العدسة – معتز أشرف:
وحدها الإمارات الرسمية، ووحده ولي عهد أبو ظبي الأمير محمد بن زايد من يظنَّا أنهما ليسا قوة احتلال لليمن..
الشواهد تتزايد يومًا بعد يوم أنَّ الإمارات قوة احتلال بشعة لليمن، وآخرها الاستيلاء على مطار عدن وإقصاء الإدارة اليمنية.. والتقارير مازالت تظهر من هنا وهناك في أنَّ الطمع مستمر في عِرض اليمن وأرضه من الديكتاتور الإماراتي، ولكن دون تحرك جدّي.
نرصد بعضًا من تلك الشواهد ونستشرف أجندة الإمارات في الفترة المقبلة.
تصريحات رسمية
التصريحات الرسمية بأنَّ الإمارات قوة احتلال باتت متواترة تُوصَف بدبلوماسية أحيانًا وغضب في أحيان أخرى، لكن لا أحد يعرف إلى متى الصمت الرسمي تجاه المحتل؟!
الحكومة اليمنية التي يترأسها أحمد بن دغر، أطلقت في 22 مايو الماضي، تصريحًا مناهضًا للإمارات يضعها تحت طائلة الاحتلال، وفي مقابلة مع قناة «BPS» الأمريكية، كشف وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، عن احتلال إماراتي “غير معلن” لمدينة عدن جنوبي اليمن، قائلًا: “لا نستطيع دخولها أو الخروج منها إلا بإذن أبوظبي”، كما أقرّ الوزير اليمني بأنَّه لا يملك سلطة حتى على السجون، معتبرًا الإجراء العسكري الذي قامت به القوات الإماراتية مؤخرًا في جزيرة سقطرى «أمرًا غير مبرَّر»، استحق الذهاب لمجلس الأمن الدولي.
التصريح الثاني جاء من سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو)، أحمد الصيّاد، الذي أكّد فيه أن بلاده «مهدّدة بالتقسيم من قبل السعودية والإمارات»، اللتين تقاتلان ضمن التحالف العربيّ.
وأكّد السفير اليمني أنَّ المنظمة الدولية تعتبر جزيرة سقطرى اليمنية جزيرة أمن وسلام، ولا تحتاج لأي تواجد عسكري سوى قوات الشرعية اليمنيّة المكلفة بالمحافظة على أمن الوطن والمواطن، وبالتالي فإنَّ أي تواجد عسكري آخر يُعد غير شرعي وغير قانوني.
ووفق مصادر موقع (ميدل إيست آي ) اتهم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، في مايو الماضي بمحاولة التصرف كقوة احتلال في اليمن بدلًا من التعامل كقوة تحرير لإعادة “الشرعية” التي انقلب عليها الحوثيون.
التصريح الرابع جاء من وزير النقل في الحكومة اليمنية صالح الجبواني، حيث اعترف قبل ساعات من أنَّ حكومته ليست لديها سيطرة أمنية على مطار مدينة عدن، وأنَّ قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات، التي بسطت سيطرتها على مدينة عدن بشكل كامل سوى قصر المعاشيق، هي التي تسيطر على المطار.
مخطط ممنهج!
شعبيًا، اللهجة أصعب وأشد ضد الإمارات بعيدًا عن دبلوماسية الأطر الرسمية، وهي لهجة ترصد بحرية مخططًا ممنهجًا من الإمارات ضد الشعب اليمني وحقه.
زعيم الحراك الجنوبي في اليمن حسن باعوم في هذا الإطار قال: “لقد حذرنا كثيرًا من التجاوزات الإماراتية المفرطة منذ وقت مبكر، ومن تماديها في عبثها واستهتارها باستقلال الجنوب، وسلامة أراضيه وسيادة شعبه، كما نَبّهنا مرارًا من سعيها إلى افتعال الأزمات والمشكلات والفوضى الخلاقة، ومن إنشائها الميليشيات والجماعات المسلحة الموالية لها لتكون أذرعها العسكرية، التي تهدّد من خلالها الأمن القومي للجنوب، وتتطاول على السيادة الوطنية، وتمارس دور الوصي في الشأن الداخلي”.
وأضاف في تصريحات محلية بالتزامن مع أول تواجد للإمارات في جزيرة “سقطرى” أن تواجد القوات الإماراتية في جزيرة سقطرى يعدّ احتلالًا “غاشمًا” يجب طرده، مضيفًا أنَّ “الاحتلال الإماراتي الغاشم لجزيرة سقطرى يؤكّد أنَّ الجنوب أصبح مطمعًا لقوى إقليمية وأجنبية تلهث وراء ثرواته وموارده وأراضيه وموقعه الحيوي الاستراتيجي الهام”.
الفائزة بجائزة نوبل للسلام الناشطة توكل كرمان لا تعرِّف الإمارات إلا في سياق الاحتلال، وكثيرًا ما تغرد وتدون مطالبة بانتهاء الاحتلال، وقالت كرمان في تصريحات مؤخرًا: “ما أنا واثقة منه أن الحديدة ستنضم بعد إنهاء سيطرة ميليشيا الحوثي عليها، إلى سيطرة وهيمنة ووصاية القوات الإماراتية السعودية وميليشياتيهما، وستمنع الإمارات والسعودية الحكومة الشرعية من الدخول إليها كما منعتها من عدن، وستضيف الإمارات والسعودية الى آلام اليمنيين آلامًا جديدة في الحديدة وكوارث جديدة وهذه الخلاصة، ومازلت أؤكّد أن هذه الحرب على هذا النحو لا تستهدف إعادة السلطة الشرعية ولا تمضي وفق قرار مجلس الأمن ٢٢١٦ وغيره من القرارات الدولية، هي فقط تستبدل الانقلاب بانقلاب آخر، وميليشيا الحوثي بميليشيا أخرى تتبع السعودية والامإرلت أشد عداء للشرعية وتمردًا عليها!!
وفي تعليقها على أزمة مطار عدن، قالت كرمان على صفحتها الرسمية: “حسب وزير النقل اليمني فإن الحكومة اليمنية لا تسيطر على مطار عدن، الإمارات هي من تسيطر عليه، وما لم يقله الوزير أن الحكومة الشرعية لا تسيطر على شبر من الأراضي المحررة من سيطرة الحوثي وهي بالمجمل خاضعة للاحتلال والهيمنة والوصاية الإماراتية السعودية”.
وأضافت فيما يخص معركة الحديدة أن “المعركة التي بدأت بكذبة وانتهت بخديعة تحوّل كثيرون إلى مجرد بيادق وأبواق إعلامية لخدمة المحتل الإماراتي السعودي، في معركة إن لم تكن وهمية فهي لا وطنية، صحيح أن الجماعة الحوثية جماعة فاشية سلالية تمثل أبشع أنواع الاحتلال الداخلي، لكن ما هو أصح أن الهيمنة والاحتلال والوصاية الإماراتية السعودية أشد بشاعة وأكثر قبحًا، ويجب أن لا نكون جزءًا من معركتهم ولخدمة أطماعهم الشريرة في اليمن”.
وفي هذا السياق رفض المجلس المحلي لمحافظتي المهرة وسقطرة دعوة لدمج أو تشكيل قوات عسكرية تدعمها الإمارات في المحافظات الجنوبية، باعتبارها قوات احتلال، كما خرجت المظاهرات الشعبية ضد الإمارات ووصفتها بالاحتلال.
أجندة قوة احتلال
المراقبون الغربيون، أيضًا، يرون أن الإمارات قوة احتلال؛ فبينما كانت الرياض مترددة في إرسال قوات برية إلى اليمن، كان لدى الإمارات قوات برية ستنتشر على نطاق واسع، ولعب الإماراتيون دورًا رئيسيًا في إنشاء دولة موازية تحت سيطرتهم بعد الاستيلاء على مدينة عدن الساحلية في يوليو 2015، عبر تدريب عشرات الآلاف من القوات اليمنية في الجنوب واستيراد مئات من المرتزقة ذوي المهارات العالية من أمريكا الجنوبية للقتال نيابة عنها، وبناءً شبكة من سجون التعذيب في جنوب اليمن؛ حيث يختفي الآلاف من المشتبه بأنهم “إرهابيون”، وبتوزيع صارم للمهام الموكلة إليهم يقوم الإماراتيون بالتعذيب وقوات الولايات المتحدة الأمريكية بالتحقيق، كما أنشأت الإمارات بنية أمنية موازية في جنوب اليمن؛ حيث لا تتلقى الأوامر إلا من أبوظبي.
الإمارات بحسب مراقبين تهدف في الأساس إلى التحكم في مراكز التجارة ذات الأهمية الاستراتيجية، وإنشاء هياكل عبر إقليمية في الشرق الأوسط وخارجه، وفي اليمن، تجلّت هذه الطموحات في عدة طرق هامة من الناحية الاستراتيجية: السيطرة على جزيرة بريم في مضيق باب المندب، وتحويل جزيرة سقطرى في خليج عدن إلى مستعمرة سياحية وعسكرية للإمارات، إضافة إلى جهود ناجحة للسيطرة على شبكة من الموانئ في اليمن، مؤكدًا أنَّ الإمارات تسعى بشكل طموح إلى تنفيذ مشروع اليمن المقسّم والمصلحة الوحيدة للإمارات الآن في السيطرة على 2000 كيلومتر من الساحل اليمني، وهي الدعامة المركزية في مخطط أبوظبي لتصبح قوة عظمى في مجال الطاقة.
صحيفة “واشنطن بوست” خصصت افتتاحيتها للوضع اليمني في مايو الماضي ولخّصت المشكلة اليمنية بقولها: “مشكلتها تكمن لدى السعوديين والإماراتيين الذين يبدون مهتمين في السيطرة على الموانئ اليمنية أكثر من إنهاء الحرب”.
مركز (مكافحة الارهاب (CEC (في كلية ويست بوينت العسكرية الأمريكية)، أكّد كذلك الأزمة في تقرير جديد أصدره مؤخرًا، حيث رصد أنَّ القوات العسكرية الإماراتية البرية على الأرض اليمنية، يُنظر إليها كـ”قوة احتلال استعمارية”.
وبحسب تقرير لـ”موقع ميدل ايست آي” فإنَّ الإمارات تبني إمارة ثامنة لها في جنوب اليمن، مؤكدًا أنه مع استمرار الحرب في البلاد أظهرت الإمارات بشكل متزايد أنها تبتعد عن التحالف العربي الذي تقوده السعودية لمتابعة أجندة خاصة بها.
اضف تعليقا