تمكن عشرات المتظاهرين في هونغ كونغ من الإفلات من حصار الشرطة لهم داخل حرم إحدى الجامعات، بالتزامن مع تهديد جديد لبكين بالتدخل لوقف الحركات الاحتجاجية في هذه المستعمرة البريطانية السابقة التي تتمتع بحكم ذاتي داخل الأراضي الصينية.

وتجمع المتظاهرون في جامعة البوليتكنيك المعروفة بنشاطها الفعال دعما للحركة الاحتجاجية، وللإفلات من حصار الشرطة لهم داخل الحرم الجامعي تسللوا عبر جسر جانبي الى طريق فرعي حيث كان أشخاص ينتظرونهم على متن دراجات نارية، وغادروا المكان.

وتزامن هذا العمل مع تكرار تهديدات الشرطة باستخدام الرصاص الحي في حال واصل المتظاهرون المتشددون استخدام قنابل المولوتوف بشكل خاص ضدهم.

ولم يعرف بعد عدد المتظاهرين الذين لا يزالون داخل حرم الجامعة.

من جهته، حض الاتحاد الأوروبي جميع الأطراف في هونغ كونغ على ضبط النفس،مؤكدا ان “أي عنف غير مقبول”.

وقالت وزيرة خارجية الاتحاد فيديريكا موغيريني “من الضروري أن تمارس جميع الأطراف ضبط النفس (…) الإجراءات التي تتخذها سلطات إنفاذ القانون يجب ان تكون متناسبة تماما، في حين يجب دعم الحريات الأساسية، بما في ذلك الحق في التجمع السلمي لأهالي هونغ كونغ”.

بدوره، حمّل وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حكومة هونغ كونغ مسؤولية إنهاء العنف، مؤكدا أن بلاده تشعر ب”قلق بالغ” إزاء الاضطرابات.

وقال في مؤتمر صحافي وزارة الخارجية إنّ “الولايات المتحدة تشعر بقلق بالغ بسبب الاضطرابات السياسية والعنف في هونغ كونغ بما في ذلك المواجهة بين المحتجين والشرطة في جامعة البوليتكنيك والجامعات الأخرى”.

وتميز الأسبوع الماضي بالعنف الشديد ما أدى الى إغلاق المدارس والكثير من الطرقات.

ولا تزال السلطات التنفيذية في هونغ كونغ الموالية لبكين ترفض تنفيذ المطالب الرئيسية للمتظاهرين، التي تتضمن انتخابات حرة في المدينة البالغ عدد سكانها 7,5 مليون نسمة، ووضع حدّ لتراجع الحريات مع تشديد الصين قبضتها على هونغ كونغ.

وحذرت بكين مراراً من أنها لن تتساهل ازاء أي معارضة، بينما تتزايد الخشية من لجوئها لتدخل عسكري لقمع الاضطرابات.

 

-“لن نقف مكتوفي الأيدي”-

وخلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي خرج جنود صينيون من ثكناتهم في هونغ كونغ لتنظيف الطرق من العوائق، ما عزز فرضية التدخل العسكري لقمع المحتجين. والمعروف ان الجنود الصينيين موجودون في هونغ كونغ منذ العام 1997 تاريخ انتهاء الاستعمار البريطاني.

وجاء كلام السفير الصيني في لندن الاثنين ليزيد المخاوف من الانتقال الى خيار استخدام القوة.

فقد قال السفير ليو شياومينغ في مؤتمر صحافي في لندن إن “حكومة هونغ كونغ تبذل كل ما في وسعها لإعادة الإمساك بالوضع”، مضيفا “أما في حال خروج الوضع عن السيطرة فإن الحكومة المركزية لن تقف بالتأكيد مكتوفة الأيدي. لدينا العزم وما يكفي من السلطة لوضع حد لهذه الإضطرابات”.

وكانت الشرطة اعتقلت صباح الاثنين عشرات المتظاهرين في منطقة جامعة البوليتكنيك، وشوهد عناصر منها ينهالون ضربا بالهراوات على عدد من المحتجين بعد إجبارهم على الانبطاح أرضا.

وكان مسؤول في الشرطة أعلن قبل ساعات من فرار محتجين من داخل الحرم الجامعي “لا خيار أمامهم سوى الخروج والاستسلام”.

وكانت الشرطة اعتبرت هذا الحرم الجامعي “منطقة شغب”، وهو تصنيف خطير لأن القانون يتيح سجن المشارك في أعمال شغب لمدة عشر سنوات.

 

– تفاقم التصعيد-

وأطلق المتظاهرون الاسبوع الماضي حملة تضمنت تخريباً وقطع طرقات، ما أجبر الشرطة على استقدام تعزيزات من عناصر السجون. وأغلقت على الاثر شبكتي نقل في المدينة والمدارس والمجمعات التجارية.

وأدى هذا التصعيد الى تمركز الحركة الاحتجاجية في أماكن عدة مثل الجامعات، وارتفعت وتيرة العنف، وتناقلت مواقع التواصل الإجتماعي صور شرطي مصاب بجرح في ساقه ناتج عن سهم أطلقه متظاهر قرب جامعة البوليتكنيك.

 

-“خنق الاقتصاد”-

وقبل فرارهم يبدو أن الخوف كان تسلل إلى المتظاهرين المحاصرين في الحرم الجامعي. وقالت متظاهرة تبلغ من العمر 19 عاماً عرفت عن نفسها باسم كاي إن اليأس انتشر بين المتظاهرين الباقين الذين قدرت عددهم بنحو 200 شخص.

وروت “البعض كان يبكي بشدة، وعبر آخرون عن غضبهم وألمهم بعدما سدت أمامهم سبل الخروج من الجامعة”.

وعلى بعد مئات الأمتار من الجامعة استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع لتفرقة متظاهرين كانوا يعملون على رفع سواتر في الطرقات.

وكشف بعض المحتجين أنهم مصممون على متابعة تحركهم “لخنق الاقتصاد”.

ووجه الرئيس الصيني شي جينبينغ الاسبوع الماضي تحذيرا واضحا مؤكدا ان الحركة الاحتجاجية تهدد صيغة “بلد واحد بنظامين”، التي تدار هونغ كونغ على اساسها منذ تسليمها للصين من بريطانيا في عام 1997.

ودافع المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية وو كيان الاثنين عن العملية، مكرراً تحذيرات بكين من أن الجيش الصيني قادر على وضع حد للاض

طرابات.

وقال وو من بانكوك “إنهاء العنف واستعادة النظام أبرز مهمة لنا في هونغ كونغ”.