العدسة – معتز أشرف:

بشهادة الكفيل، فرح التابع الذي يُوصف بالأمير في منصات إعلامه الرسمية مع قرب المهام الجديدة، فماذا سيقدّم ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد للأمريكان في الفترة المقبلة، ودفع وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى تقديم الشكر والثناء مقدمًا؟!
“العدسة” يرصد ملامح التبعية الإماراتية في عهد بن زايد للولايات المتحدة الأمريكية من زواية الدور المرسوم لها في الفترة المقبلة.

رسالة لندن!

لخَّص المتظاهرون في لندن الجمعة 13 يونيو، شكل العلاقة بين الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية؛ فوسط الفعاليات المناهضة لـ”ترامب” تواجد متظاهرون يتنكرون بزي الرئيس الأمريكي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ومثّل المتظاهرون المتنكرون العلاقة بين الثلاثة بطريقتهم الخاصة؛ إذ ظهر “ترامب” يجرّ خلفه “ابن سلمان” و”ابن زايد” من يديهما بعد أن ربطهما كالعبيد.

لكن رسميًا تزعم الإمارات أنَّ العلاقات بينها وبين الولايات المتحدة متجذرة وقائمة على أساس المصالح والقيم المشتركة، حيث يعمل الطرفان على تعزيز الأمن الإقليمي، وتحقيق الازدهار الاقتصادي، ومجابهة التحديات المُلِحّة في مختلف أرجاء العالم، وكانت الولايات المتحدة في طليعة البلدان التي اعترفت باتحاد الإمارات غداةَ قيامه عام 1971؛ حيث كانت الولايات المتحدة الدولة الثالثة التي تقيم علاقات دبلوماسية رسمية مع الإمارات العربية المتحدة، ولها سفارة فيها منذ عام 1974 وطيلة هذه الفترة شهدت العلاقات نقلة نوعية في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والعسكرية.

وزير الخارجية الأمريكية شكر محمد بن زايد على “التبعية ” في الروابط الاستراتيجية والاقتصادية والأمنية بين البلدين والتزام الإمارات بتعهداتها في سوريا والعراق واليمن، وثمن بومبيو الدور الذي تلعبه الإمارات في التصدّي للنشاط الإيراني “المؤذي” في المنطقة.

قائمة المطالب الأمريكية كانت حاضرة من الكفيل إلى التابع؛ حيث دعا بومبيو، إلى تعاون الدول الخليجية لوضع الحل لتعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي، مؤكدًا ضرورة التوصل إلى “اتفاق شامل” لإنهاء النزاع في اليمن، وعلى ضرورة تعاون الدول الخليجية للتصدّي لأنشطة إيران في المنطقة، وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها أنَّ واشنطن وأبوظبي اتفقا على أهمية دعم جهود المبعوث الأممي الخاص للتسوية السياسية وضمان تسهيل وصول المساعدات الحيوية إلى السكان والسلع التجارية، وكذلك العمل على صياغة اتفاقية لإنهاء النزاع، مؤكدًا رغبة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التخفيف من حدة الخلافات في منطقة الخليج وتسوية الأزمة مع قطر في نهاية المطاف.

حلّ الأزمة اليمنية!

وبرزت الإمارات بصورة ملفتة في الفترة الأخيرة في المشهد اليمني، بصور مختلفة غلب عليها البُعد السلبي واتهامات الاحتلال، وفي الأول من مايو الماضي استقبل  الدكتور أنور بن محمد قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، وجرى خلال اللقاء مناقشة تطورات الأوضاع السياسية في اليمن والجهود المبذولة للتوصّل إلى حل سلمي للأزمة بما يتوافق مع قرارات الشرعية الدولية.

وسبق أن أعلنت في أبريل الماضي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي عن دعم الإمارات لخطة الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية لليمن للعام 2018 بمبلغ 500 مليون دولار أمريكي.

وعبثًا حاولت الإمارات تغيير قواعد اللعبة باقتحام ميناء الحديدة مؤخرًا، قبل أن تعلن من جانب واحد وقبل السلطات اليمنية، وقف العملية العسكرية فى الحديدة مؤقتًا من أجل إفساح المجال أمام جهود مبعوث الأمم المتحدة مارتن غريفيث لتسهيل عملية تسليم ميناء الحديدة دون شروط، وذلك بعد تصاعد الضغوط الدبلوماسية الأممية والدولية ضد الإمارات لوقف العملية العسكرية، وسط مخاوف من التأثيرات الكارثية في الجانب الإنساني لذلك، خاصة أنَّ ميناء الحديدة الذي يعدّ شريان الحياة لليمن، يؤمِّن 70% من احتياجات الشعب اليمني.

رفع الحصار

إنهاء الحصار على قطر، كان التوجيه الثاني من وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، إلى محمد بن زايد، والذي يبدو أنه في طريقه للتنفيذ على رغم قائمة الشروط الموضوعة من دول الحصار- ومنها الإمارات- الموجهة إلى قطر التي تقترب من الفوز في هذه الجولة.

وسبق توجيه رسالة للإمارات واضحة في شهر أبريل الماضي وفق صحيفةنيويورك تايمز من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، حيث طالب الوزير الامريكي السعودية والإمارات، بإنهاء الحصار المفروض على قطر، وقالت الصحيفة الأمريكية، أنّه “وفيما تدرس السعودية حفر خندق على طول حدودها مع قطر، وإلقاء نفايات نووية بالقرب منها، وصل وزير الخارجية مايك بومبيو إلى الرياض، في أول رحلة خارجية له، حاملًا رسالة بسيطة مفادها: كفى”.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في الخارجية الأمريكية، أنَّ “الصبر على ما تعتبره واشنطن “شجارًا صبيانيًا” داخل مجلس التعاون الخليجي بدأ ينفد”، مشيرة إلى أن بومبيو أبلغ وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، بأنَّ “الخلاف يجب أن ينتهي”، وهو ما اعتبرته الصحيفة مكسبًا لما أسمته “الحملة الساحرة” التي شنّتها قطر منذ بدء الحصار، حيث قد أتت ثمارها، وخلصت إلى أنَّ واشنطن تنظر إلى مواجهة إيران وإحلال الاستقرار في العراق وسوريا، وهزيمة فلول داعش، وإخماد الحرب الأهلية الكارثية في اليمن، على أنها أولويات مُلِحّة، ولا يمكن معالجتها بشكل كامل دون استجابة عربية موحدة وأكثر قوة.

الموقف السوري!

واستعدادًا للمهمة الجديدة في سوريا، كانت آلة التمهيد الإماراتية الممثلة في أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية، بدأت العمل في مايو الماضي؛ حيث أكّد من على منصته الإلكترونية على “تويتر” ضرورة عودة الدور العربي في سوريا وتفعيله قائلًا: “مع تعثر الجهود السياسية الدولية والإقليمية للخروج بآلية فاعلة لحلّ الأزمة السورية الدامية، لابدَّ من عودة الدور العربي وتفعيله، فتهميش وغياب الجهد المؤسسي العربي لا يمكن أن يستمر”.

حضور الإمارات وتصريحات وزيرها المثير للجدل، تأتي لتجيب على جدل تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي أعلن فيها أنَّ الولايات المتحدة سوف تخرج من سوريا قريبًا وتتركها “لمن يهتم بشأنها” حسب وصفه، مضيفًا أنَّ واشنطن أنفقت تريليونات الدولارات في الشرق الأوسط.

ترامب قال في تصريحاته في مارس الماضي: “لقد هزمنا داعش، سوف نخرج من سوريا قريبًا جدًا، ليهتم الآخرون بشأنها، قريبًا جدًا جدًا، سنهزم داعش بشكل كامل سريعًا جدًا، سنخرج من هناك قريبًا جدًا ونعود إلى بلدنا، حيث ننتمي ونريد أن نكون، ولتفكروا في الأمر معي، لقد أنفقنا هناك 7 تريليونات دولار، هل تسعمون جيدًا: أقول ليس مليارًا أو مليونًا، بل 7 تريليونات دولار، لم يسمع أحد بهذا الرقم حتى 10 سنوات، لقد أنفقنا 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط”.

ويبدو أنَّ الإمارات ستكون أحد فريق “آخرون” الذي تحدث عنه ترامب للاهتمام بسوريا، حيث أعلنت بعدها في بيان لوزارة الخارجية ضرورة تفعيل الدور العربى فى المساعى الدولية المشتركة للدفع قدمًا بآليات الحل السياسي، ودعت بعد صمت مشبوه بحسب المراقبين كافة الأطراف السورية للعودة إلى طاولة المفاوضات بشكل فورى وتطبيق جميع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة وبصورة خاصة قرار مجلس الأمن 2254 وبيان جنيف 1، مؤكدة أنَّ الحل السياسي هو المخرج الوحيد لإنهاء الأزمة السورية لحقن الدم السوري وترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة.