بشير أبو معلا

خلال زيارته إلى طرابلس وبنغازي، حث وزير الخارجية الفرنسي محاوريه في ليبيا على إجراء انتخابات في النصف الأول من عام 2018، وفقا لخارطة طريق الأمم المتحدة.

تحت هذه الكلمات نشرت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية تقريرا عن محادثات “أيف لودريان” في ليبيا، والتي تركزت حول ضرورة تطبيق خطة العمل التي قدمها المبعوث الأممي غسان سلامة، في سبتمبر الماضي، وسبل مكافحة تهريب البشر، وضرورة احترام عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة.

زار جان أيف لودريان ليبيا الخميس، حيث التقى وزير الخارجية الفرنسي فايز السراج، رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس، وبعد بضع ساعات خليفة حفتر، المشير الذي يسيطر على بنغازي في شرق ليبيا.

زيارة وزير الخارجية جاءت بعد خمسة أشهر من اجتماع ضم الخصمين في “لاسيل سان كلو” قرب باريس، ونقل  “لودريان” لهما رسالة مفادها: الانتخابات الجديدة، التي اتفق الرجلان على تنظيمها عام 2018، ينبغي إجراؤها في فصل الربيع، إذا قال “لودريان”: “عندما أقول: الربيع، أعني الربيع، وأنا أعي جيدا ما أقول”.

خلال الأسبوع الذي سبقه زيارة رئيس الدبلوماسية الفرنسية، هزت العديد من الأحداث عملية السلام التي وضعها_بشق الأنفس_ غسان سلامة، المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا.

يوم الأحد، خطف واغتيل عمدة مصراتة، الذي لم يعلن حتى يومنا هذا أحد المسؤولية عنه، فمحمد إشتيوي، الذي التقى به “لودريان” خلال زيارته السابقة، اعتبر شخصية معتدلة، ضامنا لاستقرار هذه المدينة الساحلية القوية.

وفي نفس اليوم، قال خليفة حفتر، في تصريح تليفزيوني: إن اتفاق الصخيرات “مجرد حبر على ورق”، واعتبر أنه عفا عليه الزمن، بعد عامين من توقيعه،كما أكد الزعيم العسكري، الذي دأب دائما على تشويه عملية الأمم المتحدة، أنه لا يعترف بأي سلطة في ليبيا بخلاف سلطته.

(واتفاق الصخيرات أو الاتفاق السياسي الليبي، هو اتفاق شمل أطراف الصراع في ليبيا، وتم توقيعه تحت رعاية منظمة الأمم المتحدة في مدينة الصخيرات بالمغرب، بتاريخ 17 ديسمبر 2015، بإشراف المبعوث الأممي مارتن كوبلر، لإنهاء الحرب الأهلية الليبية الثانية المندلعة منذ 2014، ووقع عليه 22 برلمانياً ليبياً، على رأسهم صالح محمد المخزوم، عن طرف المؤتمر الوطني العام الجديد، ومحمد علي شعيب عن طرف مجلس النواب الليبي).

المؤسسات المتنافسة

وقد أعد غسان سلامة نسخة معدلة من اتفاق الصخيرات للسلام، لتوسيع نطاق تطبيقه، بعد 17 ديسمبر، صوت مجلس النواب في طبرق (الشرق) لصالح النص، ولكن المجلس الأعلى للدولة (الغرب) رفضها يوم الأربعاء.

هذا الأسبوع، خاضت المؤسستان المتنافستان معركة أيضا حول تعيين رئيس البنك المركزي الليبي، وانتخب برلمان طبرق محمد الشكري، وهو مصرفي متمرس، لهذا المنصب الحاسم في مستقبل البلاد، بينما رفض مجلس الدولة الأعلى هذا الخيار على الفور، وندد بأنه قرار “أحادي الجانب”.

وهبط جان إيف لودريان في ليبيا تحت وطأة التوتر الشديد، حيث كان من المتوقع أن يكون لقاؤه بحفتر، على وجه الخصوص، معقدا، كما اعترفت الكي دورسيه: “كنا نتوقع أنها ستكون أكثر صعوبة”، وفي النهاية، أكد الوزير أن حفتر طلب فقط عملية انتخابية عادلة وشفافة.

وأكد دبلوماسي فرنسي أن لديه مخاوف لوجستية وأمنية، وقال لنا: “أريد أن يكون ذلك أمرا لا يشوبه شائبة” ، في 17 ديسمبر، ألقى خطابا شديد اللهجة، عندما كانت هناك مظاهرات صغيرة، ولكن في النهاية لم يتحرك عسكريا، وبالإضافة إلى ذلك، فإنه غير قادر على الذهاب إلى أبعد من ذلك بكثير من خلال القوة، إذا بدأ حلفاؤه في الشرق باتخاذ موقف حازم تجاهه.

تسريع الوتيرة

ومن المرجح أن يترشح المشير حفتر، الذي يحلم بالسير على خطى عرابه المصري عبد الفتاح السيسي، في الانتخابات الرئاسية، و”هذه الانتخابات هي أيضا فكرة جاءت أصلا من معسكر الشرق، وحفتر بلا شك الشخصية الأكثر تميزا في ليبيا اليوم، فالإسلاميون أعداؤه الحقيقيون، لديهم مشاكل شعبية تحتاج لسنوات ” كما يوضح جلال حرشاوي، الذي يعد رسالة عن الصراع الليبي في جامعة باريس 8 ” لديه كل الفرص ويعرفها جيدا”.
وقد خطط غسان سلامة لتنظيم “حوار وطني” في بداية العام المقبل، يشارك فيه جميع الفاعلين بالمجتمع الليبي (باستثناء الجماعات الجهادية) في تحديد الجدول الزمني للانتخابات، ووضع الدستور الجديد المفترض، ليحل محل اتفاق الصخيرات، وحتى الآن، تحدث المبعوث الخاص للأمم المتحدة عن ثلاث انتخابات: استفتاء دستوري، انتخابات تشريعية ورئاسية.

باريس، تدفع لتسريع الوتيرة: “إن التركيز على الانتخابات، كما تفعل الدبلوماسية الفرنسية، أمر خطير”، يحذر جلال حرشاوي “نحن لم نتحدث عن قبل ولا بعد، أو ماذا سيكون رد فعل الخاسرين، وكيف سندمج الأطياف المختلفة، إذا أملى الرابح قانونه، فإن النزاع قد يبدأ من جديد”، في عام 2014، عجلت الانتخابات التشريعية بسقوط البلاد في حرب أهلية.