إبراهيم سمعان

تساءل موقع مجلة “إنترناشيونال بوليسي دايجست”، الذي يصدر من كوريا الجنوبية، عما إذا كانت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد اتخذت قرارًا بالفعل بالتوجه إلى الحرب ضد إيران، على غرار ما قامت به إدارة الرئيس جورج بوش ضد العراق في أعقاب هجمات 11 سبتمبر في 2001 ضد نيويورك وواشنطن.
وأضاف الموقع في تحليل أعده “كون هالنان”، أن الإدارة الأمريكية تستخدم العقوبات لفرض إعادة التفاوض على الاتفاق النووي ويبدو بمثابة غطاء لهجوم عسكري في نهاية المطاف تشنه الولايات المتحدة وإسرائيل والمملكة العربية السعودية بهدف تغيير النظام في طهران.

ودلل الكاتب على وجهة نظره قائلًا: “الناس في جميع أنحاء البيت الأبيض، ولاسيما جون بولتون، مستشار الأمن القومي، يعرفون أن العقوبات نادرًا ما تؤدي إلى نتائج، بينما تفشل دائمًا القرارات الأحادية الجانب”.
وأردف: “لم تنجح العقوبات المفروضة على كوبا وكوريا الشمالية والعراق وليبيا في إزاحة أي من أنظمتها”، موضحًا أنه في نهاية المطاف تم إسقاط صدام حسين، ومعمر القذافي في ليبيا بالقوة النارية الأمريكية، وليس العقوبات.
وأشار إلى أن الحالة الوحيدة التي أنتجت فيها العقوبات بعض النتائج هي تلك التي طُبِّقت على إيران من عام 2010 إلى عام 2015، وذلك لأنها كانت متعددة الأطراف، وتشمل الصين والهند وأحد عملاء إيران الرئيسيين، وهو الاتحاد الأوروبي”.
ولفت إلى أنه عندما فرضت واشنطن عقوبات من جانب واحد على كوبا وإيران وليبيا في عام 1996، كانت هذه الخطوة بمثابة فشل واضح.
وأوضح أن إعادة فرض العقوبات على طهران هذه المرة، وبسبب غياب العديد من الأطراف عنها، لن يؤدي إلى خفض صادرات طهران من النفط بنسبة أكبر من 10٪ إلى 15٪، ولن تصل النسبة بأي حال من الأحوال إلى 50%، وهي النسبة التي خسرتها إيران بموجب نظام العقوبات السابق.

وأضاف: “باختصار، لن تنجح العقوبات.. التطورات تشير إلى أن الإدارة تضع بالفعل خطة تقود من العقوبات الاقتصادية إلى عمليات قصف”.
ومضى يقول: “هناك التنسيق وثيق بين البيت الأبيض وتل أبيب، وكان خطاب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 30 أبريل قبيل انسحاب “ترامب” من الاتفاق الإيراني قد تم تصميمه لإعطاء واشنطن مبررًا للحيلولة دون التوصل إلى اتفاق،كل ما كان نتنياهو قد كشف عنه حول البرنامج النووي الإيراني هو أخبار قديمة، معروفة بالفعل من قبل أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية والأوروبية”.
وأردف: “قبل أربعة أيام من خطاب نتنياهو، التقى وزير الدفاع الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان بنظرائه الأمريكيين، وبحسب موقع (المونيتور) فقد حصل على ضوء أخضر لأي عمل عسكري قد تتخذه تل أبيب ضد إيران.
وأضاف: “في نفس اليوم الذي كان يجري فيه ليبرمان اجتماعات بالبنتاجون، طلب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو من السعودية إنهاء حملتها ضد قطر، لأن الأمريكيين أرادوا أن يتحد مجلس التعاون الخليجي حول حملة ضد إيران”.
وأشار إلى أن كل خطوة من هذه التحركات على ما يبدو محسوبة لتمهيد الطريق أمام مواجهة مباشرة مع إيران تتضمن مزيجًا من الولايات المتحدة وإسرائيل والعضوين الأكثر عدوانية في دول مجلس التعاون الخليجي، السعودية والإمارات.
وقلل الكاتب من احتمال فوز أمريكا بالحرب، قائلًا: “بعد ما يقرب من 17 سنة من الحرب، لا تزال الولايات المتحدة غارقة في أفغانستان، وقد غادرت العراق ولديها شعور بالخزي، في الواقع، كانت آخر مرة فاز فيها الجيش الأمريكي بالحرب في جرينادا، أما بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فعلى الرغم من مرور أكثر من عامين على الحرب التي لا هوادة فيها في اليمن، فإن الملوك ليسوا أقرب إلى النصر مما كانوا عليه عندما بدأت الحرب. كما أن حزب الله أوصل إسرائيل إلى طريق مسدود عام 2006”.

وأضاف: “في حين أن إيران لا تملك الكثير من القوة العسكرية، إلا أن لديها 80 مليون شخص لديهم نزعة قومية قوية، ومن المؤكد أنهم سيتحدون ضد أي مهاجم، سيكون من المستحيل “كسب” الحرب ضد إيران دون اللجوء إلى غزو بري”.
وأردف: “لكن ليس لدى أي من خصوم إيران القدرة على تنفيذ ذلك، لدى السعوديين سجل عسكري كئيب، وقد تعثرت القوات الإماراتية في حملتهم الرامية إلى الاستيلاء على العاصمة اليمنية صنعاء من ميليشيا الحوثي، والإسرائيليون لا يملكون القوات – وعلى أي حال، لن يضعوا هذه القوات بعيدًا عن الوطن – والأمريكيون ليسوا مستعدين لإرسال قوات المارينز”.
وأوضح الكاتب أنه على الأرجح ستكون هذه حرب طائرات وصواريخ لتدمير البنية التحتية العسكرية والمدنية لإيران، مشيرًا إلى أن هناك القليل الذي يمكن أن تفعله طهران لوقف مثل هذا الهجوم، خاصة أن أسلحتها المضادة للطائرات عتيقة الطراز .
وأشار إلى أن إيران لديها طرق أخرى للرد، لافتًا إلى أن الإيرانيين أظهروا قدرًا كبيرًا من المهارة في الحرب غير المتماثلة في العراق وسوريا واليمن.
وأضاف: “لكن الضرر الحقيقي سيكون تداعيات الحرب، إن سعر النفط في ازدياد بالفعل، ومن المرجح أن تصل به الأعمال العدائية في وسط أحد أكبر مستودعات النفط في العالم إلى الذروة”.
ومضى يقول: “في حين أن ذلك سيكون جيدًا بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، فإن أسعار النفط المرتفعة ستؤثر على اقتصاديات الاتحاد الأوروبي والصين والهند وحتى الولايات المتحدة”.
وتابع: “ما ستفعله الحرب بالتأكيد هو إعادة إشعال مساعي إيران لبناء سلاح نووي، إذا حدث ذلك، ستتبعها السعودية في هذا المسعى، وسيواجه العالم العديد من القوى النووية الجديدة في واحدة من أكثر المناطق تقلبًا في العالم”.
واعتبر الكاتب أن هذا لا يعني أن الحرب أمر لا مفر منه، مشيرًا إلى أن أوروبا يمكن أن تلعب دورًا رئيسيًّا هنا من خلال دعمها القوي للاتفاقية المشتركة ومقاومة العقوبات الأمريكية، حتى لو كان ذلك يعني الحصول على ضربة مالية، غير أن بعض الشركات الأوروبية أعلنت بالفعل أنها تسحب استثماراتها.

وتابع: “يمكن للكونجرس الأمريكي أيضًا أن يساعد في وقف الحرب، على الرغم من أنه سيحتاج إلى أعضاء – معظمهم ديمقراطيون – لوضع تحيزهم ضد إيران جانبًا،كما سيعني ذلك أن الكونجرس – مرة أخرى، وبشكل أساسي الديمقراطيين – سيتعين عليه تحدي الدور الذي تلعبه إسرائيل”.
وأضاف: “لن يكون ذلك سهلًا، لكن ربما ليس بنفس الصعوبة التي كانت عليه في الماضي. إن وحشية إسرائيل ضد الفلسطينيين خلال الشهر الماضي لم تفز بأية أصدقاء إلا في البيت الأبيض والحلبة الإنجيلية “.
وأردف: “على الكونجرس أيضًا قطع الإمدادات عن دول مجلس التعاون الخليجي، والتوقف عن مساعدة السعوديين في حربهم على اليمن”.
واختتم بقوله: “إذا جاءت الحرب، سيجد الأمريكيون أنفسهم في وسط صراع لا يمكن الفوز به، من شأنه أن يزعزع استقرار الشرق الأوسط واقتصاد العالم، ويصب المزيد من موارد هذا البلد في مستنقع آخر”.