إبراهيم سمعان
ما يشهده قطاع غزة هو تذكير مأساوي للمجتمع الدولي بتخاذله أمام الشعب الفلسطيني الذي يواجه وحشية إسرائيل والفشل التاريخي لحلفائهم العرب.

تحت هذه الكلمات نشرت مجلة “لونوفيل أوبسرفاتو” الفرنسية افتتاحية عن الأوضاع التي تشهدها غزة ونضال سكانها أمام آلة الحرب الإسرائيلية.

وقالت الكاتبة سارة دانيال: أثناء وفاة طفلة فلسطينية الاثنين 15 مايو جراء استنشاقها الغاز المسيل للدموع في مدينة غزة، كانت تُفتح زجاجات الشمبانيا، على بُعد أقل من ساعة ونصف على نفس الطريق، للاحتفال بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس.
وأضافت “وعلى الرغم من انتشار القناصة الإسرائيليين، فإنّ سكان غزة يستمرون في التجمع أمام الجدار الفاصل هذا السجن الملعون في الهواء الطلق الذي يحاصر غزة، إنه عار إسرائيل والمجتمع الدولي أمام مسيرة العودة الكبرى، التي بدأت يوم 30 مارس للمطالبة بالأراضي التي استولت عليها إسرائيل، قبل سبعين عامًا، وكذلك إنهاء الحصار الإسرائيلي- المصري الذي يخنق القطاع.
وأشارت الكاتبة إلى أنه خلال هذا الاثنين الأسود، قُتل 59 شخصًا، وجُرح أكثر من 2400 آخرين بالرصاص.

عنف لا يصدق

وأوضحت أنه خلال هذا لصراع العربي الإسرائيلي عادت مرة أخرى حرب الصور؛ ففي هذا اليوم الرمزي احتفل الإسرائيليون بالذكرى السنوية السبعين لولادة دولتهم، ومعجزة استمرار هذا البلد الصغير الذي تحيط به الدول المعادية، بينما احتفل الفلسطينيون بـ “نكبتهم” التي دفعتهم على طرقات المنفى، في ظل عدم اكتراث المجتمع الدولي الذي سئم صراعًا لا نهاية له.

وتتابع سارة دانيال خلال هذا المسيرة، حاول أهالي غزة العودة إلى خريطة الاهتمامات العالمية وتذكير العالم الذي نسي قضيتهم. وفي هذه الأثناء كان يحتفل الإسرائيليون والأمريكيون والسعوديون والمصريون بتحالفهم على ظهور أولئك المهزومين في التاريخ، وحثهم على قبول اتفاقية، وصفها دونالد ترامب بـ “الصفقة النهائية”، التي لا تزال خطوطها غامضة، لكن يمكننا التأكد من أن هذه الصفقة ستقر هزيمة الفلسطينيين.

وتساءلت “لكن لماذا يلجأ الإسرائيليون إلى هذا العنف غير المسبوق وغير الضروري في ظل اعترافهم بأن مخاوفهم الحقيقية من الجبهة الشمالية مع حزب الله وإيران؟ فهل هو غطرسة المنتصرين؟ على أية حال، لم تسمع إسرائيل تحذير هدى نعيم، النائب في حركة حماس.
وكانت نعيم قالت في بداية المسيرة: “نعتبر أن هذه المسيرات السلمية اليوم هي أفضل وسيلة للوصول إلى نقاط ضعف عدوّنا”.

وتؤكد الكاتبة أنه وبنفس روح حملات BDS الداعية إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، فكّر جيل جديد من النشطاء يعتقد أنه من خلال هذا النهج غير العنيف في ثقافة غاندي سيكون بمثابة فرصة للقضية الفلسطينية للعودة إلى واجهة المشهد الدولي.

وتتسأل سارة دانيا مجددًا إن كان المتظاهرون الفلسطينيون يتم التلاعب بهم من قبل المنظمات السياسية، فالمسيرة التي بدأت منذ ستة أسابيع أدّت إلى مقتل أكثر من 100 شخص، فهل حركة حماس التي تجاوزتها المسيرة المدنية السلمية التي يقوم بها الفلسطينيون، هي من تشجع الغزاويين على استفزاز الجنود الإسرائيليين والدفع بهم إلى الموت المحقق؟ ربما وستؤكّد الحكومة الإسرائيلية ذلك.

وبيّنت أن هذا لا يكفي لشرح عزيمة سكان القطاع الذين أصابهم اليأس وأنهكتهم ظروف الحياة، فما يحدث هو تذكير مأساوي للمجتمع الدولي الذي تخلى عن الشعب الفلسطيني أمام وحشية إسرائيل وأمام الفشل التاريخي لحلفائهم العرب وهو مصير نتحمل مسؤوليته جميعًا.