كشفت السلطات الأردنية عن خبايا وأسرار جديدة حول محاولة الانقلاب الفاشلة التي قام بها الأمير حمزة بن الحسين – الأخ غير الشقيق للعاهل الأردني- من أجل الإطاحة بأخيه الملك عبد الله والاستيلاء على الحكم، وذلك عبر مراقبة هاتف الأمير وعدد من الشخصيات الأخرى.

 

وبحسب الرسائل والمكالمات التي تم العثور عليها عبر مراقبة هاتف الأمير حمزة – ولي العهد الأردني السابق، وغيره، فإن مساعدي الأمير عملوا من أجل الحصول على مبايعة نيابة عنه من زعماء القبائل وضباط الجيش السابقين في الأسابيع التي سبقت اعتقاله.

 

هذه التسجيلات هي أدلة رئيسية في القضية المرفوعة من قبل الحكومة الأردنية ضد رجلين متهمين بالعمل كوكلاء لحمزة في محاولة فاشلة للإطاحة بأخيه الملك عبد الله، ومن المتوقع أن يُحاكم الرجلان – باسم عوض الله، المبعوث السابق للسعودية، والشريف حسن بن زيد، ابن عم الملك – في عمان في الأيام المقبلة.

 

الجدير بالذكر أن عوض الله ظل محتفظاً بعلاقة وثيقة مع الرياض، ولعل هذا ما يفسر قيام وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود بالسفا سافر إلى عمان في اليوم التالي لاعتقاله سعياً لإطلاق سراحه.

 

المكالمات والرسائل، التي حصلت الغارديان على نسخة منها، حدثت على مدى ثلاثة أسابيع في مارس/آذار، وهي الفترة التي يقول المسؤولون فيها إن حمزة حاول حشد الدعم من عدد من الشخصيات الفاعلة وذات النفوذ الشعبي من أجل مؤامرة مثيرة للفتنة في تحد لحكم الملك عبد الله.

 

وتشتمل التسجيلات على المصطلح العربي “مبايعة”، الذي يعني أداء القسم لخليفة أو ملك، وقد أثار استخدام مثل هذه العبارة قلق مسؤولي المخابرات الذين بدأوا في مراقبة حمزة ومساعديه، مما أدى إلى مشاهدة نسخة حقيقية من “لعبة العروش”، والتي وضعت اثنين من كبار أفراد العائلة المالكة في الأردن في موقف حرج مع أقرب حليفين لها.

 

كشفت صحيفة الغارديان يوم الأربعاء (26 مايو/أيار) أن الولايات المتحدة حذرت من المؤامرة المزعومة في مكالمة مع المخابرات الأردنية في مارس/آذار، وفي الوقت نفسه، تم تسليم تقرير إلى الملك عبد الله، والذي تم استبعاده نسبياً من خطط غاريد كوشنر صهر دونالد ترامب لإعادة تشكيل الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع المضطربة للرئيس الأمريكي السابق.

 

جاء التحذير الأمريكي بعد أن قيل إن بن زايد اقترب من دبلوماسي أمريكي طالبًا بدعم صعود ولي العهد السابق إلى العرش.

 

بحلول ذلك الوقت، قام مسؤولو المخابرات الأردنية بمراقبة عدة مكالمات تبين أنها تحريض على خيانة الملك، على سبيل المثال جاء في إحدى المكالمات لأحد زعماء القبائل قوله “رجلنا اتخذ قراراً بالتحرك.. فهل تبايعون؟”.

 

من جانبهم، قامت المخابرات باختراق اجتماعاً ضم عدد من زعماء وقادة القبائل في شمال الأردن، حيث ناقش الحاضرون كيفية تنظيم الدعم لحمزة، وبحسب الاجتماعات التي تم اختراقها، فإن اجتماعات المدنيين كانت تُعقد بحضور حوالي 15 شخصاً، بينما اقتصرت اجتماعات القادة العسكريين المتقاعدين على سبعة.

 

التهمة التي وجهتها السلطات الأردنية ضد الأمير حمزة -الذي لا يزال رهن الإقامة الجبرية منذ اعتقاله أبريل/نيسان الماضي- هي أنه سعى إلى التحرك ضد الملك عبد الله، الذي أبعده عن خط الخلافة عام 2004 ونصب ابنه ولياً للعهد بدلاً منه.

 

منذ منتصف مارس/آذار الماضي، كان واضحاً أن الأمير حمزة يخطط لأمر ما، خاصة بعد زيارته لأقارب المتوفين بسبب كوفيد-19 داخل إحدى المستشفيات بعد نفاد الأكسجين، أحدث ذلك شرخاً داخل العائلة المالكة هز صورة الأردن المستقرة في منطقة مضطربة.

 كانت الزيارة التي قام بها في 14 آذار/مارس إلى مدينة السلط “القشة التي قصمت ظهر البعير”، على حد تعبير أحد كبار المسؤولين في المؤسسة.

وأضاف مسؤول كبير: “وصل حمزة مرتدياً ربطة عنق والده [الملك حسين]”، وبحسب الرسائل التي تم مراقبتها قال المسؤول “كانت هناك رسائل بينه وبين أصدقائه تقول: لا تلتقط صورة مع جلالة الملك”.

 

بحلول منتصف شهر مارس/آذار، بعد تسليم التحذيرات إلى الديوان الملكي ومديرية المخابرات العامة الأردنية، اعتقد المسؤولون أن حمزة حاول استغلال مجموعة من الأحداث كفرصة لبناء الزخم وحصد الدعم الشعبي، حيث تزامن ذلك مع إحياء ذكرى معركة استمرت 50 عامًا مع إسرائيل وحركة شبابية عمرها عقد من الزمن، وكذلك عيد الأم.

 

وقال المسؤول “في تلك المرحلة كان حمزة يطلب النصيحة بشأن كيفية المضي قدما”، وتابع “قيل له: هذه القرارات تحتاج إلى ردود مدروسة… عندما يحين وقت الضربة القاضية الكاملة، ستعرف”.

 

قالت مصادر إقليمية إن المؤامرة المزعومة قد تكون خاتمة لدراما أوسع في المنطقة على مدى السنوات الأربع الماضية: محاولة كوشنر إطلاق ما يسمى بـ “صفقة القرن”، والتي حاولت تدمير الآراء التقليدية بشأن القضية الفلسطينية.

لم يكن الملك عبد الله مؤيداً بقوة لخطط كوشنر، حيث عارض [عبد الله] بشدة صفقة القرن  باعتباره تهديدًا مباشرًا لوصاية المملكة على الأماكن المقدسة في القدس – وهو وجه رئيسي من جوانب الشرعية الهاشمية – وضربة للآمال في أن يتمكن عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن يومًا ما من العودة إلى بلادهم، في المقابل كان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان جزءًا لا يتجزأ من طموحات كوشنر، ولعل هذا ما يفسر اهتمام الرياض بأحد المتهمين في قضية الانقلاب الأردني: باسم عوض الله.

 

للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا