ماذا بعد رفض الحوثيين مبادرة السعودية لوقف الحرب؟

2021-03-31T15:56:05+02:00الأربعاء - 31 مارس 2021 - 3:56 م|الوسوم: , |

منذ صعود الرئيس الأمريكي جو بايدن، لرئاسة الولايات المتحدة تصاعد الحديث عن وضع نهاية للحرب اليمنية المدمرة، التي جعلت اليمن يعيش أكبر كارثة إنسانية في العالم، حسب وصف الأمم المتحدة. وبالفعل، فإن الموقف الأمريكي الراغب في إنهاء الحرب ألقى بظلاله على مواقف الدول المشاركة فيها. 

فمن جانب التحالف العربي لدعم الشرعية، أعلنت الإمارات في بدايات حكم بايدن على لسان وزير الدولة السابق للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أنها سحبت قواتها من اليمن، وأوقفت اشتراكها في الحرب هناك. وبغض النظر عن صدق الادعاءات الإماراتية، إلا أن موقفها المعلن يشي بتحرك ما لحلحلة الأوضاع على الساحة اليمنية، حتى ولو بشكل مؤقت. كما أنه يدل على أن الضغط الأمريكي جاد ومؤثر بقدر ما في هذه المسألة.

مبادرة سعودية لوقف إطلاق النار..

أما من جانب المملكة العربية السعودية، التي تعد قائدة التحالف، فقد أعلن وزير الخارجية، فيصل بن فرحان، في الثاني والعشرين من مارس/ آذار الجاري مبادرة لوقف إطلاق النار. واشتملت مبادرة المملكة على وقف إطلاق نار شامل تحت مراقبة الأمم المتحدة، وبدء مشاورات بين الأطراف المختلفة برعاية أممية.

كما تضمنت “بدء الأطراف اليمنية مشاورات للتوصل إلى حل سياسي برعاية الأمم المتحدة، استنادًا إلى مرجعيات مخرجات الحوار الوطني اليمني والمبادرة الخليجية التي أعلن عنها مجلس التعاون الخليجي في أبريل/نيسان 2011، لترتيب الانتقال السلمي للسلطة، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي ينص على دعوة جماعة الحوثي “لسحب قواتها على الفور ودون قيد أو شرط”.

وحاولت السعودية في مبادرتها وضع حلول لبعض النقاط التي تهم جماعة الحوثي، حيث أوردت في مبادرتها اقتراحًا لفتح مطار صنعاء الدولي لعدد من الوجهات المباشرة الإقليمية والدولية، وفتح ميناء الحديدة، مع إيداع الضرائب والإيرادات الجمركية لسفن المشتقات النفطية من الميناء في الحساب المشترك بالبنك المركزي اليمني بالحديدة وفق اتفاق ستوكهولم 2019 بشأن المحافظة.

كذلك فإن الحكومة اليمنية الشرعية أعلنت موافقتها على ما ذكرته المبادرة السعودية. حيث أصدرت الخارجية اليمنية بيانًا جاء فيه أن “المبادرة أتت استجابة للجهود الدولية الهادفة لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية، في الوقت الذي يقود فيه الجيش الوطني مسنودًا بالمقاومة الشعبية ملاحم بطولية”. كما أضافت أن الحكومة اليمنية تدرك تمامًا أن إنهاء معاناة اليمنيين لن يكون إلا بإنهاء الانقلاب والحرب التي أشعلتها المليشيات الحوثية، وتؤكد أنها ستظل كما كانت مع كل الجهود الهادفة لتحقيق السلام.

رفض حوثي للمبادرة..

إذن فمن جانب الشرعية وداعميها هناك خطوات تسعى لوقف القتال في اليمن، والوصول إلى حل سياسي مرضٍ لجميع الأطراف. لكن الحرب لن تنتهي بطبيعة الحال إلا بموافقة الطرف الآخر فيها على وقف إطلاق النار. وهو ما يبدو أنه ليس حاضرًا لدى جماعة الحوثي في اللحظة الراهنة.

