العدسة_ بسام الظاهر
اجتماع دوري سنوي تستضيفه الولايات المتحدة الأمريكية لرؤساء أركان الجيوش المشاركة في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب، الذي تشكل لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية”.
أمريكا أسست هذا التحالف من عدة دول في المنطقة العربية أو خارجها في أغسطس 2014، بعد إعلان تنظيم الدولة ما أسموه “الخلافة الإسلامية”، والتمدد الكبير في العراق وسوريا.
ويجتمع رؤساء أركان جيوش الدول الأعضاء في اجتماع مع كبار قادة الولايات المتحدة، لتقييم العمليات وتوزيع الأدوار ورسم الخطط المستقبلية.
ولكن بعد هزيمة تنظيم “الدولة الإسلامية” في العراق وسوريا، باستثناء بعض الاشتباكات في عدة مناطق في البلدين، ماذا يناقش هذا الاجتماع؟، ما يزيد من علامات الاستفهام هو دعوة إسرائيل للمشاركة على الرغم من أنها دولة ليست عضوا في التحالف.
رئيس أركان الجيش الصهيوني
مشاركة إسرائيل
نشرت وسائل إعلام عبرية قبل أيام، عن توجُّه رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال جادي أيزنكوت إلى واشنطن، للمشاركة في اجتماع قادة هيئة الأركان للجيوش المشاركة في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب.
ومن المقرر مشاركة أيزنكوت في هذا الاجتماعات التي تضمّ قادة أركان جيوش دول عربية ليس لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
إسرائيل تلقت دعوة بالحضور من رئيس هيئة الأركان المشتركة في الولايات المتحدة الجنرال جوزيف دانفورد، وبالتالي تم تغيير مكان اللقاء للسماح بمشاركة أيزنكوت.
وقال الخبير الأمني بصحيفة “معاريف” الإسرائيلية يوسي ميلمان، “هذه المرة الأولى التي يحصل فيها تطور نوعي يلتقي بموجبه قائد الجيش الإسرائيلي مع نظرائه من قادة جيوش الدول العربية المشاركين بهذا التحالف العالمي”.
وأضاف الخبير الأمني، أنّ من بين الجنرالات المشاركين قادة جيوش مصر والأردن والسعودية والإمارات، بجانب بلدان غربية من بينها أعضاء في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وأستراليا وغيرها.
وما كان الاجتماع ليأخذ حيزًا كبيرًا من الاهتمام باعتباره أمرًا معتادًا، إلا أنّ مشاركة إسرائيل أثارت العديد من علامات الاستفهام حول الهدف من هذه الخطوة التي تحدث لأول مرة.
إصرار أمريكا على دعوة إسرائيل يثير الكثير من الشكوك حول وجود ترتيبات معينة ترغب فيها واشنطن وتل أبيب سيتم الإعلان عنها وكشفها خلال هذا الاجتماع.
لقاء بغض القيادات العربية بقيادات إسرائيلية
تطبيع عسكري
النظرة الأولية لمشاركة إسرائيل في اجتماع يضمّ قادة أركان بعض الجيوش العربية مثل مصر والسعودية والإمارات والأردن، تشير إلى أن هناك رغبة في الانتقال إلى مرحلة من التطبيع تكون بالأساس عسكرية.
وما كان ليتم دعوة إسرائيل في هذا الاجتماع إلا وهناك أمور مشتركة سيتم مناقشتها مع قادة أركان الجيوش العربية، وبالتالي فإنّ أمريكا ربما ترغب في الدخول لمرحلة تطبيع عسكري بهدف التنسيق حيال بعض القضايا الإقليمية.
ولكن هذا الاجتماع أثار موجة غضب عبر مواقع التواصل الاجتماعي من ناحية موافقة قادة أركان الجيوش العربية على الجلوس جنبًا إلى جنب مع رئيس أركان قوات الاحتلال الصهيوني، الذي قتل وشرد الآلاف من الفلسطينيين.
الرد على هذا الاجتماع المرتقب كان عبر موقف رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم الذي هاجم رئيس الكنيست الإسرائيلي في اجتماعات البرلمان الدولي وطالبه بالخروج من القاعة، وهو ما استجاب له الجانب الإسرائيلي بعد تصفيق حاد على حديث الغانم من قبل الحاضرين.
ولكن يبدو أن الوضع سيكون مختلفا هذه المرة ليس فقط لأن الاجتماع في أمريكا وهى صاحبة الدعوة وقائدة التحالف الدولي، ولكن أيضا لعدم وجود أزمة لدى أغلب الدول العربية المشاركة في التطبيع مع إسرائيل.
إذ إن الاجتماع وما يترتب عنه هو فقط إظهار جانب من التنسيق بين بعض البلدان والتطبيع العسكري مع إسرائيل، فمصر مثلا معروف موقفها من الاحتلال الإسرائيلي فكيف يمكن تصور الاعتراض على الحضور في ظل دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى “سلام دافئ” مع إسرائيل.
