أكد تقرير سري للمخابرات الأمريكية، كشفت عنه وكالة “بلومبيرغ”، وجود دول من بينها المملكة العربية السعودية، قامت بإخفاء حقيقة تفشي فيروس “كورونا” المستجد في هذه الدول، وأنها لم تعلن عن الأعداد الحقيقية للمصابين والوفيات بين سكانها.
في الوقت الذي تعاني فيه العمالة الأجنبية في المملكة من ظروف صعبة، لا ترحم غربتهم، ما بين انتهاكات حقوقية ممنهجة وترحيل قسري، ويزيد من ذلك عليهم أعباء زيادة رسوم الإقامة والضرائب، وهو الأمر الذي أجبر عشرات الآلاف من مغادرة السعودية، كما أجبر غيرهم على الرضوخ والإذعان لانتهاكات النظام السعودي بسبب الحاجة للعمل وإعالة أسرهم الفقيرة في بلدانهم.
وفي سعي من النظام السعودي لتضليل شعبه ومحاولة الهروب من الأزمات الخانقة التي تحيط به داخليًا وخارجيًا، فإنه يسعى بين الحين والأخر إلى تعليق فشله المتوالي على شماعة “قطر”، غير أنه من الواضح أن الدوحة لا تلقي لهذه الأمور بالاً، وتمضي قدمًا في طريقها دون التفات لتصرفات كيدية يعرفها الجميع.
يلجأ النظام السعودي، عادة إلى ملف حقوق العمال في قطر، كلما أراد تشتيت الأنظار عن إخفاقاته ومشكلاته أمام الشعب السعودي أو الرأي العام، ليبقى شغله الشاغل كعادة الأنظمة الفاشلة القمعية.
ووفقًا لما ورد في تقرير المخابرات الأمريكية، ربما يكون أبرز ما يريد النظام السعودي التغطية عليه هذه الأيام، هو التعتيم وعدم شفافيته في الإعلان عن تفشي فيروس كورونا في المجتمع السعودي، حيث تخضع الأرقام والبيانات الحقيقية لرقابة شديدة للغاية، وهو ما وضعه في مرمى سهام دول مثل تركيا التي اتهم وزير داخليتها سليمان صويلو، السعودية بأنها لم تبلّغ بلاده والعالم بأي إصابة بفيروس كورونا بين المعتمرين.
قناة الإخبارية السعودية التي لم تجد -قبل أيام- أي إنجاز تنسبه إلى الحكومة السعودية سوى السطو على إنجازات هيئة الأشغال العامة في قطر لتنقل فيديو عمليات التعقيم الضخمة التي شهدتها شوارع الدوحة خلال الأيام الماضية وينسبها إلى أمانة الرياض.. ها هي تبث تقريراً إخبارياً كيدياً تدعي فيه أن العمال في قطر يتعرضون لانتهاكات، وهي عادة لطالما دأبت عليها القنوات السعودية والذباب الإلكتروني لشن حملات وهمية ضد قطر، على الرغم من الجهود الجبارة التي بذلتها قطر وما زالت لتحسين وتطوير بيئة عمل العمال والحفاظ على حقوقهم، وهو ما لقى إشادة واسعة من منظمات حقوق الإنسان والعمال الدولية.
تقرير القناة السعودية يدعي أن العمال يعيشون في سجن كبير في المنطقة الصناعية، وهو أمر يخالف الحقيقة حيث أعلنت اللجنة العليا لإدارة الأزمات خلال الفترة الماضية عن إغلاق جزء من المنطقة كإجراء احترازي بعد اكتشاف عدد من الحالات هناك، التي تخضع للحجر الصحي، وجاء هذا القرار لسلامة سكان المنطقة عن طريق إجراءات الفحص الطبي المستمر، ووقاية المناطق الأخرى من انتشار الفيروس بشكل أكبر.
ولو اتبعنا منطق القناة السعودية، فيمكن القول أن مدن بأكملها حول العالم تعيش في سجن كبير بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها للسيطرة على كورونا، وللتذكير فإن المملكة قبل أيام منعت الدخول والخروج من مدن كبرى مثل مكة والمدينة وغيرهما.
** رعاية طبية متكاملة وألف مركبة للمواد الغذائية
اللجنة العليا لإدارة الأزمات في قطر أكدت في أكثر من مؤتمر صحفي على ضمان استمرار تدفق المواد الغذائية والطبية إلى المنطقة الصناعية، واستمرار إجراء الفحوصات الطبية وتقديم الخدمات الطبية المجانية لكل من يتم تشخيصه بالإصابة ونقلهم إلى المرافق الصحية.
كما كشفت عن أن هناك 3 وحدات طبية متنقلة لإجراء الفحوصات اللازمة لسكان المنطقة، بالإضافة إلى ست سيارات إسعاف، مع تخصيص ثلاث عيادات داخل المنطقة للتعامل مع الحالات الطبية الأخرى.
وأكدت أن حركة دخول المواد الغذائية والطبية لسكان المنطقة الصناعية مستمرة بالتنسيق مع الجهات المعنية، حيث يدخل يومياً ما يقارب الألف مركبة لنقل المواد الأساسية مع أخذ كل الاحتياطات الصحية اللازمة.
** لا إصابات بين عمال المونديال
شددت اللجنة العليا للمشاريع والإرث، الجهة المسؤولة عن تسليم مشاريع البنية التحتية اللازمة لاستضافة دولة قطر لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022، على أن الفحوصات لم تثبت إصابة أي من عمال مشاريع بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 بفيروس كورونا، مشددة على أنها تواصل مراقبة جميع المواقع، واتخاذ الإجراءات اللازمة على الفور في حال ظهرت أعراض الإصابة بالفيروس على أي عامل.
كما شددت اللجنة على أنها تجري عملية تقييم للمخاطر في كافة مشاريع اللجنة العليا بما في ذلك مواقع البناء وأماكن الإقامة لتحديد العمال الأكثر عرضة لمخاطر الإصابة بفيروس كورونا، حيث يتيح هذا التقييم فرصة أكبر لمنع انتشار الفيروس سواء إلى العمال أو جميع أفراد المجتمع بوجه عام في قطر
** رعاية كاملة ورواتب في موعدها
أكدت اللجنة العليا للمشاريع والإرث أنها تتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية العمال وفق التدابير الوقائية التي أقرتها وزارة الصحة العامة للحماية من خطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19).
ولفتت إلى أنه تم الاستفادة من اليعادات الطبية المنتشرة في جميع مواقع البناء وأماكن إقامة العمال في التنفيذ الفوري للعديد من الإجراءات، ومنها عقد جلسات للتوعية في مواقع العمل وأماكن الإقامة بهدف نشر الوعي لدى العمال حول أهمية الوقاية من الفيروس، وقياس درجة الحرارة لكل عامل مرتين يومياً، وتوزيع الكمامات والمواد المعقمة على العمال في جميع مشاريع اللجنة العليا، وفي حال عدم توفر عدد كاف من الكمامات ينصح العمال باستخدام الأوشحة الشخصية، مع اتباع إجراءات التعقيم باستخدام غسالات ملابس منفصلة لتنظيف هذه الأوشحة”.
وتابعت “لقد تم منع الزيارات غير الضرورية إلى مواقع مشاريع اللجنة العليا، وتخصيص غرف للحجر الصحي في كافة مواقع البناء وأماكن الإقامة، وتنفيذ إجراءات التعقيم في المرافق الصحية بمواقع العمل وأماكن الإقامة، والتزام جميع أطقم الرعاية الصحية بالإجراءات الوقائية الصادرة عن وزارة الصحة العامة لمكافحة انتشار فيروس كورونا “.
** أماكن إقامة بمعايير عالية
وأوضحت اللجنة أنه تم تطبيق الإعفاء المؤقت للعمال الذين يعانون من أمراض مزمنة ومن هم فوق سن 55 عاماً، من التوجه إلى مواقع العمل كونهم أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بالفيروس، فضلاً عن ضمان بقاء هؤلاء العمال في أماكن إقامة تتوافق مع معاييرها لسكن العمال مع استلام رواتبهم بصورة اعتيادية، بالإضافة إلى تنفيذ عمليات تفتيش على مرافق الطهي الخاصة بمتعهدي توريد الطعام للعمال، حيث إنه في ضوء تقييمها للمخاطر حددت اللجنة العليا الحاجة إلى الارتقاء بعمليات تحضير الطعام لدى بعض المتعهدين، واستبدال بعض الموردين بآخرين لديهم تجهيزات ومرافق على مستوى أفضل، وذلك بهدف ضمان الالتزام بمعايير أعلى ضمن جهود التصدي لانتشار فيروس كورونا.
** القهر السعودي كابوس العمال
تحت عنوان (العمالة في السعودية بين مطرقة الانتهاكات وسندان الحاجة) نشر المرصد الأورومتوسطي لحقوق الانسان تقريرا في أغسطس الماضي، تقريراً شاملاً قال فيه إن على الرغـم الأعـداد الكبيرة من العمال الأجانـب داخـل الســعودية، إلا أن الواقع القانوني والإنساني يشــير إلى اسـتمرار تدهــور الحالة الإنسانية والحقوقية لأولئـك العمال، إذ يتعرضون إلى الكثير مــن الانتهاكات والتجاوزات مــن قبل السلطات وأرباب العمـل، إضافـة لعـدم وجـود نظام قانونـي معمـول به في المملكة.
وتابع التقرير: لقد دفع تغـول السـلطات السعودية وأرباب العمـل مئات الآلاف مـن العمال إلى الهـروب، ومغادرة المملكة، إذ ذكرت شــركة «جــدوى للاســتثمار» الســعودية، في تقريــر اطلع عليـه المرصـد الأورومتوسـطي لحقــوق الإنســان، أن إجمالي عــدد الأجانــب الذيــن غــادروا ســوق العمـل السعودية خلال العامين الماضييــن بلغ 1.6 مليـون عامـل، خصوصا بعـد الزيادة في رسـوم مرافقي العمالة الأجنبية منذ يوليــو 2017، وقــد غــادر حوالي مليون أجنبي السوق في العام الماضي وحده.
وأوضح التقرير، أن القرارات السعودية شملت زيادة قيمة رسوم الإقامة للعامل وأفراد أسرته، وسياسة الترحيل القسري ساهمت في تدهور الحالة الإنسانية والمعيشية والحقوقية لأولئك العمال، مشيراً إلى أن مجموع ما يتقاضاه العامل الأجنبي في السعودية خلال هذا الوقت أصبح لا يكفي سوى لسداد رسوم الإقامة وتوفير الخدمات الأساسية له ولأسرته.
وأكد التقرير على أن غياب الرقابة القانونية الحقيقية للسلطات السعودية على المؤسسات التي تشغّل العمال الأجانب أدى إلى “زيادة تلك الانتهاكات، وجعلهم فريسة للجهات المتنفذة داخل المملكة أيضاً”.
ونشر موقع دويتشه فيله تحليلاً قال فيه إن “منع العمل والرسوم وفرض ضرائب جديدة وارتفاع الأسعار إلى جانب إجراءات إدارية وأمنية يتخللها القسر والعنف والإهانة، أدت إلى مغادرة وترحيل ملايين العمال العرب والأجانب في السعودية خلال الأعوام الأربعة الماضية بشكل سريع يثير القلق على مصير الباقين منهم هناك.
ختام القول.. أن النظام السعودي سيواصل تخبطه وتوجيه حملاته في محاولة لتشويه قطر، مبتعداً بذلك عن إيجاد حل جذري لمشاكله الداخلية وحروبه الخارجية، متجاهلاً كم الانتهاكات التي تطال المواطنين السعوديين والعمال الأجانب وحتى أفراد الأسرة الحاكمة هناك، وسيظل يوجه سهامه إلى قطر معتمدا على الأكاذيب التي مل العالم من سماعها.
اضف تعليقا