العدسة – ربى الطاهر
إنها مزادات الذكريات واللحظات الخاصة، هذا الهوس الذي عرفه العالم منذ أربعينيات القرن الماضي بين الطبقات البرجوازية في أوروبا وأمريكا من أجل الحصول على صورة أو خطاب خاص بهذا الفنان، أو مرآة او فستان أو مشط للشعر خاص بتلك الفنانة، وكذلك “الآلات الموسيقية” القديمة التي عزف عليها هذا المؤلف الموسيقي الشهير، أو هذا الجيتار الذي حمله ذلك الشاب الشهير في مجال موسيقى “الراب”، أو هذا البيانو الذي ظهر في واحد من أهم المشاهد الرومانسية في السينما العالمية .
نتعرف في السطور التالية، على أشهر المزادات التي تم إجراؤها بالسنوات الأخيرة على “آلات موسيقية” ذات خصوصية ودلالة يعرفها العالم ويتنافس المهوسون عل اقتنائها حتى لو كلفهم ذلك ملايين الدولارات.
البيانو
“صورة بيانو فيلم كازبلانكا”
نبدأ بعام 2012 حيث تم عرض بيانو يعود لـ”ملك الروك” وأيقونة الغناء الأمريكي الراحل “ألفيس بريسلي” ووصل سعره إلى 5 ملايين دولار، وهو بيانو ثمين وفريد باللون الأبيض، وكان ذلك بمناسبة مرور 40 عاما على رحيل بريسلي.
وبحسب الموقع الإلكتروني الفرنسي “بوبليك أف أر” فإن هذا المزاد نظمته شركة البيع “أولاين دونان” وقد فتحت باب البيع لهذا البيانو الأبيض بـ 500 ألف دولار إلا أن تهافت الراغبين وصل بالسعر إلى ذلك وقد تم توجيه نصف المبلغ إلى إحدى الجمعيات الخيرية التي ترعى ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن المطرب الأمريكي إلى الفيلم الأمريكي الكلاسيكي الشهير “كازبلانكا”، فقد حقق بيانو ظهر في فيلم كازابلانكا الذي أنتج في أربعينيات القرن الماضي، مبلغ 2.9 مليون دولار عند بيعه في مزاد بمدينة نيويورك الأمريكية عام 2014.
أشرفت على بيعه دار بونهامس للمزادات في مانهاتن بالإضافة إلى أكثر من 30 قطعة أخرى من الفيلم الدرامي، الذي يعود تاريخه للحرب العالمية الثانية.
والبيانو هو أحد اثنين ظهرا في الفيلم، وعزف عليه الممثل والمغني “دولي ويلسون” أغنية “مع مرور الوقت” لبطلي الفيلم همفري بوجارت وإنجريد بيرجمان.
وكان “البيانو” قبل ذلك ملكا لطبيب الأسنان جاري ميلان من لوس أنجليس، وقال إن البيانو جاء مع قطعة علكة أسفل أحد أصابع البيانو، فاحتفظ به للذكر، وأن صاحب بصمة الأصبع التي كانت موجودة عليها غير معروف، وكانت هذه العلكة ملهمة للمخرج لتنفيذ المشهد الذي يتم فيه استخدام أصابع البيانو كمكان سري لإخفاء أوراق العبور غير الشرعية.
مزادات أخرى شملت “البيانو” منها مزاد تم إجراءه نهاية 2013 لبيع “البيانو” الخاص بمطربة البوب الشهيرة “ليدي غاغا” عندما كان عمرها خمس سنوات، وحقق مبيعات قدرها 200 ألف دولار، ذهب جزء من المبلغ للمؤسسة الخيرية التي أقامتها ليدي غاغا.
الجيتار
“صورة جيتار البيتلز”
ومن البيانو للجيتار، فقد عرضت دار جيرنزى للمزادات فى نهاية عام 2015 في صالة بوهيميون آلات جيتار وساكسفون وشرائط تسجيل وتذكارات موسيقية أخرى ارتبطت ببعض أشهر الموسيقيين فى القرن العشرين، منها جيتار (وولف) الذى استخدمه المطرب الإيطالي الشهير “جيرى جارسيا” مقابل 1.9 مليون دولار، ومن بين الآلات المعروضة جيتار أحمر من طراز جيلد مغطى بملصقات، عزف عليه المطرب الأمريكي “هندريكس” فى 1968 بفندق فى ميامى بفلوريدا بعد هطول المطر على حفل موسيقي.
أما أعضاء فريق “البيتلز” فقد شهدت نفس الدار وفى إحدى أشهر الصالات بلندن عام 2010 مزادا خاصا بمجموعة من الجيتارات التي كانت مملوكة للفرقة وحققت مبيعات وصلت إلى 10 مليون استرليني.
الكمان
“صورة كمان تيتانك”
آلة “الكمان” الرقيقة حصلت هى الأخرى على دورها بمزادات مقتنيات المشاهير، ففي 2014 أعلنت دار مزادات كريستيز أن آلة كمان «ستراديفاريوس» نسبة إلى صانع الآلات الموسيقية الإيطالي الشهير، أنطونيو ستراديفاري والذي عزف عليه عازف الكمان الفرنسي الشهير، رودولف كروتزر، قد بيعت بـ10 ملايين دولار
ولا تعود قيمة هذا الكمان فقط لاسم صانعه أو من عزف عليه ولكن للقصة التاريخية التى ارتبطت بهذا “الكمان، فقد ظلة قطعة آلة الكمان تلك التي تحمل اسم «كروتزر»، ويعود تاريخها إلى عام 1731 منسية في خزانة لعقود، وكانت تملكها الأمريكية، “هوجيت كلارك”، صاحبة الثروة الطائلة، التي اختارت أن تعيش عقودها الأخيرة بمستشفى في نيويورك، وتوفيت عام 2011 عن 104 أعوام، وبعد وفاة «كلارك» عثر على آلة الكمان في خزانة ظلت منسية فيها لمدة 25 عاما.
وفى نفس الاتجاه عقدت نفس الدار مزادا آخر عل كمان غالي الثمن يقدر سعره بحوالى نصف مليون يورو يعود تاريخ صنعه إلى عام 1706 فى مدينة كريمونا الإيطالية بهدف البحث عن ورثة صاحبه، الذى يعتقد أنه تاجر يهودى انتحر برمي نفسه أمام قطار عام 1939 هرباً من النازيين.
يعود تاريخ الكمان إلى عام 1706 وصنعه- حسب ما هو محفور داخله- صانع كمان يدعى جوسيبه جوارنيرى من مدينة كريمونا الإيطالية.
واشترت الكمان عام 1974 مُدرّسة العزف على الكمان فى أكاديمية نورنبرغ للموسيقى الكلاسيكية، صوفيا هاغيمان، من محل لبيع الآلات الموسيقية فى مدينة كولونيا
وننتهي مع أحد أشهر مزادات “الكمان” عبر العالم، وهو الذي تم عقده من أجل بيع آلة الكمان الشهيرة بفيلم “تيتانك” والتي عزف عليها أحد العازفين المقطوعة الأخيرة قبل الغرق في مياه البحر.
وقد دفع مواطن بريطاني، لم يعلن عن اسمه، مليونا ونصف المليون دولار ثمنًا لآلة كمان، ويذكر أن المشهد ليس خيالياً ولكن جاء بنا ءعلى رواية شهود ممن نجوا من كارثة غرق السفينة عام 1912 وأنه لم ينج أحد الموسيقيين عند غرقها.
العود
ورغم قيمة تلك المزادات ودورها الفعال إذا تم توجيهها لأعمال خيرية فإن هذا النوع منها غير منتشر بالعالم العربي، وهو ما قد يعود لارتباط عاطفي لأسرة الفنان بآلته وتفضيل الاحتفاظ بها ولكن كانت هناك تجربة أخيرة نفذتها مؤسسة “بهية” الخيرية للعلاج المبكر لمريضات سرطان الثدي حيث نظمت حفلا خيريا تحت عنوان “حلم النهاردة.. حقيقة لبكرة” شهد فتح مزاد لبيع عود الفنانة المصرية “عايدة الأيوبي” والذي استخدمته خلال غنائها الأغنية الشهيرة “ياالميدان” عقب ثورة 25 يناير فى مصر.
اضف تعليقا