كشفت صحيفة “الجارديان” البريطانية وفق مقال مراسلها بالشرق الأوسط “مارتن شولوف”، عن مخاوف في الغرب من تعمق العلاقات بين روسيا والسعودية، بعد قرار “أوبك+” خفض إنتاج النفط.

أصيب الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، بخيبة أمل، قبل أن يتهم البيت الأبيض “أوبك+” بالانحياز إلى روسيا والتحالف معها.

قال “شولوف” إن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لديهما الكثير من القواسم المشتركة”.

وأضاف أن “كليهما (السعودية وروسيا) شن حربا على بلد مجاور، ويمتلك نفوذاً كبيراً على أسواق الطاقة، ومن المعروف أنهما لا يتقبلان أي معارضة وبأنهما يطمحان في أن يسجلا اسمهما في محافل التاريخ”.

فلم يشجب المسؤولون السعوديون الغزو الروسي لأوكرانيا، ولم تضغط موسكو على الرياض في الحرب التي شنتها على اليمن، والتي تركت البلد فقيرًا وبحاجة دائمة لمساعدات كبيرة.

وأوضح “شولوف” أنه “بعد قرابة 8 أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، وصلت العلاقات بين الرياض وموسكو إلى أوجها، وبقدر ما تضاعف دول أوروبا والولايات المتحدة وبريطانيا من محاولاتها لمحاربة زعيم روسي يزداد تهديدًا، فقد اختار الأمير بن سلمان بدلاً من ذلك تعميق العلاقات”.

ويرى الكاتب أن اجتماع “أوبك+” هو أحدث خطوة رئيسية في علاقة متنامية تتحدى بشكل متزايد مطالب حلفاء الرياض، ويبدو أنها تمنح “بوتين” الراحة في منعطف حرج من الحرب.

وأضاف: “من المرجح أن يسعى كلا البلدين إلى رفع أسعار النفط عن طريق خفض الإمدادات العالمية”.

وقال، إن مثل هذه الخطوة تأتي في أعقاب انقطاع واسع النطاق لإمدادات الغاز إلى أوروبا بسبب الحرب والتنبؤ بتفاقم أزمة أمن الطاقة مع اقتراب فصل الشتاء. كما أنه سيؤدي إلى عزل واشنطن، الحليف الذي حاول استمالة الرياض لتقليل ضغوط الإمداد.

وتغضب الخطوة واشنطن التي حاولت تجنيد الرياض في قضية خفض ضغوط الإمدادات عبر فتح الصمامات لاحتياطها النفطي الواسع.

وبدلًا من ذلك، وجد “بايدن” نفسه محدقا على حليف في الشرق الأوسط قام شخصيًا بزيارته خلال الصيف وسط وضوح أزمة إمدادات الطاقة، إلا أنه عاد خالي الوفاض من السعودية، ويجد نفسه الآن أمام منظور زيادة أسعار الوقود وأخذها معه إلى الانتخابات النصفية.

وأسوأ من هذا، فلربما نظر لزيادة أسعار النفط على أنها مساعدة لـ”بوتين” كي يمول حربه.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة “قمر” للطاقة “روبن ميلز”: “كانت الإدارات السعودية السابقة أكثر حساسية لمشاعر الولايات المتحدة على الرغم من أنها كانت ستفعل الشيء نفسه على الأرجح”.

وأضاف: “لطالما فعلت السعودية إلى حد كبير ما تريده فيما يتعلق بالنفط بغض النظر عن الامتيازات للولايات المتحدة، لكنها عادة ما تغلف ما تفعله بالسكر، لكن ليس هذه المرة”.

وقال”شولوف” إن علامة أخرى على تعميق الروابط بين موسكو والرياض ظهرت الشهر الماضي، عندما ضمن دبلوماسيون سعوديون، في لحظة نادرة من الدبلوماسية الدولية، إطلاق سراح أسرى من دول مختلفة، بينهم 5 بريطانيين، تم أسرهم في القتال الدائر في أوكرانيا.

وهناك إشارات عن رغبة الزعيم السعودي بتقليد قومية الدم والتراب للزعيم الروسي، ففي عام 2016، استدعى الأمير “محمد” حيث كان نائبا لوزير الدفاع، دبلوماسيين بريطانيين بمن فيهم ضباط بارزون في الاستخبارات (إم آي 6)، وكان الهدف الرئيسي من اللقاء، استشارة البريطانيين حول أنسب طريقة للتعامل مع “بوتين”.

وبدا الأمير “محمد” مقلدًا للرجل الذي درسه، فملاحقته للمعارضة تستدعي أصداء الزعيم الروسي، وكذا الدولة البوليسية الناشئة التي بناها على القومية السعودية، والتحكم بالمعارضة واستمالة طبقة رجال الأعمال والمصالح وتوسيع قاعدة حكمه.

وقال مسؤول بريطاني: “يرى بوتين النظام الدولي الجديد هذا، ويعتقد أنه يستطيع جلب محمد بن سلمان إليه”، مضيفا أن “السعوديين جالسون على رصيد قوي من النفط، الذي لا يزال له دور استراتيجي، وعليك ألا تلغي الكربون كأداة سياسية لعقود”.

وأضاف: “يعرف بن سلمان من هذا المنظور أنه يساعد بوتين، لكنه ليس مهتما.. وكذا الليبراليون التقدميون الذين ينظرون للقيادة من نفس العدسات”.

وتابع أنه بعد 4 سنوات من التداعيات العالمية لاغتيال المعارض والصحفي السعودي “جمال خاشقجي” على يد مساعدين أمنيين للأمير “بن سلمان” في إسطنبول التركية، أصبح وريث العرش السعودي في خضم عودة على الساحة الدولية.

 

اقرأ أيضا: رفض لقائهم.. بن سلمان يتعمد إهانة أمراء آل سعود