ولكن الأدهى من ذلك وجود تنسيق على مستوى سيناء، بالسماح لدخول طائرات بدون طيار إسرائيلية بقصف أهداف في سيناء، وهذا باعتراف وزير جيش الاحتلال أفيغدرو ليبرمان.
أما السعودية فخطت خطوات في اتجاه التطبيع بشكل كبير خلال الفترة الماضية، إذ شارك الأمير تركي الفيصل في مؤتمر جنبًا إلى جنب رئيس الموساد الإسرائيلي السابق في أمريكا، كما سافر اللواء السابق أنور عشقي إلى إسرائيل والتقى بعدد من المسؤولين الإسرائيلين كان مثالا واضحا على التقارب السعودي الإسرائيلي.
وبالتأكيد فإن تنازل السيسي عن جزيرتي “تيران وصنافير” للسعودية، فتح الباب على مصراعيه أمام المملكة للتطبيع خاصة وأنه لا بد من وجود تنسيق بين الطرفين حول الجزيرتين، إذ دخلت فعليا في إطار معاهدة “كامب ديفيد”.
الإمارات أيضا لن تجد غضاضة في المشاركة مع حضور رئيس أركان جيش الاحتلال، خاصة وأنها شاركت مرتين في تدريبات جوية مشتركة في اليونان وأمريكا، وكان ضمن الدول المشاركة إسرائيل، ولم تتحسس من الأمر أو ترفض المشاركة.
أنور عشقي
تركي الفيصل
مواجهة إيران
وبدا واضحا أن ثمة تعديلا في أهداف التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا، فبعد القضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” فعليا، ذلك على الرغم من مصارعة التنظيم في مناطق محدودة في العراق وسوريا.
الدافع الأساسي بهذا الاتجاه هو تحركات إسرائيل في روسيا وأمريكا لحماية نفسها من أي تمدد وانتشار وتغلغل نفوذ إيران على حدودها وتحديدا في الجولان المحتل.
إسرائيل لجأت إلى روسيا أخيرا بالمطالبة بضرورة إنشاء منطقة عازلة على الحدود بين الأراضي المحتلة وسوريا.
وخلال اجتماع وزيري دفاع روسيا والكيان الصهيوني، فإن القضية الأساسية التي طرحت هى سوريا على طاولة المباحثات بينهما، خاصة وأن هناك “العديد من المسائل المتعلقة بسوريا، كانت تتطلب إجابة فورية وعاجلة”، وفقا لما قاله الوزير الروسي.
وبذلت روسيا مع الولايات المتحدة والأردن جهدا مشتركا لإنشاء منطقة خفض التصعيد في الجنوب–الغربي السوري، لكن إسرائيل أعربت منذ البداية عن شكها في جدواها، ولا سيما أن القيادة العسكرية الإسرائيلية ترى أن هذه المنطقة يجب تحويلها إلى منطقة عازلة نهائيا.
وتفسر إسرائيل حاجتها إلى هذه المنطقة العازلة بسببين أساسيين: الأول، إبعاد المجموعات المسلحة المتصارعة في سوريا عن حدودها وفي المقام الأول حزب الله، والثاني، وضع كل العراقيل الممكنة أمام إنشاء إيران قاعدة عسكرية لها على الأراضي السورية.
زيارة رئيس الأركان الأمريكي الى تل أبيب
ولكن يبدو أن إسرائيل لم تجد جدوى؛ لذلك عادت إلى أمريكا مرة أخرى، عبر زيارة وزير دفاع جيش الاحتلال أفيغدرو ليبرمان لأمريكا، قبل انعقاد اجتماع قادة أركان جيوش التحالف الدولي إضافة إلى إسرائيل.
فحوى الاجتماع المشترك بين قادة رؤساء الأركان، يهدف بحسب ليبرمان إلى “إقامة تحالفات مع معتدلين في الشرق الأوسط، وهو في مصلحة أمريكا وإسرائيل.
ويبرز أن أمريكا وإسرائيل ربما يسعيان إلى تطوير أهداف التحالف الدولي بضم الأخيرة إليه ومواجهة إيران ونفوذها في المنطقة بالإضافة لحزب الله.
وهذا الهدف لن يكون موضع معارضة للسعودية والإمارات ومصر، خاصة وأن السعودية ستدفع بهذا الاتجاه بقوة بفعل الأزمة في اليمن ومواجهة النفوذ الإيراني في سوريا تمامًا وتقليم أظافرها في المنطقة، وربما يتم الانتقال إلى حزب الله.
وقالت الصحافة الإسرائيلية، إنه فرصة مناسبة استغلال المؤتمر الذي دعا له رئيس الأركان الأمريكي لإخبار الدول السنية المشاركة بالمؤتمر بخطورة المخطط الإيراني إقليميًا وضرورة العمل ضده.
ويتم هذا الأمر مع موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من إيران بعد الحديث عن عدم التزام طهران بجوهر الاتفاق النووي واحتمالية إلغائه، فضلا عن تصريحاته ضد حزب الله خلال استضافته لرئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في واشنطن.
اضف تعليقا