العدسة – معتز أشرف
الأرض الفلسطينية لم تكن ملتهبة لسنوات كما هي الآن، وفي ظل الانشغال البارز بالحراك الغاضب بالذكرى السبعين للنكبة ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس، تبرز في الأفق محطات مهمة ومتوازية، تجعل الحراك الغاضب متواصلًا ومتوهجًا، بحسب ما يرى كثيرون، نرصدها في هذا التقرير.
صفقة القرن!
تبرز الصفقة الأمريكية الصهيونية بشأن إجهاض الحقوق الفلسطينية، والتي تعرف إعلاميًا بصفقة القرن، في مقدمة المخاطر التي تهدّد القضية الفلسطينة، بحسب مراقبين كثيرين، ولهذا يرى البعض أن تتصدر حراك الشعب الفلسطيني عقب مظاهرات النكبة بحسب تطوراتها الميدانية، وهو ما أكده عضو الهيئة التنسيقيّة لمسيرة العودة في قطاع غزّة صلاح عبد العاطي، حيث أكد أن الهيئة تسعى إلى أهداف رئيسيّة وتكتيكيّة من المسيرات، وقال: “تسعى المظاهرات إلى خلق مسار جديد للقضيّة الفلسطينيّة، بتأكيد حقّ عودة اللاّجئين وفقًا لقرار الأمم المتّحدة رقم 194، ورفض فرض تسوية مذلّة تحت مسمّى صفقة القرن والقرارات الأمريكيّة باعتبار القدس عاصمة إسرائيل ونيّتها نقل السفارة الأمريكيّة إلى القدس، إضافة إلى إعادة الوحدة الفلسطينيّة في الداخل والشتات”، موضحًا أنه ستستمرّ فعاليّات الحشد في مسيرات العودة حتّى مسيرة الزحف الكبير باتّجاه القدس في 15 مايو في ذكرى النكبة المقبلة، بتنسيق مع الجاليّات الفلسطينيّة في الخارج لمشاركة المزيد من الفلسطينيّين في الشتات والداخل المحتلّ في حشودات للمطالبة العودة كل حسب مكان تواجده، مشيرًا إلى أنّه للمرّة الأولى، يشارك الفلسطينيّون بالآلاف كعائلات ونساء وأطفال ورجال في غزّة، وتتوحّد فصائل العمل الوطنيّ والإسلاميّ في غزّة ميدانيّاً، بهذه الأعداد، وسلميّاً، لتخليد الذكرى 42 ليوم الأرض.
حصار غزة
يتصدر حصار قطاع غزة مشهد الغضب المكتوم الذي قد ينفجر في وجه الجميع، ومن المترقب أن يشهد حراكًا خاصًا في تحركات قوي المقاومة، وهو ما عبر عنه رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، بقوله خلال اللقاء السنوي للدعاة والداعيات استعدادًا لاستقبال شهر رمضان المبارك: “مسيرة العودة ستصبح نهجًا فلسطينيًا”، في إشارة إلى استدامتها، و «ستبلغ ذروتها في 15 أيار (مايو) المقبل، إلا أنها تستمر بعد ذلك لأن لها أهدافاً استراتيجية ووطنية، وأخرى مرحلية آنية»، مؤكدًا أنّ «غزة، رغم الجوع والحصار والفقر والعقوبات، تخرج بعشرات الآلاف، بل مئات الآلاف للمشاركة في المسيرة، وستنخرط فيها الضفة والأراضي المحتلة عام 1948، ومخيمات اللجوء في الشتات»، معتبرًا أن «المسيرة حققت، في أسبوعها الخامس، أهدافًا كثيرة، وأعادت فلسطين والقضية وحصار غزة إلى الواجهة، وأحيت الذاكرة بحق العودة».
في هذا السياق جاءت نداءت لحراك يساهم في كسر الحصار، ومنها ما أعلنه فتحي حماد، عضو المكتب السياسي لحركة حماس، بقوله إنه في حال استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة، فالأمر متروك للشعب الفلسطيني والمتظاهرين على الحدود ليفعلوا ما يشاءون، وقال حمّاد في تصريحات صحفية له مطلع مايو الجاري، إنه “في حال لم تُفتح المعابر بشكل واضح ومباشر ويتم استيراد كل احتياجات الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فإنّ هذه المعابر قد تدمر بغضّ النظر عن مكان موقعها، ولن يتم التحكم في الجماهير لأنّ هذا شعب يعرف هدفه الأساسي وهو العودة إلى أرضه”.
ميدانيًا، يتظاهر عشرات الموظفين في الفترة الماضية في ساحة الجندي المجهول في غزة احتجاجًا على قرارات حكومة التوافق حول وقف رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة.
