تشهد العلاقات التركية الإماراتية نوعا من الفتور والتوتر نظرا لتباين الآراء في ملفات عدة أبرزها ملف الأزمة الخليجية وجماعة الإخوان المسلمين والانقلاب العسكري في مصر.
يضاف إلى ذلك ما أعلنته وسائل إعلامية عن تورط الإمارات في الانقلاب التركي الفاشل الذي وقعت أحداثه منتصف العام الماضي، ودعم الإمارات للتنظيم الموازي وتحويلها أموالا كبيرة للمشاركين في الانقلاب.
كما عمدت الإمارات لأخذ موقف مغاير للموقف التركي في استفتاء انفصال إقليم كردستان عن العراق حيث تعتبره تركيا تهديدا لأمنها القومي على اعتبار أن قيام دولة كردية مستقلة على حدودها خط أحمر.
دور الإمارات في دعم انفصال كردستان العراق
دخلت الإمارات إلى إقليم كردستان عبر بوابة الاستثمارات في قطاعات حيوية مثل الإسكان والصحة والسياحة تبين لاحقا أنها مجرد مساعدات للحزب الديمقراطي الكردستاني.
كما عمدت إلى استخدام المنظمات الإغاثية في هذا الدور المشبوه تحت غطاء مساعدة النازحين وذلك بالشراكة بين مؤسسة البرزاني الخيرية وعدد من المنظمات الإماراتية، واقتصر تقديم العمل الإغاثي على أربيل وأجزاء من دهوك، وامتنعت عن تقديم أي مساعدات في مدن أخرى مثل السليمانية التي تقف في جبهة المعارضة لمسعود البرزاني رئيس الإقليم.
ولم تخف أبو ظبي دعمها الكامل لانفصال إقليم كردستان عن العراق وتعهدت بتمويل الاستفتاء، حيث أفصحت مصادر كردية عن دور القنصل الإماراتي في أربيل رشيد المنصوري وسفير الإمارات في بغداد حسن الشحي ، في دعم مسعود البرزاني وعائلته ودعم مشروع الانفصال من خلال أموال تقدمها الإمارات في هيئة مساعدات للحكومة، كما وقعت إدارة الإقليم مذكرة تفاهم مع رئيس مركز الإمارات للسياسات “ابتسام الكتبي” تساعد الإمارات بموجبه في تنظيم الاستفتاء.
الموقف الإماراتي من انفصال كردستان لم يكن نكاية في العراق حيث يؤكد محللون أن دور أبو ظبي يعود إلى الرغبة الجامحة في مناكفة تركيا التي بدأت تلعب أدوارا سياسية في الشرق الأوسط والعالم الإسلامي.
الإمارات وانقلاب تركيا الفاشل
وبالتوازي مع الدور الذي تلعبه الإمارات على حدود تركيا كشفت وسائل إعلام عن دور مشبوه آخر لأبو ظبي في تمويل الانقلاب الفاشل الذي وقع في منتصف العام الماضي.
ففي تقرير نشرته صحيفة يني شفق التركية سلط الضوء على سعي الإمارات لاستهداف تركيا وإنفاقها 3 مليارات دولار لإسقاط أردوغان وحكومته، مستشهدة بتصريحات لوزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو والتي قال فيها أن بلدا مسلما أنفقت 3 مليارات دولار للإطاحة بأردوغان والحكومة التركية ودعمت الانقلابيين في المحاولة الفاشلة التي وقعت في 15 يوليو 2016.
واتهمت قنوات تركية الفلسطيني محمد دحلان الذي يعمل مستشارا أمنيا لولي عهد أبو ظبي بأنه “رجل المؤامرات السوداء” في الشرق الأوسط وأشارت لاستخدامه من قبل الإمارات في الانقلاب الفاشل واستهداف الحركات الإسلامية والربيع العربي.
وتحدثت وكالة مهر الإيرانية عن دور إماراتي استخدمت فيه الرشاوى العينية والمادية والجنسية مقابل شن حملة شرسة تستهدف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وقالت إن المخابرات التركية كشفت دوراً محورياً للإمارات لمحاولة الإطاحة بحكومة أردوغان وتدمير الاقتصاد التركي، وكشفت عن طلب أحد القادة العسكريين بتوجيه ضربة عسكرية للإمارات، في حال التأكد من تورطها بعملية ضرب الاقتصاد التركي، وعدم الاكتفاء بالعقوبات الدبلوماسية، وهو الطلب الذي قابله أردوغان بالرفض مستبعدا هذه الخطوة في الوقت الراهن.
تسريب العتيبة
حاولت الإمارات التنصل من الاتهامات التركية إلا أن تسريبات البريد الإلكتروني للسفير الإماراتي في واشنطن يوسف العتيبة كشفت عن الأدوار التي تلعبها الإمارات في زعزعة أمن المنطقة وخاصة الأدوار التي تلعبها ضد تركيا وقطر.
وأظهرت التسريبات رسالة بين العتيبة وصحافي أمريكي في صحيفة نيويورك تايمز في إبريل من العام الجاري قال فيها العتيبة : “لا نريد لتركيا كما قطر أن تكون قادرة على تشكيل قائمة طعام فضلاً عن القدرة على إدارة الملفات في الإقليم” واعتبر محللون هذه الرسالة دليلا على تورط أبو ظبي في محاولة الانقلاب الفاشل.
تنافر المواقف السياسية
برز التباين في المواقف السياسية بين تركيا والإمارات خلال الأزمة الخليجية بعد أن حاولت تركيا لعب دور الوسيط لحل الأزمة إلا أنها سرعان ما غيرت موقفها وتحولت لدعم الموقف القطري وقامت بإرسال قوات تركية إلى قاعدة الريان العسكرية بعد تفعيل اتفاقية عسكرية كانت موقعة بين الدولتين في 2015 وجرى إدخال تعديلات عليها في 2016.
وشددت تركيا على دعمها الكامل لقطر وساعدتها في الخروج من العزلة التي فرضتها عليها كل من السعودية والإمارات والبحرين عبر إرسال شحنات كبيرة من المنتجات الغذائية بعد أن قطعت السعودية عنها الإمدادات حيث تستورد الدوحة من الدول الثلاث ما نسبته 90 % من احتياجاتها الداخلية.
ويظهر التباين في موقف تركيا من جماعة الإخوان المسلمين حيث تستضيف اسطنبول قيادات الجماعة الذين خرجوا من مصر بعد انقلاب الثالث من يوليو 2013 فيما تعتبر أبو ظبي الجماعة منظمة إرهابية.
وفي الملف المصري وخاصة ما بعد الثلاثين من يونيو 2013 كان الموقف التركي يقف في الجانب الآخر من موقف الإمارات حيث رفضت أنقره انقلاب مصر واستمرت في نهجها الرافض له وفي المقابل كانت الإمارات من الدول الداعمة للانقلاب وقامت بتمويل حركات وأحزاب معارضة أثناء العام الأول لحكم الرئيس محمد مرسي لإسقاطه وقامت بضخ المليارات في خزينة الجيش بعد الانقلاب.
شبهات كثيرة تحوم حول الإمارات العربية في لعب أدوار من شأنها إشعال الفتنة في المنطقة وهو ما أدركته تركيا مؤخرا بعد أن مست يد التخريب أمن أنقره ليخرج التصعيد بين الدولتين إلى وسائل الإعلام بعد أن كان مختفيا خلف الأبواب المغلقة.
اضف تعليقا