العدسة – إبراهيم سمعان

أضحت إفريقيا ساحة كبيرة للتنافس بين القوى الإقليمية في المنطقة، وبيئة خصبة لنشر الأفكار والأيديولوجيات، ففي الوقت الذي تجني فيه القارة فوائد الاهتمام المتزايد بها، تزداد مخاطر التوتر والصراع الذي قد يساهم في تغيير توازن القوى في تلك المنطقة التي تعاني في الأساس من الصراعات.

صحيفة ” algeriepatriotique” الناطقة بالفرنسية سلطت الضوء في تقرير لها على تعزيز السعودية لتواجدها في القارة السمراء، بعد جولة وزير الخارجية عادل الجبير الأخيرة، وتبرع المملكة الكبير لقوة منطقة الساحل بغرب إفريقيا.

فرغم ادعاء السعودية أن التبرع برهان على جدية الرياض في دعمها جهود مكافحة التطرف، يرى المراقبون أن هناك مآرب أخرى للمملكة وراء إدارة وجهها نحو إفريقيا.

 وفيما يلي مقتطفات من التقرير ..

قبل أيام، ومن خلال فرنسا، اغتنمت المملكة العربية السعودية الفرصة وتبرعت لقوات الساحل لتعزيز وجودها بالمنطقة كمحاولة منها للتأثير على بعض القضايا الهامة كليبيا ومكافحة الإرهاب.

يواصل عادل بن أحمد الجبير، وزير الخارجية السعودي، رحلاته إلى القارة لتحقيق الطموحات الدبلوماسية الجديدة للنظام الملكي، آخر رحلة لرئيس الدبلوماسية السعودية في إفريقيا حديثة جدا، حيث كانت للعاصمة الكنغولية برازافيل.
بعد الانتهاء من اجتماع “الاثنين” مع الرئيس الكونغولي دنيس ساسو نغيسو، لم يخف الجبير في هذا الشأن اهتمام بلده بالقضايا الأمنية بوجه عام، حيث قال “إن السعودية تعمل بالاشتراك مع الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا لإيجاد حلول في منطقة الساحل”، مشيرا إلى أن المملكة تساهم بالفعل بنحو 100 مليون دولار لدعم عمليات البلدان المعنية، من حيث الخدمات اللوجستية والعسكرية، وكذلك الدعم الجوي.

تصريح الجبير هذا يجعلنا نبتسم، لأنه منذ وقت قريب، اتُّهمت السعودية بدعم الإرهاب الدولي، فالرياض معروفة- على سبيل المثال- بتمويل أكبر المساجد السلفية في إفريقيا، وعملت على انتشار الوهابية من خلال ملايين الدولارات.

رئيس الدبلوماسية السعودية أكد أيضا أن حل مشاكل الإرهاب في المنطقة يعني أيضا استقرار الوضع في ليبيا، قائلا: ” لقد أعربنا عن رغبتنا في لقاء المبعوثين الخاصين – الكونغو وأوروبا وبلدنا – لتضافر الجهود من أجل إيجاد حل للأزمة الليبية، حتى تعود البلاد إلى الحياة الطبيعية، ويصبح لديها حكومة مستقرة بعد الانتخابات المقبلة”.

ما هي قدرة السعودية على جمع كل هذه الجهات الفاعلة معا؟ عادل الجبير لم يجب عن ذلك، لكن الواضح من خلال بيانه، أن الرياض تحاول فرض جدول أعمالها وتثبيته في هذا الملف الذي تهتم به أيضا كل من الإمارات العربية المتحدة وقطر وتركيا، بدرجة أقل، ودول الشرق الأوسط.
اهتمام المملكة العربية السعودية بإفريقيا ومحاولة تعميق علاقتها بدول القارة السمراء، يمكن أيضا أن يفسر كذلك قلق ولي العهد الأمير محمد بن سلمان من جولة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي زار مؤخرا عدة دول في القارة.

فهل يسعى السعوديون لجعل إفريقيا أرض مواجهات بينهم وبين قطر؟ كل شيء ممكن، ولكن في جميع الحالات، لدى المملكة العربية السعودية رغبة واضحة للتدخل في شؤون القارة، وهذا أمر مزعج للغاية.

يشار إلى أن صحيفة “لوموند” الفرنسية كانت قد كشفت، في يونيو الماضي، عن أن السعودية مارست ضغوطا على عدة دول إفريقية، لإجبارها على اتخاذ موقف معاد لقطر في الأزمة الدبلوماسية الحادة بين البلدين.

وأوضحت أن الدول الإفريقية ذات الغالبية المسلمة تتعرض لضغوطات من قبل السعودية، التي شيدت فيها العديد من أماكن العبادة، وأنشأت فيها جمعيات خيرية.

وأكدت أن الرياض تستخدم سفراءها أو مبعوثيها الخاصين لإقناع رؤساء هذه البلدان باتخاذ القرار الوحيد الصحيح بالنسبة لها، أي قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وللوصول إلى هدفها، تهدد بوقف مساعداتها المالية، وتعقيد إجراءات حصول مواطنيها على تأشيرات الحج.

وأشارت “لوموند” إلى أن بعض الدول وجدت نفسها في موقف صعب، خاصة على المستوى الاقتصادي والسياسي، واضطرت للانصياع، في حين أن دولا أخرى لم تكن بحاجة لأي ضغط للانضمام لصف السعودية، في ظل علاقتها المتردية سابقا مع قطر.