الضفة والأقصى!
في الضفة شرطيان: السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني، وفلسطينو الضفة دومًا بين الاثنين يعيشون المعاناة، وهو ما دفع الهيئة الوطنية العليا لـ «مسيرة العودة» لعقد اجتماع مع قيادة حركة فتح في قطاع غزة، بحثوا خلاله في سبل تفعيل المسيرات الشعبية السلمية في الضفة أسوة بالقطاع، حيث تم الاتفاق خلال الاجتماع على أن تعمل الفصائل والجهات كافة، بقيادة فتح، على وضع الترتيبات اللازمة والمطلوبة للخروج بمسيرات مماثلة للقطاع .
ومع استمرار استباحات الصهاينة للمسجد الاقصي، حذر عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين نافذ عزام من أن استمرار الحرب الصهيونية الشاملة على المدينة المقدسة، وأهلها سيقود إلى تفجر الأوضاع بصورة غير مسبوقة، فيما واصل عشرات المستوطنين المتطرفين في الفترة الأخيرة اقتحام المسجد الأقصى المبارك بمدينة القدس المحتلة من باب المغاربة وسط حراسة أمنية مشددة بالتزامن مع منع الشيخ عكرمة صبري خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس من دخول الضفة الغربية لمدة أربعة أشهر، وهو ما ينذر بتكرار تجارب النفير في الفترة المقبلة، خاصة أنّ القيادى فى حركة الجهاد الإسلامى الفلسطينية الشيخ خالد البطش، نقل النفير إلى تجربة أقوى، حيث دعا الشعب الفلسطينى فى القدس المحتلة إلى تحطيم كاميرات الاحتلال الإسرائيلى وبواباته الإلكترونية من أمام المسجد الأقصى المبارك للتصدي لمحاولة “إسرائيلية” لفرض الأمر الواقع بتهويد القدس وجعل المسجد الأقصى مكانًا مقدسًا لليهود متجاوزًا مشاعر المسلمين والمسيحيين.
حراك الصناديق
من المتوقع في الفترة المقبلة أن يتوجه الفلسطينيون مجددًا إلى صناديق الاقتراع في معركة وحراك لا يقل عن مثله في ظل الصراع الحالي، وجددت حركة حماس قبل أيام دعوتها لإجراء انتخابات شاملة غداة انتهاء انتخابات جامعة بيرزيت التي فازت بها كتلة الوفاء الإسلامية الذراع الطلابي للحركة، مؤكدة أنّ هذه الجامعة بديموقراطيتها تمثل حالة فريدة في جامعات الضفة الغربية وإرساء الديموقراطية على مستوى الوطن، داعيةً السلطة الفلسطينية لتطبيق هذا النموذج الديموقراطي على الساحة السياسية الفلسطينية بالذهاب لانتخابات شاملة تخرج الحالة الفلسطينية مما هي عليه الآن من ضعف وتفرد.
وكانت الحركة دعت علي خلفية عقد جلسات المجلس الوطنى بدون توافق شعبي، لإجراء انتخابات شاملة تشريعية ورئاسية ومجلس وطني وحسب الاتفاقيات الموقعة من أجل صياغة حالة فلسطينية جديدة.
مرحلة الانفجار
وبحسب مراقبين فلسطينين فإنّ هناك في المشهد تراكمًا كبيرًا للمؤشرات الموضوعية في فلسطين المحتلة تشي باقتراب ولوج الصراع بين الشعب الفلسطيني والمحتلين منعطفًا مصيريًا عنوانه نكون أو لا نكون، وبالتالي، دخوله وجوبًا مرحلةً نضالية مختلفة، مرحلة من أولى سماتها بالضرورة التعجيل بوضع حد فاصل بين لاحقها النضالي وبين كافة سابق ما كانت قد عهدته الساحة النضالية، وحتى الآن، من أشكال وأدوات، هي في غالبها إما فشلت، أو عجزت، أو هرمت، ناهيك عن تلك التي انحرفت وتساقطت وتكيفت مع انهزاميتها، فولجت من ثم هاوية المساومات قاطعةً شوطاً تنازليا تفريطياً مدمِّرًا أوصل القضية إلى شفى حفرة من التصفية عنوانها الراهن ما تدعى “صفقة القرن.
ووفق الكاتب الفلسطيني عبد اللطيف مهنا فإن المشهد الفلسطيني بعامة الآن هو برسم الانفجار. كافة العوامل الموضوعية لهذا متوفرة، فالغضبة في غزة والضفة برسم الاشتعال، وإن حدث، فتأثيره على الجليل وسائر المحتل العام 1948 والشتات الفلسطيني هو في حكم المؤكد.
اضف تعليقا