في الوقت الذي يشهد فيه إقليم أراكان في ميانمار مجازر كبيرة بحق مسلمي الروهينغا يمنع حرس الحدود في بنجلاديش آلاف المسلمين الفارين من الاضطهاد من دخول البلاد.
وبحسب تصنيف الأمم المتحدة لمسلمي الروهينجيا فإن المنظمة تعتبرهم “الأقلية الدينية الأكثر اضطهادًا في العالم”، حيث تعتبرهم حكومة ميانمار “مهاجرين غير شرعيين من بنجلاديش”، بموجب قانون أقرته عام 1982.
وفي المقابل تعتبرهم بنجلاديش مهاجرين غير شرعيين من ميانمار وقالت إنها لن تسمح لأي لاجئين بالدخول لأراضيها، ليتحمل الروهينجيين منذ سنوات أوضاعا أشبه بالفصل العنصري في ميانمار ، بعد حرمانهم من الجنسية بالإضافة إلى القيود المفروضة على تحركاتهم.
مجازر جديدة بحق مسلمي الروهينغا
وفقا لإحصاء نشرته وكالة رويترز اعتمد على بيانات رسمية فقد قتل نحو 104 من المسلحين بالإضافة إلى 12 من أفراد الأمن في الهجمات التي اندلعت في الخامس والعشرين من أغسطس 2017 .
أما المجلس الروهينجي الأوروبي، فقد أعلن مقتل ما بين ألفين إلى ثلاثة آلاف مسلم، خلال ثلاثة أيام من بدء هجمات الجيش الميانماري بإقليم أراكان وفق تصريحات للمتحدث باسم المجلس أنيتا ستشوغ لوكالة الأناضول.
وأشارت “ستشوغ” إلى أن هجمات الجيش تسببت أيضا في تشريد أكثر من 100 ألف مسلم، وأن نحو ألفي شخص عالقون على الحدود الميانمارية البنجالية، لافتة أن حكومة البلد الأخير أغلقت حدودها في وجه الفارين من المجازر.
ووفق ستشوغ، فإن المجازر التي ارتكبها الجيش، في الأيام التي تلت 25 أغسطس 2017، بحق مسلمي أراكان، تفوق بكثير نظيرتها التي وقعت في 2012 وفي أكتوبر/ تشرين أول الماضي.
وذكرت أن قرية “ساوغبارا” التابعة لمدينة راثيدوانغ وحدها، شهدت في 27 أغسطس، مقتل مابين 900 وألف مسلم، وأن طفلا واحدا فقط نجا من المجزرة.
كما أشارت إلى حصار البوذيين لقريتي “أناوكبين” و”نياونغبينغي”، معرضين حياة مئات المسلمين للخطر ، في ظل “تجاهل” الحكومة نداءات الاستغاثة من قبل أهالي القريتين.
ودعت المتحدثة، إلى ضرورة التحرك السريع للمنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، لـ “وقف المجازر في أراكان”.
أما عطا الله نور مدير قناة أرفيجين الروهينيجة فقد شبه ما يحدث في إقليم أراكان بـ “بالقيامة” مشيرا إلى أن جثث القتلى من المسلمين ملقاة على قارعة الطرق والأهالي لم يجدوا من يصلوا على الأموات وأصبحوا يحفرون القبور في الشوارع ويدفنوهم.
وبين عطا الله في تصريحات “خاصة للعدسة” وجود عمليات نزوح كبيرة من الأهالي الذين يهربون إلى الجبال وداخل الغابات من غير طعام أو أماء.
وأكد “نور” أن القوات البورمية تهاجم جميع القرى المسلمة بحجة وجود مسلحين وتطلق القاذفات ويحرقون البيوت المبنية أساسا من القش دون التأكد من مزاعمهم بوجود المسلحين من عدمه.
وأضاف: “منذ التاسع من أكتوبر 2016 هناك حشد عسكري داخل ولاية أراكان وحكومة بورما كانت ترسل جيوش وجنود على الضواحي والمدن والقرى مما يعني أن الجيش البورمي يريد تنفيذ خطة جديدة ممنهجة من الإبادة والتهجير الجماعي مثل عشرات الخطط التي نفذها في السابق.
تقرير كوفي عنان
المجزرة الأخيرة التي برزت في إقليم أراكان جاءت في اليوم التالي من إعلان تقرير للأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان قال فيه إن وضع المسلمين في إقليم أراكان يعكس أزمة حادة في حقوق الإنسان”، على خلفية انعدام حصولهم على أي جنسية، والتمييز الشديد الذي يتعرضون لها.
وطالب “عنان”، حكومة ميانمار بالتخلي عن “القوة المفرطة” في تعاملها مع أزمة مسلمي الروهينجيا بإقليم أراكان، ومراقبة أداء قوات الأمن كأحد أساسيات حل الأزمة.
وقال عنان، الذي يرأس اللجنة التي عينتها مستشارة الدولة في ميانمار، أون سان سو تشي، العام الماضي إنه “يتعين على الحكومة الميانمارية إعادة النظر في الربط القائم بين المواطنة والعرقية”.
وبحسب لجنة تقصى الحقائق، المكونة من 9 أعضاء بينهم 3 أجانب، يعيش في ميانمار “10 بالمائة من عديمي الجنسية، ويشكل مسلمو الروهينجا أكبر جماعة من عديمي الجنسية في العالم”.
وأضاف الأمين العام السابق للأمم المتحدة “لم يعد هناك وقت لنخسره، الوضع في أراكان أصبح أكثر خطورة”.
وخلال السنوات الخمس الماضية، تم احتجاز نحو 120 ألفًا من مسلمي الروهينجيا في مخيمات النزوح، دون منحهم حق المغادرة إلا بإذن، أو الحصول على الخدمات الرئيسية كالرعاية الصحية والتعليم، وفق صحيفة سنغافورية.
ومنذ عام 2012، يشهد إقليم أراكان أعمال عنف بين البوذيين والمسلمين، ما تسبب بمقتل مئات الأشخاص، وتشريد مئات الآلاف، وفق تقارير حقوقية دولية.
ولجأ عشرات الآلاف من مسلمي الروهينغيا إلى مخيمات لجوء داخل الإقليم، وفي بنجلاديش، فيما حاول مئات التوجه إلى دول مجاورة أخرى، مثل ماليزيا وإندونيسيا.
ويشكل المسلمون في ميانمار نحو 4.3 % من إجمالي عدد السكان، البالغ تعدادهم نحو 51.5 مليونًا، بحسب إحصاء رسمي لعام 2014 .
اضف تعليقا