قالت صحيفة “ليبراسيون” الفرنسية إن قطر اكتسبت مكانة جديدة كمحاور مباشر مع طالبان، وأصبحت لا غنى عنها في إجلاء المدنيين الأفغان والرعايا الغربيين، موضحة أنه كدليل على هذا التأثير، قام وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لو دريان بزيارة الدوحة في الأيام الأخيرة.

وأضافت “ليبراسيون”: وزراء ومسؤولون غربيون زاروا قطر بوتيرة غير مسبوقة في الأسبوعين الماضيين، حيث كان لو دريان في الدوحة يومي الأحد والاثنين الماضيين، للقاء ثم تقديم الشكر للسلطات القطرية، إذ كان آخر الزائرين لهذا البلد الخليجي.

وأشارت إلى أنه قبل لو دريان، زار قطر كل من وزير الخارجية الأمريكي والألماني والهولندي والبريطاني والإيطالي، وجميعهم تحدثوا حول دور قطر في إجلاء عشرات آلاف الأشخاص من أفغانستان، ومن بينهم 49 فرنسيًا وأفراد عائلاتهم سافروا جوا بين كابول والدوحة يوم الجمعة ووصلوا إلى باريس بعد ظهر الاثنين.

وقال لو ديريان: عدد الفرنسيين المتبقين قليل، قليل جدًا”، لكن هناك “بضع مئات من الأفغان، الذين لهم علاقات مع المؤسسات الفرنسية أو دور في المجالات – الثقافة، الدفاع عن حقوق الإنسان حياتهم مهددة”.

ووفقا للصحيفة الفرنسية فإن قطر، التي تبعد حوالي 4000 كيلومتر عن كابول، أصبحت عاصمة النشاط الدبلوماسي واللوجستي الدولي المكثف، ونقلت عدة دول سفاراتها ودبلوماسييها المقيمين في كابول إلى هناك، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وهولندا واليابان.

وأكدت أن العلاقة الفريدة التي أقيمت في السنوات الأخيرة مع طالبان، جعلت قطر المركز والوسيط الرئيسي للدول المتضررة من الأزمة الأفغانية.

سواء كان ذلك يخص إجلاء الأجانب والأفغان الذين من المحتمل أن يتعرضون لردود انتقامية من طالبان منذ سيطرتها على مطار كابول في نهاية أغسطس/ آب أو مشاكل الأمن والهجرة، فإعادة فتح المطار أمام الرحلات المدنية يوم الاثنين الماضي جاء نتيجة لمفاوضات دبلوماسية مكثفة أجرتها قطر.

 

” حجر الزاوية”

ولفتت إلى أن أنتوني بلينكين، وزير الخارجية الأمريكي، الذي زار الدوحة يوم الثلاثاء 7 سبتمبر/ أيلول، برفقة وزير الدفاع لويد أوستن، أثنى على قطر قائلًا: تدخلت دول كثيرة للمشاركة في عمليات الإجلاء في أفغانستان، لكن لم يفعل أي منها أكثر من القطريين”.

وأكد بشكل رسمي أن “الرجال والنساء والأطفال الموجودين هناك لن ينسوا أيضًا ولا نحن” أن الدوحة قدمت على وجه الخصوص 10 آلاف وجبة ثلاث مرات في اليوم، وافتتحت مستشفياتها ونسقت عمل المنظمات الإنسانية.

وذكرت الصحيفة الفرنسية بأن هذه التصريحات تصدرت الصفحة الأولى لوسائل إعلام قطرية أو عربية ممولة من الإمارة الثرية، كما أطلق عليها “حجر الزاوية المؤثر للدبلوماسية الإقليمية”، بحسب رئيس الدبلوماسية البريطانية، دومينيك راب، في إشارة إلى عمليات الإجلاء المذهلة من المطار، والتي وصفت بأنها “أكبر عملية في عصرنا، حيث لم يكن التعاون فيها مع أصدقائنا القطريين دورًا صغيرا”.

وأمام هذا المدح والثناء من قبل أعظم دول العالم على قادة الإمارة، قال الشيخ ثامر بن حمد آل ثاني، مساعد مدير مكتب الاتصال الحكومي للشؤون الإعلامية، لليبراسيون: سنستمر في هذا الدور الوسيط ما دام يسهم في تحقيق استقرار البلاد.

وتابع “إننا نبذل قصارى جهدنا، بالتعاون الوثيق مع شركائنا الدوليين، للتوصل إلى تسوية سياسية شاملة بهدف إحلال سلام دائم في أفغانستان، فلعقود من الزمان، الوساطة بين الأطراف المتصارعة والحل السلمي للنزاعات كانت من أولويات السياسة الخارجية لدولة قطر “.

 

مكانة رائعة

ورأت اليومية الفرنسية أن الدوحة، التي توسطت منذ فترة طويلة في العديد من النزاعات في المنطقة، وخاصة تلك التي تضم أحزابًا إسلامية، لم تكتسب مثل هذه المكانة الرائعة على الساحة الدولية.

 وأكدت أن الأزمة الأفغانية جلبت لقطر عائدًا هائلًا من الاستثمار الدبلوماسي، فمنذ عام 2013، وبناءً على طلب من الرئيس الأمريكي آنذاك باراك أوباما، بدأت الدوحة محادثات مع طالبان، ثم استضافت البلاد المفاوضات التي اختتمت في عام 2020 بين الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترامب وطالبان.

وتلاحظ دينا اسفندياري، كبيرة مستشاري برنامج الشرق الأوسط بمجموعة الأزمات الدولية المحللة والزميلة في معهد بلفير الذي يعنى بشؤون الأمن الدولي: هذا انتصار دبلوماسي كبير لقطر، التي ظلت لسنوات عديدة وسيط في المنطقة”.

وأضافت “كما أنه انتصار للإمارة التي اختلفت في السنوات الأخيرة، على جيرانها الذين فرضوا حصارًا عليها منذ ثلاث سنوات”، حيث قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر العلاقات معها في يونيو/ حزيران 2017 وفرضت حصارًا على الدوحة، إضافة إلى محاولات عزلها قبل إدارة ترامب وإهمالها من قبل فرنسا على وجه الخصوص.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول لقد أقامت قطر علاقات مع طالبان من خلال تكريس الكثير من الوقت لها، “لكن يجب أن تكون حريصة على ألا يُنظر إليها على أنها قريبة جدًا من طالبان”، تؤكد دينا إسفندياري.

وأضافت “لذلك يصر القطريون على دورهم كوسيط محايد في أفغانستان، وعليهم أن يحافظوا على اتصال مفتوح مع قادة البلاد الجدد، مع الحفاظ في نفس الوقت على الثقة الموضوعة فيهم، اليوم، من قبل القوى الدولية.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا