إبراهيم سمعان
أكد الكاتب الأمريكي “توم ريجان”، أن ملامح الشرق الأوسط الجديد، خلال القرن الحادي والعشرين، بدأت تتشكل ببطء دون أن يلحظ أحد.
وأوضح في مقال بمجلة “ذي أرب ويكلي” البريطانية أن ثمة تحولات في الاتجاه تحدث في السعودية وتركيا، وصراعات يجري حسمها في العراق وسوريا، كلها تحدد شكل المنطقة في القرن الحالي، دون إغفال لطبيعة ومدى النفوذ الأمريكي والروسي بالمنطقة.
وتابع يقول: “هناك دائمًا شيء مثير للاهتمام يحدث في الشرق الأوسط، إنها منطقة تتميز أحيانًا بعدم الاستقرار، لكن ثقافتها وروحها ظلت مستقرة لمدة قرن تقريبًا من الزمان، كان من السهل نسبيًّا التنبؤ بالخطوات على رقعة الشطرنج الإقليمية”.
وأضاف: “يبدو أن هذا يتغير، لقد جذب “الربيع العربي” وصراع اليمن والأزمة السورية انتباه العالم في العقد الماضي، مع ذلك وبشكل غير ملحوظ، فإن الشرق الأوسط الجديد، بما في ذلك التحالفات الجديدة، بدأ يتبلور ببطء”.
وأردف: “لن يكون الشرق الأوسط في القرن الواحد والعشرين هو شرق أوسط القرن العشرين، خذ على سبيل المثال السعودية؛ لعقود من الزمان اتبعت الرياض سياسة التغيير التدريجي، عندما حدث التغيير كان محسوسًا بالكاد، ولم تكن له سوى ردات فعل قليلة حول العالم، داخل المنطقة أو في السعودية نفسها”.
ومضى قائلًا: “بدأ ذلك التغيير في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، لم يكن الأمر كما لو أن السعودية قد انتقلت من صفر إلى60 ميلًا في الساعة، ولكن التغييرات التي بدأها كانت كبيرة، وشمل ذلك دورًا موسعًا للنساء، والتخطيط لاقتصاد ما بعد النفط”.
وتابع الكاتب بقوله: “تسارعت التغييرات في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وابنه ولي العهد محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، لقد كان ولي العهد على وجه الخصوص محركًا للتحول، ركز الكثيرون في الغرب على التغييرات التي طرأت على حياة النساء – قريبًا سوف يتمكنون من القيادة – والتحولات الثقافية، مثل إعادة افتتاح دور السينما، لكن المبادرات الاقتصادية أكثر أهمية.”
وقال “ريجان”: “أظهرت زيارات ولي العهد الأمير محمد الأخيرة للولايات المتحدة وأوروبا رغبته في إقامة علاقات تجارية جديدة مع الغرب، في الوقت نفسه تتطلع السعودية إلى الشرق، وتبني علاقات اقتصادية مع الصين، وتوقع صفقة ضخمة مع الهند”.
واعتبر أن هذه إشارة واضحة للولايات المتحدة بأنه على الرغم من العلاقات الوثيقة مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وسنوات طويلة من الاتفاق السعودي الأمريكي، فإن الرياض ستعمل مع أي طرف.
وأشار الكاتب إلى أن التغيير الرئيسي الآخر في السياسة السعودية هو موقفها الأكثر تسامحًا تجاه إسرائيل، مضيفًا: “في حين أن العلاقة قد لا تكون ودية مثلما تريد تل أبيب، إلا أنه لا يوجد شك في أن السعودية وإسرائيل تريان إمكانية وجود معادلة تجارية مفيدة للطرفين”.
وتابع: “الأهم من ذلك أنهم يرون عدوًّا مشتركًا، وهو إيران، في مثال واضح على المثل القائل: “عدو عدوي هو صديقي”، قال الخبراء إن السعودية وإسرائيل تعملان بشكل وثيق معًا وراء الكواليس، خاصة فيما يتعلق بالأمن في محاولة تتسم بالتصميم لتقويض إيران”.
ومضى يقول: “تخشى الدولتان من طموحات إيران النووية وخططها في سوريا،كلاهما قلق بشأن ما قد تعنيه للمستقبل، من المحتمل أن تكون المواجهة بين السعودية وإسرائيل من ناحية، وإيران من ناحية أخرى، هي الصراع السائد في المنطقة في هذا القرن”.
وأضاف: “هذه الديناميكية الجديدة ـ في حد ذاتها ـ ستكون مدمرة بما فيه الكفاية، لكنها واحدة من التغييرات الرئيسية الأخرى الجارية في المنطقة”.
ونوه “ريجان” بأن السعودية ليست البلد الوحيد الذي يتجه في اتجاه مختلف في القرن الواحد والعشرين.
ولفت إلى أن تركيا تتحول أيضًا بشكل عاصف، مشيرًا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وضع حدودًا للعلاقة الأمريكية التركية الطويلة، وأوضح أن تركيا في عهد أردوغان تبدو أقرب لروسيا، التي تريد بشدة دورًا أكبر في المنطقة.
ومضى قائلًا: “إذن، ما هو مجال النفوذ الذي ستعيشه تركيا بعد 20 سنة؟ ليس من السهل أن نجيب؛ لأن “أردوغان” قائد لا يمكن التنبؤ به، ومع ذلك، مهما كانت الوجهة التي تختارها أنقرة، سيكون لها نتائج مهمة”.
وحدد الكاتب عوامل أخرى من شأنها تحديد ملامح الشرق الأوسط في القرن الواحد العشرين بطرح بعض التساؤلات، قائلًا: “هناك تغييرات رئيسية أخرى ستنفذ في المنطقة في العقد القادم، ماذا سيخرج من فوضى سوريا؟ هل سيبقى بشار الأسد في السلطة؟ ماذا سيكون مستقبل العراق؟ هل ستبقى دولة واحدة أم ستضطر في النهاية إلى الانقسام إلى ثلاثة؟ ماذا عن مستقبل الأكراد؟ هل يمكن أن نرى في النهاية ظهور أمة كردية في 10-15 سنة؟ كيف ستستجيب بلدان أخرى في المنطقة لذلك التطور؟ أي نوع من التنظيم الإقليمي سينشأ من رماد مجلس التعاون الخليجي؟ هل ستكون قطر وجيرانها على خلاف لمدة سنوات قادمة؟”.
وأضاف: “أخيرًا، هناك مسألة الولايات المتحدة وروسيا، في ظل الإدارتين السابقتين في الولايات المتحدة، كان هناك تراجع في نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة،كان هناك أيضًا توسع في الوجود الروسي، إذا استمر هذا الاتجاه فستكون هناك نتائج هامة، خاصة بالنسبة للمسألة السعودية الإيرانية، وستؤثر على النمو الإقليمي للديمقراطية”.
واختتم بقوله: “في الواقع، سيكون الشرق الأوسط في القرن الواحد والعشرين مختلفًا تمامًا عن نظيره في القرن العشرين”.
اضف تعليقا