ترجمة عن تقرير نُشر في موقع “وورلد بوليتكس ريفيو“
ظهرت حالات الإصابة الأولى بفيروس كورونا في قطاع غزة في 21 مارس/آذار المنصرم، حيث تم تأكيد إصابة شخصين من العائدين من باكستان عبر معبر رفح الحدودي مع مصر بـ COVID-1، وهو الأمر الذي أدى إلى نشر موجات من الصدمة والخوف داخل الأراض الفلسطينية بأكملها.
الضفة الغربية لم تسلم من تفشي المرض أيضاً، حيث تم تأكيد إصابة سبعة فلسطينيين ممن تعاملوا بصورة مباشرة مع مجموعة من السياح الذين زاروا بيت لحم في 5 مارس/آذار، وعليه سعت السلطات بسرعة لتطبيق استراتيجية احتواء الفيروس، وفرضت إغلاقًا على الضفة الغربية بأكملها في 22 مارس/آذار، كما تم حظر التنقل بين المدن والقرى ومخيمات اللاجئين إلا في حالات الطوارئ الطبية.
حتى تاريخ 10 أبريل / نيسان، تم تأكيد إصابة 263 فلسطينيًا بالفيروس، 40 منهم من الأطفال، وفقًا لمتحدث باسم الحكومة الفلسطينية.
وعلى الرغم من خطورة الوضع داخل فلسطين، لم يتغير الوضع كثيراً فيما يتعلق بممارسات السلطات الإسرائيلية، حيث واصل الجيش الإسرائيلي غاراته على مدن الضفة الغربية، وقام بتفتيش منازل الأسرى السابقين وعدد من القيادات الفلسطينية.
كما واصلت إسرائيل سياستها في هدم منازل بعض الفلسطينيين، بزعم عدم وجود تصاريح البناء على الرغم من أنها نادرا ما تصدرها للفلسطينيين، بل تقوم بعرقلة إصدار تلك التراخيص، وتفرض تضييقات كثيرة على أي عملية لبناء أي مبنى فلسطيني، ومؤخراً قامت بمصادرة مواد تم تخصيصها لبناء عيادة لفحص ومتابعة المصابين بفيروس كورونا في منطقة وادي الأردن.
في حوار مع بعض المواطنين الفلسطينيين، أكدوا أن التعاون بين الإسرائيليين والفلسطينيين أمر حيوي لمعالجة COVID-19، لكنهم رفضوا فكرة أن التعاون يحدث بين جارتين ذات سيادة تتحد قواها لمحاربة عدو مشترك، فهم لا يعتبرون إسرائيل إلا محتل.
تم وضع قطاع غزة لأول مرة تحت الحصار من قبل إسرائيل ومصر عام 2007، بعد أن سيطرت حركة حماس الإسلامية على القطاع، ليعاني معظم سكانها، والبالغ عددهم 2 مليون نسمة، والمحشورون في قطعة أرض مساحتها 140 ميل مربع، من الفقر والجوع، مع تدهور الأنظمة الصحية التي تم تدميرها بفعل الحصار، والذي تسبب أيضاً في سوء التغذية للمواطنين هناك بسبب نقص الموارد والمواد الغذائية التي لا تصل إليهم بسهولة.
بالإضافة إلى ذلك، يعاني القطاع من بنية تحتية مدمرة، وخصوصا في مجال الصحة، مع نقص حاد في المعدات والموظفين، مما يجبر العديد من السكان على تقديم التماس لإسرائيل أو مصر أو الأردن للسفر للعلاج في أي من تلك الدول أو في دول أخرى.
ربما لعبت عزلة غزة، التي فرضتها ضوابط صارمة على الحركة عبر الحدود، دورًا في احتواء انتشار فيروس كورونا في البداية، حيث تأخر ظهور الفيروس فيها على عكس الضفة الغربية، ومع ذلك، ففي ظل نظامها الصحي السيء وكثافة سكانها، يخشى السكان من أن تفشي كورونا في غزة سيكون له عواقب كارثية.
في عام 2012، حذرت الأمم المتحدة من أن غزة ستكون “غير قابلة للعيش” بحلول عام 2020، وذلك بسبب الصراعات الدائرة والهجمات الإسرائيلية التي دمرت البنية التحتية الحيوية للمنطقة، مع انخفاض توافر المياه النظيفة والغذاء اللازم، مع تدمير شبكات الصرف الصحي، بالإضافة إلى انتشار البطالة وعليه ارتفاع معدلات الفقر وانخفاض الدخول.
ومن ناحية أخرى، فإن العديد من الكوادر الطبية في غزة غادروها للعيش والعمل في الخارج، ونتيجة لذلك، فإن نسبة مقدمي الخدمات وأسرة المستشفيات إلى المرضى غير كافية، كما أن القيود المفروضة على الاستيراد والتصدير تجعل من المستحيل تخزين الأدوية في الصيدليات والمستشفيات، حيث تم إبلاغ الجهات المعنية بنقص في الإمدادات الأساسية وأدوات الإسعافات الأولية البسيطة.
النظام الصحي في غزة قبل وصول فيروس كورونا كان يعاني وبشدة، وبعد وصول الفيروس فالنتيجة ستكون كارثية لا محال، حيث لا تمتلك غزة سوى 70 سريرا فقط من وحدات العناية المركزة، بعضها مشغول بالفعل، و 200 مجموعة اختبار.
ويتطلب تجنب تفشي المرض في غزة تعاون الحكومة التي تقودها حماس مع كل من إسرائيل والسلطة الفلسطينية، التي يرأسها حزبها المنافس، حركة فتح، وهما حزبان أصحاب تاريخ طويل من المنافسات وفشل مفاوضات التعاون والاتحاد.
في سياق متصل، أعلنت السلطة الفلسطينية في 06 مارس/آذار حالة الطوارئ لمدة شهر، ومددتها بعد ذلك لمدة 30 يومًا أخرى، مع إغلاق المدارس ودور الحضانة والجامعات ودور العبادة والمقاهي والمتاجر، كما تم إلغاء جميع حجوزات الفنادق السياحية في الضفة الغربية حيث تم إغلاق المتاحف والأماكن السياحية.
وكنتيجة طبيعة لذلك تدهور الاقتصاد الفلسطيني بصورة أكثر مما كان عليه، وقد صرح رئيس الوزراء محمد اشتية الأسبوع الماضي إن تقديرات الحكومة لإجمالي الخسائر التي لحقت بالاقتصاد الفلسطيني تبلغ 3.8 مليار دولار.
في 25 مارس/آذار ، أكد المسؤولون أول حالة وفاة فلسطينية متأثرة بإصابتها بفيروس كورونا، وهي امرأة في الستينات من عمرها من قرية بيدو، بالقرب من القدس، وقد أوضحت السلطات إن ابنها، الذي كان يعمل في إسرائيل، نقل المرض إليها وإلى عدد من أفراد العائلة وصل إلى 15 شخص، مما دفع السلطات إلى إغلاق القرية، وقد أثار ذلك مخاوف من المزيد من العدوى من إسرائيل، التي سجلت بالفعل أكثر من 10000 حالة.
تفشي المرض في إسرائيل يشكل خطورة على الفلسطينيين، وعلى الإسرائيليين أيضاً، فالمرض لا يحترم الحدود، وإذا وصل إلى الفلسطينيين في ظل النظام الصحي الحالي فوقوع الكارثة شيء حتمي، سيطول الإسرائيليين أيضاً، وعليه أكد العديد من الخبراء والمحللين أنه على السلطات الإسرائيلية التعاون مع السلطات الفلسطينية للحد من انتشار الفيروس ومحاولة احتواءه قبل أن يفتك بالجميع.
غادة الجدبة، مديرة برنامج غزة الصحي في الأونروا، وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين قالت: “لدينا ثمانية مخيمات للاجئين والبنية التحتية سيئة للغاية”، متابعة “هذا يؤكد ان انتشار الفيروس سيكون كارثة على غزة.. سيكون هذا وباء لا يمكن السيطرة عليه إذا تركت غزة وحدها للتعامل معها. “
من ناحيته، صرح الخبير في الصحة العالمية والبروفسير في جامعة سنترال فلوريدا “عاصي” “في أفضل حالاتها، قبل COVID-19، كانت غزة واحدة من أسوأ الأماكن على وجه الأرض من حيث النظام الصحي ، وخاصة لأولئك الذين يحتاجون إلى رعاية مكثفة”، مضيفاً “هذه الصور المروعة للمهنيين الطبيين المنكوبين من إيطاليا ونيويورك والصين في الأسابيع القليلة الماضية – تعكس ما يعانيه المهنيون الصحيون في غزة منذ أكثر من عقد.”
لن يكون لدى سلطات حماس سوى القليل من القدرة على احتواء تفشي الأمراض المعدية في هذه المنطقة المكتظة بالسكان، خاصة وأن العديد من الأسر متعددة الأجيال وتشترك في أماكن المعيشة، وقد لا يتمكن بعض أفراد الأسرة من البقاء في المنزل وعدم الذهاب للعمل.
اليوم، المعابر الإسرائيلية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مغلقة أمام حركة السير على الأقدام، مع استثناءات قليلة بما في ذلك الحالات الإنسانية والعمال، ولم تسمح السلطات الإسرائيلية سوى بفتح معبر واحد للتجارة، وهو ما يعتبره الخبراء غير كافياً، حيث قالت تانيا هاري، المديرة التنفيذية لمنظمة غيشا، وهي منظمة إسرائيلية غير ربحية تدافع عن حق الفلسطينيين في الحركة والتنقل: “إذا كان لديك سيطرة، فأنت تتحمل المسؤولية التي تأتي مع تلك السيطرة”، متابعة “يكشف فيروس كورونا عن هشاشة القطاع الصحي في غزة… ما يختلف اختلافا جوهريا هو أن الاقتصاد قد خنق عن قصد لسنوات عديدة والناس ليس لديهم شبكة أمان… ندعو إسرائيل إلى إزالة أي قيود “.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اقرأ أيضًا: إسرائيل تتحجج بمواجهة “كورونا” للتوسع في تجسسها على الفلسطينيين
اضف تعليقا