على أعتاب شهر رمضان، لا يزال الفلسطينيون في مخيمات اللجوء بالشمال السوري، أسرى شتاتهم الثاني، لم تشفع لهم السنوات السبعون الأولى عندما بدأ آباؤهم بسرد حكايات النزوح والتهجير، فما لبثوا حتى صاروا هم أبطال الحكايات الجديدة في مخيمات جديدة حاملين معهم حاضرا مليئا بالهموم والألم.

تحت أشجار الزيتون يقضي الحاج الستيني أبو وليد، معظم وقته هاربا من حرّ خيمته في مخيم “سجو” بريف حلب الشمالي، ولسان حاله يقول “واقع تتشابه أيامه بؤسا وقهرا تماما كتشابه الخيام بشحوبها وشكلها الصامت الذي لا يؤثر فيه صخب المناسبات!”.

يستذكر أبو وليد أيام رمضان في مخيم “حندرات” شمالي حلب، حيث كان يقيم، وكيف كان الناس يتهيأون للشهر الفضيل قبل حلوله بأيام، وكأنهم في عيد، حيث يقصدون أسواق المدينة لشراء أنواع الطعام وأشكاله، لوجبات الإفطار والسحور ولمناسباته.

يقول أبو وليد، الحال “اليوم تبدل الحال، لقد أجبرت على ترك مخيمي وداري قبل 6 سنوات لأجد نفسي أنا وأسرتي في خيمة حيث لا أعمال ولا مال”، مضيفا “نحن الآن على أبواب رمضان وليس لدينا قدرة على شراء الحاجيات الأساسية ناهيك عن متطلباته، في ظل الغلاء وانعدام الدخل”.

ويضيف “معاناتنا الأكبر في كل رمضان هي الحر والعطش فنلجأ نهارا الى أشجار الزيتون وعند الأفطار، وما أصعبها حينما لا تجد ماء باردا يطفئ صومك الطويل في الجو الحار، وهذا أقل القليل”.

وفي حديث أبو الوليد، لـ “قدس برس”، تمنى وجود منظمات مختصة ترعى كبار السن، كما الحال مع الأيتام والأرامل، لما يعانيه كبار السن من ضنك الحياة ومرارة العيش.

وإلى الغرب قليلا وتحديدا في مخيم “دير بلوط” بناحية “جنديرس” جنوبي “عفرين”، التقت “قدس برس” مع الناشط الإعلامي الفلسطيني إبراهيم الشهابي والمهجر من مخيم “اليرموك” للاجئين الفلسطينيين، لسؤاله حول وقع شهر رمضان على أهالي المخيم.

وقال “لربما الألم الأكبر، أننا بتنا نخشى قدومه في ظل الفقر الشديد الذي يمنع الكثيرين حتى من شراء الثلج لتبريد الماء!”، مستدركا إلا أن “بركة هذا الشهر وأجر مشقته ما يصبرنا على هذه الحياة”.

وتحدث الشهابي عن معاناة الأرامل والأيتام الذين لا يجدون من يعيلهم في الوقت الذي لا يجد فيه حتى الشباب مصدرا للرزق، رغم إطلاقهم للكثير من المناشدات، والتي وصلت لمنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية والأونروا ولكن دون جدوى، على حد قوله.

يقول الشهابي “ماذا يفعل رب أسرة مكونة من خمسة أفراد، في مخيم لا تتوفر فيه خدمات تستحق الذكر”، ويضيف “عليك أن تقطع مسافات إلى بلدة أطمة أو مدينة جنديرس لشراء بعض الحاجيات الضرورية أو للعلاج، في ظل تكاليف الطريق التي تشكل عبئا مضاعفا”، على حد وصفه.

وطالب الشهابي المنظمات الإنسانية، إلى زيادة الانفاق ومد يد العون للفلسطينيين المهجرين في مخيمات الشمال السوري مشيرا إلى أن تلك المساعدات انحصرت بـ “(هيئة فلسطينيي سوريا) ومنظمة (ملهم) والتي قدمتا المساعدات والوقود في فصل الشتاء، في حين تقدم (آفاد) سلال غذائية مكونة من الحبوب والبقول”.

ولم يخف الشهابي، رغبته في العودة للعيش في مخيم “اليرموك” رغم صعوبته، مقارنة مع ما وصلت إليه المخيمات في الشمال السوري عموما.

وناشد المنظمات والهيئات بإيجاد حل جذري وإخراج الفلسطينيين من هذه المخيمات إلى أماكن أكثر استقرارا وتأمين فرص عمل للشباب، مشيرا إلى أن “الفلسطيني بإمكانه تحويل المخيم إلى مدينة عندا يتمكن من العمل”.

وبحسب هيئة “فلسطينيي سوريا للإغاثة والتنمية” فإن أكثر من 1500 عائلة فلسطينية هجرت من مناطق مختلفة من سوريا وخاصة مخيم اليرموك بدمشق باتجاه الشمال السوري حيث توزعوا على مخيمات أعزاز وعفرين وإدلب فيما استقر البعض في مدن وبلدات تلك المناطق وخاصة “جنديرس” و”أطمة” وإدلب المدينة في ظل أوضاع إقتصادية صعبة قد تزيد حدتها مع قدوم شهر رمضان.

 

المصدر: وكالات