به الشعب لوجود اسمه في القائمة، دون الإشارة إلى البقية، حيث يشكل بعضهم إحراجاً لـمودي بسبب صراعهم الأزلي معه.

إلى جانب ناريندرا مودي، اختارت التايم رافيندرا جوبتا، أستاذة علم الأحياء الدقيقة بجامعة كامبريدج، لأبحاثها في مجال فيروس نقص المناعة البشرية، وسوندار بيتشاي، رئيسة “غوغل”، ومهاجرة هندية، وأيوشمان خورانا، ممثل بوليوود الشهير، وأخيراً السيدة الثمانينية “بلقيس”.

“بلقيس”.. لن يعني اسمها كثيراً للقراء، فهي امرأة مجهولة، لم يُنشر عنها قبل أن تقرر “التايم” ضمها إلى القائمة. تنحدر هذه الأرملة التي تبلغ من العمر 82 عاماً من إقليم أوتار براديش، وتعيش حالياً مع أبنائها في دلهي.
بدأت قصة “بلقيس” عند انضمامها في اعتصام “شاهين باغ”، حيث تُعد أحد أبطاله، الذين شاركوا في الاعتصام دون كلل أو ملل لمدة 101 يوماً بدءً من 16 ديسمبر/كانون الأول 2019.
لم يمنعها كِبر عمرها من المشاركة في الاعتصام، والانضمام إلى مائتي امرأة آخرين في إغلاق طريق سريع في العاصمة، اعتراضاً على قانون الجنسية، وهو قانون عنصري من الدرجة الأولى، ويعتبر تمييزيًا ضد المسلمين الهنود، الذين يمثلون 14٪ من سكان البلاد، أي حوالي 200 مليون نسمة.

أصبح معسكر شاهين باغ بؤرة الاحتجاج الرئيسية على هذا القانون العنصري، حيث توافد إلى هناك محامون وطلاب وشخصيات عامة وصحفيون وفنانون من جميع الفئات والطبقات، مسلمين وهندوس، لدعم النساء ورفع العلم الهندي وتلاوة ديباجة الدستور والدفاع عن الحقوق الأساسية التي يقف الجميع سواسية أمامها.
لم يوقف نضالهم شيئًا، لا برد الشتاء، ولا تهديدات الشرطة، ولا إهانات الحزب الحاكم، ولا حتى العنف الطائفي الرهيب في فبراير/شباط الذي شهدته الأحياء الشمالية الشرقية من دلهي ذات الأغلبية المسلمة.

“لن أبرح هذا المكان إلى أن يتوقف الدم عن التدفق في عروقي… سأناضل حتى يتنفس أطفال هذا البلد والعالم كله هواء العدل والمساواة”… هكذا كانت تردد بلقيس في كل أيام الاعتصام، الذي كانت تتخذ فيه مكاناً في الصفوف الأولى دائماً، مرتدية وشاحًا ملونًا مع الساري الهندي الشهير، وفي يدها مسبحة.
قالت بلقيس، الملقبة بـ “دادي” (الجدة)، ذات مرة: “لقد صمدت أكثر من ثلاثة أشهر على الأسفلت للدفاع عن فكرة توحيد الهند”.

ظل هذا الاعتصام صامداً شهوراً أمام المضايقات الحكومية والطائفية، لم يتغلب عليه سوى “وباء كورونا”، حين تفشى بشدة في العالم أجمع، ليصدر قرار رسمي من رئيس الوزراء في 24 مارس/آذار 2020 لبلقيس وبقية النساء الأخريات بالعودة إلى ديارهن، في محاولة للتصدي للفيروس.

إن اختيار “بلقيس” في تصنيف “التايم” ليس اختياراً رمزياً فقط؛ لأن هذه الحركة السلمية المكونة من نساء “بسيطات” وجدات، فعلت أكثر بكثير من كل الاحتجاجات التي خرجت اعتراضاً على العنصرية والاضطهاد الذي يعاني منه مسلمو الهند من قبل القوميين الهندوس، كما أنه أعطى صوتاً للنساء اللائي كن يلتزمن الصمت أغلب الوقت، ولم يعتدن سوى على البقاء في المنزل.

اختيار “نارديرا مودي” ضمن القائمة، لم يكن تكريماً له، بل بسبب سياسته المعادية للمسلمين ومطاردته للمعارضين، كما ذكرت المجلة التي خصصت بالفعل، في مايو/أيار 2019، صفحتها الأولى لرئيس الوزراء الهندي مع عنوان صادم ” divider in chief”، في إشارة إلى أنه الرئيس الذي يعمل على تقسيم البلاد ويتبع العنصرية في التعامل مع المواطنين.
ومن الجدير بالذكر أن كاتب المقال، وهو صحفي مستقل، آتيش تيسير، سُحبت تأشيرة إقامته الأجنبية في الهند بعد ذلك بوقت قصير، حيث كان يُقسم وقته بين لندن ونيودلهي، حيث تقيم والدته وهي صحفية هندية. لم يتمكن “تيسير” منذ ذلك الحين من العودة إلى الهند، ويعيش حالياً في الولايات المتحدة وحصل على الجنسية الأمريكية.

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا