في شهر سبتمبر الماضي اتهمت محكمة أمريكية أحد رجال الأعمال المقربين من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يدعى “توماس باراك” بالتجسس لصالح جهة أجنبية والتي اتضح فيما بعد أنها كانت دولة الإمارات، وقد أقر المدعون الفدراليون الأمريكيون نفس الاتهامات لباراك بالإضافة إلى التآمر مع أبوظبي للتأثير على إدارة ترامب والكذب على مكتب التحقيقات الفيدرالي بغرض عرقلة العدالة، لكنه تم الإفراج عنه بعد إيداعه سندات بقيمة ضخمة تقدر ب 250 مليون دولار، وفي الأسبوع الماضي طرأت مستجدات على القضية وحدثت وزارة العدل لائحة اتهام “باراك” وأضافت عليها حصوله على أموال من صندوق الثروة السيادي في الإمارات بشكل من شأنه تعزيز أجندة إدارة الإمارات وثروته الشخصية فكيف جندت الإمارات عميل لها مقرب من البيت الأبيض وما الغرض من ذلك؟!.

تمويل بن زايد 

كشفت لائحة الاتهام برسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية ترجع إلى عام 2017 عن طلب باراك التمويل من ولي العهد آنذاك والرئيس الحالي للإمارات محمد بن زايد كما تتدلل تلك الرسائل إلى أن باراك كان يعمل تحت إشراف محمد بن زايد بشكل شخصي بغرض التأثير على إدارة ترامب وتبني سياسات مواتية لدولة الإمارات، وهو ما كشفه ممثلو الإدعاء حيث وجدت رسائل نصية تظهر أن باراك صاغ خطاباً إلى الرئيس الأمريكي السابق ترامب تضمن مدحاً في بن زايد والإمارات وهو ما أسعد الإمارات بشكل كبير بحسب “راشد المالك” وسيط الحكومة الإماراتية والذي وجهت له لائحة اتهامات شبيه بباراك لكنه غير خاضع للتحقيق لأنه خارج الأراضي الأمريكية.

لائحة الاتهام 

كشفت لائحة الاتهامات أن باراك تلقى تعليمات من مدير حملة ترامب السابق “بول مانافورت” والذي اتهم بالعمالة لصالح الحكومة الروسية، لأجل تكييف احتياجات الإمارات في برنامج الحزب الجمهوري خلال حملة ترامب الانتخابية عام 2016، حيث تم التواصل حينئذ بين محمد بن زايد وترامب أعرب فيه رئيس الإمارات الحالي عن دعمه ترامب مقابل هيلاري كلينتون وكذلك أكد له على تأييد وولي العهد السعودي محمد بن سلمان للفكرة، وبعد فوز ترامب نفذ باراك خلال رئاسته لجنة تنصيب ترامب طلباً من راشد المالك بدفع حملة للتركيز على الشرق الأوسط ودعم الإمارات وهذا ما أقره المالك في الرسائل النصية حيث قال “سيجعلنا ذلك في وضع جيد”، وهذا ما جعل المحققين يتحدثون بعبارات لا لبس فيها عن أن المدعو باراك دفع من أجل تعزيز مصالح الإمارات وعمل كوكيل غير معلن لها.

باراك ليس الوحيد 

القبض على باراك لم يكن نهاية قصة العمالة الإماراتية بالبيت الأبيض بل فتح المجال للكشف عن لوبي يعمل لصالح الدويلة الخليجية التي تعمل على زعزعة الأنظمة وتقوم بالتجاوزات في الداخل والخارج وتريد أن تفلت من العقاب والمحاسبة، حيث كشفت التحقيقات أن باراك بالإضافة إلى المواطن الأمريكي ماثيو جرايمس والإماراتي راشد المالك قد عملوا على الدفع بمصالح الإمارات وتقديم المعلومات الاستخباراتية لها بأمر كبار المسؤولين في الإمارات، ليس ذلك فحسب فقد أشار باراك في التحقيقات إلى شخص آخر يدعى “الشحي” والذي قال عنه أنه سلاح الإمارات السري للترويج لأجندتها الخارجية في الولايات المتحدة.

ما كشفه التحقيق مع باراك هو جزء لا يتجزأ من منظومة تجسس وعمالة كاملة يرأسها محمد بن زايد وهي تعمل جاهدة من أجل التأثير على السياسة الأمريكية ومحاولة على الأقل تحييدها لتمر الإمارات بأفعالها الإجرامية من قمع داخلي وتنكيل بالمعارضين إلى العمل على زعزعة الأنظمة العربية والقضاء على الربيع العربي خارجياً مازال التحقيق مستمر.

اقرأ أيضاً : اللوبي الإماراتي: كيف تنفق مملكة أبناء زايد الملايين لتضليل الرأي العام البريطاني (1)