إن دفء العلاقات بين الإمارات العربية المتحدة وإيران أمر “مقلق” و”غير مقبول” بالنسبة لإسرائيل، التي وقعت اتفاق تطبيع بقيادة الولايات المتحدة مع الإمارات في سبتمبر ٢٠٢٠.

وقام مسؤول أمني كبير بتصريح لصحيفة “يديعوت أحرونوت” يوم الثلاثاء، مفاده أن “التقارب الموازي الإماراتي مع إيران وإسرائيل غير مقبول”. وجاءت هذه التصريحات في أعقاب زيارة رفيعة المستوى إلى طهران يوم الاثنين،  قام بها طحنون بن زايد آل نهيان مستشار الأمن القومي الإماراتي، للقاء علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني.

أثارت زيارة عدو إسرائيل الأول في الشرق الأوسط قلق المسؤولين في تل أبيب. وكان قد سبق الزيارة الشهر الماضي اتفاق تعاون اقتصادي ثلاثي بين تركيا والإمارات وإيران. وبحسب الاتفاقية، سيتم نقل البضائع من الإمارات عبر ممر بري إيراني شمال تركيا، ثم إلى أوروبا، وتشير التقديرات إلى أن المسار الجديد سينقل البضائع إلى أوروبا في حوالي أسبوع بدلاً من 20 يومًا ،عبر قناة السويس المصرية.

وقال المسؤول الأمني الإسرائيلي: “في الوقت الذي يزور فيه آلاف الإسرائيليين الإمارات ويتم الترحيب بهم بأذرع مفتوحة، قد يكون الوجود الإيراني خطيرًا. إن إسرائيل تفتح أعينها على المحور الجديد بين أبوظبي وطهران”.

وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن طحنون قام بزيارة الأراضي المحتلة مرات عديدة، حيث التقى برئيس المخابرات الإسرائيلي السابق يوسي كوهين، وعلى الرغم من التقارب مع طهران، فإن “العلاقات الحميمة” تسود بين البلدين.

لكن المسؤول حذر من أنه إذا فتح الباب على مصراعيه بين طهران والإمارات “فإن مسار القصة كلها قد يتجه نحو الأسوأ”.

 

ضعف أمريكي

نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن مسؤولين إماراتيين قولهم إن التحول في أسلوب العمل الدبلوماسي الإماراتي تجاه تركيا وإيران في الأسابيع الأخيرة هو تحول في سياسة الولايات المتحدة، وذلك للتركيز على منطقة بحر الصين الجنوبي وآسيا الوسطى.

قال المسؤولون الذين تحدثوا لـ “Israel Hayom” إن الإماراتيين كانوا يستشعرون “ضعفًا أمريكيًا” في البيت الأبيض، وإن صفقات التطبيع أصبحت ممكنة في صيف ٢٠٢٠، وذلك لأن الولايات المتحدة “كانت قوية ويمكن الوثوق بها”.

وأضافوا أن الإماراتيين كانوا ينسخون من كتاب الدبلوماسيين القطريين حول إدارة العلاقات في منطقة ساخنة مثل الشرق الأوسط، من خلال الحفاظ على علاقات دافئة مع الولايات المتحدة، وإقامة علاقة مع إيران وتركيا وإسرائيل ومجموعات سياسية أخرى.

في الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو، إن الإماراتيين بدأوا في التحرك نحو طهران لأنهم شعروا بـ “ضعف” الولايات المتحدة، وأضاف قائلًا “إنهم يشعرون أن هناك تغييرًا في واشنطن، وأن هناك تغيير في القدس، وبالتالي فإن الاختراق بين دول الخليج وإسرائيل في خطر”.

وكان أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لحاكم أبوظبي محمد بن زايد، قد قال في نوفمبر/ تشرين الثاني إن بلاده “تتخذ خطوات لتهدئة التوتر مع إيران في إطار خيار سياسي يدعم الدبلوماسية ويتجنب المواجهة”. وأضاف أن “أبو ظبي تتخذ خطوات للتهدئة، إذ لا مصلحة لها في المواجهة التي ستدفعها المنطقة بأسرها خلال العقود المقبلة”.

ووصفت صحيفة “معاريف” تحسن العلاقات الإماراتية مع إيران بـ “المغازلة المقلقة”، ووصفتها أيضًا بـ “دبلوماسية الابتسامات”.

 

الكرة في ملعب إيران

تخشى إسرائيل من تخفيف العقوبات الأمريكية على إيران، إذ قد يؤدي ذلك إلى كسب طهران مليارات الدولارات لتمويل وكلائها في الشرق الأوسط، وإضافة المزيد من السيولة إلى أرباحها من النفط الخام، وتعزيز الحرس الثوري الإسلامي.

سيتوجه وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى واشنطن هذا الأسبوع، وذلك لدفع الأمريكيين إلى تطبيق أقصى عقوبات على طهران، تمامًا كما أخذت المحادثات بين إيران ودول P4 + 1 مثل بريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا استراحة من قبل، لكنها ستُستأنف الأسبوع المقبل.

وذكرت صحيفة “هآرتس” أن بعض المسؤولين في إسرائيل كانوا يوصون الأمريكيين بـ “استعراض القوة”، من خلال مهاجمة الميليشيات المدعومة من إيران في المنطقة. ومع ذلك، فإن فرص تبني الأمريكيين لهذه التوصية تبدو ضئيلة.

وقالت هآرتس إن غانتس، وديفيد بارنيا رئيس الموساد، سيُستقبلان “باحترام” في واشنطن هذا الأسبوع. ومع ذلك، الكرة في ملعب إيران وليس ملعب إسرائيل، ومفتاح تسوية الملف النووي بيد طهران وليس إسرائيل، وإذا خفف الإيرانيون مواقفهم، فسيتم التوقيع على اتفاق.

في وقت سابق من هذا الأسبوع ، قال رئيس الوزراء السابق إيهود باراك إنه لا توجد لدى إسرائيل ولا الولايات المتحدة “خطة عسكرية قابلة للتطبيق” لضرب برنامج إيران النووي.

كتب باراك في مقال رأي في صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي لعام ٢٠١٥ “كان قرارًا وهميًا سمح للإيرانيين بالتقدم سريعًا في اتجاه أن يصبحوا دولة ذات عتبة نووية”.