العدسة – باسم الشجاعي

بعد فشل دولة الإمارات العربية المتحدة في رهانها على الرئيس التونسي “الحالي”، “الباجي قائد السبسي”، الذي كان أذكى من “أولاد زايد”، واختار التوافق مع حركة “النهضة”، الامتداد الفكري لجماعة الإخوان المسلمين، بدلا من إقصائها وزج قياداتها في السجون كما تسعى “أبوظبي”، حتى لا تشهد بلاده إعادة إنتاج المشهد المصري، قد أزعجها، وجعلها تبحث عن بديل له، لتمرير أجندتها المعادية لثورات الربيع العربي.

وفي هذا الصدد، كشفت مصادر أمنية جزائرية عن تحركات إماراتية “مشبوهة”، شملت زرع جواسيس ودعم مؤسسات وأشخاص بعينهم لزعزعة استقرار البلاد وتنفيذ انقلاب على نظام الحكم الحالي، وذلك بحسب ما أورد موقع “موند أفريك” الفرنسي.

ومن بين الشخصيات التي تدعمها الإمارات لإسقاط حركة النهضة التونسية، ظهر اسم “محسن مرزوق”، الأمين العام لحركة “مشروع تونس”، واليد اليمنى السابقة للرئيس التونسي  الحالي “الباجي قايد السبسي”.

وتسعى الإمارات، بحسب الموقع الفرنسي، عبر محادثات مع رئيس الحكومة “الأسبق”، “المهدي جمعة” إلى توسيع دائرة نفوذها في تونس، ضد التحالف القائم بين نداء تونس وحركة النهضة.

وعن تلك المساعي، قال الكاتب الفرنسي المعروف “نيكولا بو”، في مقال على موقع “موند أفريك”، “الاثنين”، إن “الإمارات حاولت من خلال مركز استشارات بلجيكي دعم رجالاتها –في إشارة إلى “جمعة ومرزوق”- في تونس وتمويلهم بطرق مشبوهة وتحفيزهم للإطاحة بـرئيس حركة النهصىة، “راشد الغنوشي”.

حلم الإنقلاب في تونس

فلا تزال الإمارات تحاول تغيير المشهد السياسي في تونس حتى الآن بسبب معادتها لما يعرف بالإسلام السياسي المتمثل في حركة النهضة، الامتداد الفكري لجماعة الإخوان المسلمين.

وعلى الرغم من أن حزب “حركة النهضة” الإسلامي الذي غادر سُلطة الحكم، بعد تحالفها مع “الباجي قائد السبسي”، الذي كان يحظى بدعم إماراتي سياسيًا وماليًا خلال فترة ترشحه، قبل أن ينقلب هذا الدعم تمامًا، ويتحول إلى تضييق على تونس من خلال ورقة الاستثمارات والتأشيرات، بسبب عدم انقلابه على “النهضة”.

فالإمارات، تريد أن تزج بقيادات حزب “حركة النهضة” في السجون، وذلك أسوةً بما حدث مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين في مصر، بعد انقلاب “عبد الفتاح السيسي”، في الثالث من يوليو2013، والتي مهدت له “أبوظبي”، من خلال دعمها المالي لحركة “تمرد”، التي دُشنت في فترة الرئيس الأسبق “محمد مرسي”، المسجون حاليا.

وتدهورت العلاقات بعد ذلك، وتجاهل الإماراتيون وعودهم تجاه “السبسي”، بعد أحاديثهم عن دعمهم المالي لتونس، بل تحول الأمر لحصار، وكان آخرها أزمة الطيران بين البلدين.

فلم تمنح دولة الإمارات تونس إلا هبة بلغت 200 مليون دولار لتغطية الاحتياجات الضرورية للمستشفيات التونسية عبر مؤسسة “خليفة بن زايد” للأعمال الإنسانية فضلا عن توقيع مذكرة تفاهم مع صندوق أبو ظبي للتنمية لتمويل عدة مشاريع تنموية في عدد من المناطق الداخلية، وذلك في مارس 2012.

الإمارات تبحث عن بديل

بعد أن أدار “السبسي” ظهره لمشروع الإمارات المعادي لثورة تونس، كان ولابد أن يبحث “أولاد زايد”، عن بديل؛ حيث ظهر اسم رئيس الحكومة “الأسبق”، “المهدي جمعة”، والأمين العام لحركة “مشروع تونس” واليد اليمنى السابقة للرئيس التونسي “الباجي قايد السبسي”، “محسن مرزوق”.

ولكن “مرزوق” كان صاحب الحظ الأوفر؛ حيث حظي بهذا الدعم، وذلك لعلاقاته المتشعبة والخارحية؛ فبعد انقلابه على “السبسي”، بدأ في تأسيس جبهة برلمانية، في نوفمبر 2016، لتنفيذ مخطط الإمارات المعادي للثورات.

وتزعم نواب “مرزوق” في البرلمان كتلة ضمت نوابًا من مختلف التيارات باستثناء حركة “النهضة”، بهدف العمل على إقصاء الحركة من المشهد السياسي في البلاد والانقلاب على إرادة الناخبين الذين مكنوا هذه الحركة الإسلامية من تصدر المشهد العام في البلاد عقب استحقاقين انتخابيين متتاليين في 2011 و2014.

وتقول بعض الوثائق والمراسلات المسربة التي كشف محتواها موقع “أسرار عربية” مؤخرًا، إن زعيم حركة “مشروع تونس” “محسن مرزوق” التقى مع ضباط في جهاز أمن الدولة الإماراتي في أكثر من مكان بتونس، وتلقى تمويلاً من أبوظبي، وحصل على مبلغ مالي بلغ 20 مليون دولار أمريكي.

وتكشف الوثيقة أن مهربي الأموال لصالح “مرزوق”، وصلوا تونس جوًا في سبتمبر 2014، ودخلوا البلاد بجوازات سفر مزورة رتبتها الدوائر التابعة لجهاز أمن الدولة الاماراتي.

موالٍ للانقلابات

ومن المعروف أن “مرزوق”، حينما كان قياديًا في حزب نداء تونس، كان أحد المؤيدين للانقلاب العسكري في مصر؛ حيث يعرف بعدائه للإسلاميين.

فانتهازية “مرزوق”، تجعله لا يمانع من قتل آلاف التونسيين بهدف إسقاط حركة “النهضة”، الامتداد الفكري لجماعة الإخوان المسلمين بتونس، كما حدث مع حركة “تمرد”، التي كانت ركيزة الانقلاب على الرئيس الأسبق “محمد مرسي”، في مصر، فضلا على أنه يسعى لعدم إيقاف الدعم المالي والمعنوي له من قِبل “أولاد زايد”، قائلًا، في صيف 2013: “نحن وطنيون دماؤنا حمراء نقية ودماء الإسلاميين سوداء”.

ويعوّل حاليًا الإماراتيون لدعم “مرزوق”، ماليًا من أجل تثبيت حزبه في الساحة السياسية مقابل ولاء سياسي لمشروعها لإقصاء الإسلاميين بأي طريقة.

ويعرف عن “محسن مرزوق”، منذ التحاقه بالعمل السياسي في مطلع شبابه، العزف على جميع أوتار السياسة، في الثمانينيات، التحق بالحراك الطلابي الاحتجاجيّ، بتجمع سياسيّ على يسار اليسار.

وحصل على دراسات معمّقة في علم الاجتماع، وأكمل دراسة ماجستير في العلاقة الدولية، ثم نقل نشاطه خارج البلاد، في منظمات مدنية دولية.

وبعد الثورة التونسية، قفز “مرزوق” من سفينة المنظمات الدولية لينكب على العمل السياسي، وبدأ يظهر على الساحة السياسية من جديد، بعد أن اختفى بعد مرحلة الجامعة، وانشغاله بالعمل الأكاديمي.