حيث صرح المتحدث باسم جماعة الحوثي، وكبير مفوضيها، محمد عبد السلام، أن المبادرة السعودية لم تأت بجديد، واصفًا إياها بأنها “‏مبادرة موجهة للاستهلاك الإعلامي، غير جادة ولا جديد فيها”. وما زالت قوات الحوثيين في تصعيد عسكري مستمر ضد قوات الشرعية اليمنية، كما أن تصعيدها طال أراضي المملكة، عبر شن هجمات بطائرات مسيرة على مصالح داخل السعودية.

كذلك هدد قائد جماعة الحوثي، عبد الملك الحوثي، تحالف دعم الشرعية بما أسماها” مفاجآت عسكرية” مع دخول الحرب عامها السابع، مؤكدًا رفضه مقايضة الملف الإنساني باتفاقيات سياسية وعسكرية، في إشارة واضحة إلى المبادرة السعودية.

ويبدو أن السعودية كانت تتوقع رفض الحوثيين للمبادرة، إلا أنه من الواضح أن مثل هذه المبادرة تخفف الانتقادات الدولية للتحالف العربي – الذي تقوده المملكة – واتهامه بالتسبب بالأزمة الإنسانية ومقتل آلاف المدنيين. هذا التخفيف في حدة النقد العام قد يكون أحد أهداف السعودية من المبادرة.

تحركات للمبعوث الأمريكي..

وبجانب المبادرة السعودية، هناك تحركات من المبعوث الأمريكي الخاص لليمن، تيموثي ليندركينج، خلال الفترة الأخيرة. فمنذ نهاية فبراير/ شباط الماضي، نشط ليندركينج، وقام بجولة شملت بعض الدول المعنية بموضوع الحرب، في محاولة للضغط على الأطراف المشاركة فيها، لتوقيع وقف شامل لإطلاق النار، والتمهيد لمفاوضات جادة- بإشراف أممي- قد تفضي إلى الوصول لحل نهائي للقضية.

حيث التقى المبعوث الأمريكي، في 26 فبراير/ شباط الماضي، كبير مفاوضي الحوثيين، محمد عبد السلام، في مسقط، عاصمة سلطنة عمان. واستمر “ليندركينج” في جولاته ليلتقي بعض المسؤولين من السعودية وعمان، في الأسبوع الثاني من شهر مارس/ آذار الجاري.

تفوق حوثي..

وحسب مراقبين، فإن الوضع الميداني الحالي يشهد تفوقًا لجماعة الحوثي على حساب التحالف العربي، وخصوصًا في منطقة مأرب الاستراتيجية، والتي يرغب الطرفان في السيطرة عليها. وعلى هذا، فإن الحوثيين يعتقدون أن تفوقهم الميداني الحالي لا يساوي ما تعرضه عليهم السعودية في مبادرتها. لذلك ترغب الجماعة في استمرار التصعيد حتى تصل إلى نيل تنازلات من السعودية أبعد من رفع الحصار عن ميناء الحديدة، وسماح تحالف دعم الشرعية برحلات جوية إلى وجهات إقليمية ودولية من مطار صنعاء الدولي.

وبناء على ما سبق، يمكن القول إن مبادرة السعودية لوقف إطلاق النار في اليمن، لن تفضي إلى هدنة، طالما استمرت على شكلها الحالي. ومن الممكن أن تصل الأطراف المتنازعة إلى صيغة تفاهم، لكن هذه الصيغة بالتأكيد لن تكون كتلك التي تعرضها السعودية حاليًا.

وفي سبيل الضغط على السعودية، صعدت جماعة الحوثي من هجماتها على المملكة العربية السعودية في الفترة الأخيرة، ليكون بذلك الضغط على المملكة من جانبين. من الجانب الأمريكي على المستوى السياسي، ومن جانب الحوثيين على المستوى الميداني، وربما تسبب هذه المعادلة في رضوخ قيادة السعودية لشروط الحوثي في إنهاء الحرب.

اقرأ أيضًا: من جيوب فقراء المملكة.. كيف يهدر آل سعود أموال المواطنين في “هدايا” للأصدقاء؟

شارك المقال...

اضف تعليقا


اذهب إلى الأعلى