تشهد مناطق القتال جنوب العاصمة الليبية تقلبا سريعا للسيطرة بين قوات حكومة “الوفاق الوطني” وقوات اللواء المتقاعد “خليفة حفتر”، وسط مواجهات عنيفة أوقعت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين خلال بضع ساعات.
وقصف سلاح الجو التابع لحكومة “الوفاق” الليبية اليوم الأربعاء، معسكرات تابعة لقوات “حفتر” في مدينة “غريان” جنوب طرابلس، كما خاضت قوات الوفاق اشتباكات لاستعادة السيطرة على مطار طرابلس الدولي.
وتسعى قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، والتي تسيطر على العاصمة طرابلس، لضرب خطوط إمداد قوات حفتر.
ويذكر أن المعارك تدور في مساحة كبيرة، فكلا الطرفيين عرضة للاختراق من الطرفين اللذين تبادلا الغارات الجوية على أهداف مختلفة، بما فيها مطار طرابلس المدمر ومطار معيتيقة المدني الذي استهدفته قوات “حفتر”، فضلا عن قاعدة الوطية، وهي القاعدة الوحيدة لقوات “حفتر” غربي ليبيا.
وكان وزير خارجية حكومة الوفاق “محمد سيالة” بعث رسالة إلى مجلس الأمن الدولي أمس، أكد فيها تجنيد حفتر أطفالا في هجومه على طرابلس.
وعقد مجلس الأمن الدولي اليوم الأربعاء جلسة طارئة مغلقة لبحث التصعيد العسكري الجاري بليبيا.
وعقدت الجلسة في ظل مواقف متباينة بين الدول الأعضاء من الهجوم الذي بدأ الخميس الماضي أثناء وجود الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيريش” في ليبيا.
ويذكر أن روسيا رفضت إصدار بيان عن مجلس الأمن بشأن الأوضاع في ليبيا، واعترضت على ذكر قوات “حفتر” بالاسم في البيان، وأصرت على إبقاء البيان موجها لكل الأطراف.
وأصرت على أن يحث البيان الرسمي كافة القوات الليبية على وقف أعمال القتال، لكن التغيير الروسي المقترح قوبل بالرفض من الولايات المتحدة.
وكانت حكومة “الوفاق” أطلقت الأحد الماضي عملية “بركان الغضب” لدحر قوات “حفتر” التي بدأت هجومها الخميس الماضي بالسيطرة على مدينة غريان جنوب طرابلس دون قتال بموجب اتفاق مع كتيبة عسكرية محلية.
وقال المتحدث باسم قوات حكومة الوفاق “محمد قنونو” أمس إن قواته لم تستخدم بعد السلاح الثقيل خشية إلحاق الضرر بالمدنيين في مناطق الاشتباكات، على غرار قصر بن غشير ووادي الربيع والعزيزية جنوب طرابلس، متهما قوات “حفتر” بالتمركز وسط المناطق السكنية.
وجه وزير خارجية حكومة الوفاق الوطني “محمد الطاهر” سيالة رسالة إلى رئيس مجلس الأمن الدولي طالب فيها بتدخل عاجل لوقف الهجوم على طرابلس.
وكانت حكومة الوفاق وصفت هجوم قوات “حفتر” بأنه عدوان، وأجرى رئيسها “السراج” اتصالات مع قادة أجانب بينهم الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون”، ورئيس الوزراء الإيطالي “جوزيبي كونتي”، سعيا لحشد مواقف دولية ضد الهجوم.
وقال وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو” “إن بلاده حثت “حفتر” على العودة إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى حل سياسي في ليبيا”.
وشدد “بومبيو” على أن قوة السلاح ليست السبيل إلى حل النزاع الليبي، مؤكدا أن العملية السياسية يجب أن تؤتي ثمارها وأنه ينبغي عدم سفك الدماء.
تهديد المدنين
واتهم المتحدث الليبي الموالين لـ”حفتر” لإطلاق الصواريخ على الأحياء السكنية بصورة عشوائية، مؤكدا في هذه الأثناء أن سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق استهدف أرتالا عسكرية لقوات حفتر كانت متجهة إلى المنطقة الغربية من منطقة الجفرة.
ورغم أن الحياة ظلت عادية في معظم أحياء مدينة طرابلس، فإن أكثر من ثلاثة آلاف مدني اضطروا للنزوح من مناطق المواجهات، بينما قالت “الأمم المتحدة” أمس، “إنها أجلت أكثر من 150 من المهاجرين غير النظاميين كانوا في مركز توقيف بالعاصمة الليبية”.
وقالت الأمم المتحدة إن 2800 شخص نزحوا بسبب الاشتباكات وقد يفر عدد أكبر وإن بعض المدنيين محاصرون. كما تعتزم الأمم المتحدة سحب موظفيها غير الضروريين.
واعتبرت أن الإنتشار السريع للقوات المسلحة، يؤدي إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان. وأضافت أن وكالات الإغاثة على الأرض لديها ما يكفي من الإمدادات الطبية الطارئة لعلاج ما يصل إلى 210 آلاف شخص والتعامل مع 900 حالة إصابة لمدة ثلاثة أشهر.
ونقلت القيادة الأمريكية العسكرية في أفريقيا وحدة من القوات الأمريكية بشكل مؤقت، وذلك بسبب تصاعد الاضطرابات في ليبيا.
وقالت خدمات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة إنها لم تتمكن من دخول المناطق التي يدور فيها القتال.
وقال مسؤول محلي من بلدية “غريان” إن المدينة تشهد أوضاعا إنسانية وأمنية صعبة، منذ دخول قوات “حفتر” إليها الأسبوع الماضي.
وأضاف أن هذه القوات بدأت باعتقال عشرات المواطنين في غريان للاشتباه في عدم ولائهم.
في السياق نفسه، صرح عضو فيما يعرف بلجنة الأزمة في طرابلس الكبرى بأن قرابة عشرة آلاف شخص نزحوا من مناطق الاشتباكات جنوب العاصمة. وأضاف أن المدارس والمؤسسات الحكومية جنوب المدينة أغلقت أبوابها بسبب الاشتباكات.
من ناحية أخرى، اتهمت حكومة “الوفاق” قوات “حفتر” بتجنيد الأطفال كمقاتلين في هجومها على طرابلس. وأكد وزير الداخلية في حكومة الوفاق “فتحي باشاغا” في بيان رصد قاصرين “أشبه بالمرتزقة” في صفوف قوات “حفتر”.
ويذكر أن أطراف ليبية داعمة لحكومة “الوفاق” اتهمت فرنسا بأنها أعطت الضوء الأخضر للهجوم، وهو ما نفته باريس التي قالت “إنها لم تكن على علم به”.
وكان من المقرر عقد الأمم المتحدة للمؤتمر الوطنى في مدينة غدامس جنوبي ليبيا، في محاولة لإنهاء الانقسام السياسي، والإعداد لانتخابات في أقرب وقت.
وبسبب التدعيات والتصعيد العسكري، تم تأجيل المؤتمرالذي كان مقررا عقده منتصف الشهر الحالي.
وقال المبعوث الأممي “غسان سلامة”، “لا يمكن لنا أن نطلب الحضور للملتقى والمدافع تضرب والغارات تشن”، مؤكدا تصميمه على عقد الملتقى “بأسرع وقت ممكن”.
اضف تعليقا