يمكن لأي منتوج متوسط الجودة/منخفض التكلفة أن يصبح عالي الجودة ويدخل في خانة المنتوج الفخم أو الـ luxury بتغيير ثلاثة عناصر: مكان البيع، زمان البيع، وطريقة التغليف/التقديم.

سأشرح لكم بإعطاء أمثلة بسيطة، إذا اشتريتم سروال جينز من السويقة أو حي شعبي سيكون ثمنه أقل من ذاك المعروض في محلات الملابس بشارع محمد الخامس أو أكدال أو أروقة الأسواق الممتازة، رغم أن السروال هو من نفس النوعية والجودة. ويتحكم في السعر هنا عنصر المكان، فصاحب المحل يبيعك السروال وجزءا من ضريبة المحل وثمن الكهرباء والموقع الاستراتيجي… وبمجرد أن يخرج السروال من واجهة العرض الزجاجية، سيبدو كإخوانه السراويل الأخرى التي تباع على الأرض أو متاجر صغيرة بين الأزقة. وهذا ينطبق على المقاهي ومتاجر الأجهزة الإلكترونية … فيمكن أن تشتري نفس التلفاز بنفس المواصفات من “الغزا” بسعر أقل بكثير من مكان كـ electroplanet أو biougnach أو FNAC …على العموم، تلك المحلات لديها زبناؤها ولا تخشى كسادا.

ننتقل الآن لعنصر الزمان، وربما يتجلى ذلك في المناسبات والأعياد، فقبل رمضان بأسبوع مثلا، ترتفع أثمنة البصل والطماطم رغم وفرتها، فتجد الناس مقبلين عليها بلهفة كأنها ستنضب من السوق، وهنا يتجسد غباء المستهلك، حيث أن خوفه من نفاذ السلعة يجعله يشتري كميات كبيرة بثمن يرهق الجيب، ولو اشترى ما يكفيه لليوم الأول، ثم اشترى الباقي بعد دخول رمضان، لكانت المصاريف أقل.

المناسبات تكون كرأس السنة أيضا، فالمحلات تغري الناس بالتخفيضات المهمة و الـ liquidation بينما السلع في الأصل تباع بنفس الثمن، يضعون فقط لافتة كتب عليها 70-% أو شيئا من هذا القبيل لإيهام الجماهير بأن الثمن قد تم إنزاله … وتضحكني استراتيجية الأسواق الممتازة في عيد الأضحى عندما يقترحون pack فيه ثلاجة وآلة غسيل وتلفاز بثمن معين، ويعطونك آلة تحميص أو مايكروويف هدية، والواقع أن ثمن الپاك يشمل الهدية أيضا ههههه

سأكتفي بهذا في نقطة الزمان، وسأمر للعنصر الثالث وهو طريقة التغليف\التقديم الذي يأتي مكملا للعناصر التي سبق ذكرها، فأنت تشتري وجبة “المعقودة” في مطعم شعبي بخمسة دراهم، لكنهم سيبيعونها لك في مطعم راق بخمسين درهما أو يزيد، فقط لأنهم وضعوها في طبق أبيض كبير، وزينوها ببعض الصلصة المنسكبة على الجانب، وقليل من أوراق البقدونس المنثورة بدقة، فأنت هنا تشتري أيضا طريقة التقديم وتلك اللوحة الفنية ههههه

أما الحلويات ومنتوجات أخرى تباع في المتاجر، فقد تجد أن أنواعا معينة تباع بوتيرة مرتفعة، لأن الـ packaging الخاص بها أكثر إثارة وجاذبية للعين، حتى لو تشابهت في الثمن والجودة. فالأطفال مثلا يحبون الألوان الزاهية funky colors، وقليلا ما تصادف حلوى بغلاف duotone أو monotone ….

أتمنى أن يكون الموضوع أعجبكم رغم بساطته، وأود أن أضيف أن الشركات المشهورة تستغل سمعتها لبيع السلع بعد تخفيض جودتها، ويشفع لها اسمها المعروف وعلاقة الثقة القوية التي بنتها مع المستهلك، حيث يصعب على هذا الأخير تجريب منتوج منافس رغم معرفته بتخفيض جودة منتوجه المعتاد، ظنا منه أن المنتوج الآخر سيكون أسوأ . وهنا يأتي دور الخطة التسويقية لإقناع الناس بتغيير عاداتهم الاستهلاكية والانفتاح على بضائع وماركات أخرى. وحتى عند خيبة الأمل، على الأقل ستقول at least I tried .

الآراء الواردة في التدوينة تعبر فقط عن رأي صاحبها، ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر ” العدسة “.