العدسة – إبراهيم سمعان

في ظل الانتقادات المستمرة للأوضاع الكارثية التي تعيشها اليمن والتي وصفتها الأمم المتحدة بأنها “أسوأ أزمة إنسانية” بسبب الحرب التي شنها التحالف العربي، تحاول السعودية تجميل صورتها التي تضررت بشدة في الخارج، من خلال تقديم التمور والأسبرين إلى اليمنيين.

هذا ما خلصت إليه الكاتبة هالة قضماني، في مقال لها بصحيفة “ليبراسيون” الفرنسية، والذي تحدثت فيه عن شاحنات المساعدات التي قررت السعودية إرسالها لليمن، عقب ساعات من الأوامر الملكية التي أصدرها الملك سلمان بن عبدالعزيز، مستهدفة قطاعات واسعة، وأسفرت عن إقالة كبار قادة الجيش.
وأوضحت الكاتبة أنه بعد عمليات التطهير التي طالت أمراء ومسؤولين كبارًا ووزراء في الدوائر السياسية والاقتصادية بالسعودية، استهدفت حاليا قيادتها العسكريين، على أمل استعادة السيطرة على الصراع في اليمن.

وقالت “قضماني”: آخر تطهير في التسلسل الهرمي العسكري السعودي يبدو أن الهدف منه مزدوج، حيث تم الإعلان عن إقالة كبار القادة العسكريين السعوديين، بمن فيهم رئيس الأركان، يوم الاثنين، بموجب مرسوم ملكي.

وبينت أن القرارات هي جزء من حملة الاعتقالات التي شملت الدوائر السياسية والدينية والتجارية للمملكة، التي بدأها منذ أكثر من عام ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لكن ما وراء التغييرات الأخيرة من الرجل القوي الجديد في السعودية، هو السعي إلى إيجاد مخرج في اليمن.

وأشارت إلى أن ولي العهد السعودي غارق بشدة في الحملة التي أطلقها منذ ثلاث سنوات على جاره لدعم السلطة الموالية له، ضد المتمردين الحوثيين المؤيَّدين من إيران.
وأكدت “قضماني” أن الحرب التي كلفت الرياض مليارات الدولارات بالفعل، دمرت اليمن، وقتلت أكثر من تسعة آلاف شخص، وعلى الرغم من قوة عتاده لا يزال الجيش السعودي غير قادر على إحداث أي تغيير.

ومن خلال ضخ دماء جديدة في جيشه، وتشجيع العديد من الضباط على تولي مناصب القيادة، تكتب “قضماني”، تأمل المملكة السعودية في تحسين أدائها، حيث رافق مرسوم تعيين قادة عسكريين جدد للجيش إستراتيجية إعادة هيكلة لوزارة الدفاع، من أجل زيادة الكفاءة وتقليص الفساد.

وأكدت أنه بالإضافة إلى ذلك، فإن الهجمات الجوية المتكررة التي تشنها القوات السعودية، والحصار المفروض على مناطق المتمردين، أصبحت مُدمرة لدور المملكة وصورتها في الخارج.

وأوضحت أنه إلى جانب قرار إجراء تغييرات في قيادات الجيش، أتبع ذلك إعلان آخر في نفس اليوم، إرسال 10 شاحناتِ مساعداتٍ إنسانية كبيرة إلى اليمن، وهو التبرع الذي جاء من قبل مركز الملك سلمان للإغاثة الإنسانية، وشمل 26000 صندوق من التمور، و8000 سلة غذائية، و210 آلاف عبوة من المنتجات الطبية.

وقالت “قضماني” إن المساعدات هذه جزء من مبادرة أطلقت قبل شهر، إذ تسعى دول التحالف العربي المتدخلة عسكريا في اليمن بقيادة السعودية إلى تعويض اليمنيين عن الأضرار التي ألحقتها بهم صواريخها من خلال تقديم التمور والأسبرين.

وكان مدير العمليات في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، جون جينج، وجه نداء استغاثة للمنظمات الدولية، لما وصفه بالظروف الكارثية في اليمن.
وقال في كلمته أمام الجلسة الأخيرة للمجلس، إن أكثر من مليوني يمني يحتاجون لمساعدات عاجلة، منهم أكثر من ثمانية ملايين يواجهون نقصا حادا في الغذاء، وأشار إلى أن أكثر من أربعمائة ألف طفل تحت عمر خمس سنوات، معرضون لخطر الموت، بسبب سوء التغذية.
كما نوه بأن هناك مليوني شخص مهجر، أغلبهم غادر خلال السنة الماضية، وهناك أكثر من مليون شخص أصيبوا بالكوليرا منذ أبريل من العام الماضي، إضافة إلى أكثر من ثلاثة ملايين سيدة وفتاة معرضة لخطر العنف الجنسي.