يوم الثلاثاء الماضي 21 من يونيو/ حزيران أتم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان 5 أعوام كاملة في الحكم، والمثير أن الإعلام السعودي احتفى بإنجازات وهمية لم تتحقق على أرض الواقع.

وراح كل بوقٍ من أبواق النظام، يتملق في الحاكم الفعلي للمملكة، على أساس أنه نقل السعودية إلى مكانة عالية بين الأمم.

لكن النتيجة على أرض الواقع، أن مسيرة بن سلمان في الحكم لا تخرج عن تقطيع المعارضين، وتجويع الجيران، وفشل تام في إدارة ملفات الدولة الغنية بالنفط، وسجل حقوقي سيء للغاية، وكذلك تشريد لأبناء الدولة وتهديم لمنازلهم.

خلال تلك الأعوام الكبيسة، مرت أحداث عظيمة نستعرض أهمها، وكيف تسلط بن سلمان ذلك الشاب الأهوج الذي ملك المال والسلطة في سنٍ مبكر واستعان بأبيه للتنكيل بمعارضيه حتى من أقاربه وأبناء جلدته.

حرب اليمن 

عند تولي ولي العهد محمد بن سلمان، قال بثقة زائدة : “نستطيع أن نجتث الحوثي وفي سويعات قليلة”، لكن تلك السويعات استمرت لسنين طويلة، تحول فيها الحوثي وجماعته من مركز المدافع إلى مركز المهاجم.

ولم تمض تلك السنون، حتى تطور أداء الحوثي في الهجوم، وهدد أهدافاً حيوية ومنشآت نفطية بالعاصمة السعودية الرياض.

ليس ذلك فحسب، بل كلف بن سلمان والسعودية الكثير من الناحية المالية، فقد تأثرت ميزانية السعودية جراء الجهد العسكري في اليمن.

فوفقاً لصحف عالمية قدرت تكلفة الحرب على السعودية، يوميا بـ 200 مليون دولار، أي نحو خمسة مليارات دولار شهرياً و60 مليار دولار سنوياً.

خسارة بن سلمان لم تتوقف عند هذا الحد، بل خسرت السعودية هيبتها في ردع جماعة مسلحة صغيرة، حتى ولو كانت مدعومة إيرانياً، وخسر منذ ذلك الحين شعبية أكبر بعد تجويعه شعب اليمن بمساعدة الإمارات، وكذلك سعيه للاستيلاء على موارد اليمن لكنه فشل حتى في ذلك.

وبات الآن حرب اليمن يمثل كابوس لبن سلمان، يتمنى لو يتخلص منه في أقرب وقت.

محاصرة قطر 

لم يعمل الحاكم الفعلي للمملكة، والملك المستقبلي لها على تجويع جيرانه من أبناء الشعب اليمني فقط، بل حمله الحقد تجاه دولة قطر إلى القيام بالفعل ذاته.

فطيلة سنوات من القطيعة، سعت السعودية والإمارات إلى التحريض على قطر، محاولين التصغير من شأنها، “دولة الجزيرة” على حسب وصفهم، لكن قطر أظهرت تحد أكبر مما كان يتوقع بن سلمان وبن زايد معاً.

فكما ظن محمد بن سلمان استسلام الحوثيين في سويعات، كذلك ظن رضوخ قطر إلى أوامره، وفي النهاية لم يجد بدّاً من التصالح مع قطر، وإن كان الظن الأكبر هو ما يحمله من حقد على قطر مازال يكمن ويترعرع بداخله.

قتل خاشقجي 

في عام 2018 وبالتحديد في الثاني من شهر أكتوبر/ تشرين الثاني استيقظ العالم على فاجعة اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي، والذي اتضح فيما بعد أنه قتل، وقطعت أوصاله داخل قنصلية بلاده في اسطنبول بالجمهورية التركية.

فيما بعد كشفت تقارير الاستخبارات الامريكية أن فريق اغتيال سعودي تحرك بأمر من ولي العهد محمد بن سلمان شخصياً لقتل خاشقجي، حيث كان يرى الفتى الأهوج الصحفي المعارض خطراً عليه وتهديداً لملكه.

ما دلل على صحة ذلك التقرير هو قيام سعود القحطاني المستشار المقرب من محمد بن سلمان بالعملية ذاتها، كما أن السعودية منذ وصول بن سلمان للحكم تشهد أكبر حملات القمع والتنكيل ورقابة واسعة على المعارضين.. فكيف لمسؤول كبير أن يتحرك ويقول بهذا الفعل دون الرجوع للرأس المدبر محمد بن سلمان؟!.

ومنذ ذلك الحين وظهر الوجه الحقيقي لولي العهد محمد بن سلمان للعالم أجمع، وبدا أنه يأخذ السعودية إلى مكانه جديدة، ولكنها ليست تلك المكانة التي يتحدث عنها الإعلام السعودي والذباب الإلكتروني بل إلى مكانة أخرى في القمع والتنكيل والقتل والتشريد والتجويع.

ما ذكرناه هو نقطة في بحر جرائم بن سلمان، الذي يسعى حالياً أن يكللها باتفاقية تطبيع مع الكيان المحتل -بحسب المصادر المطلعة، فضلاً عن الانسلاخ من الهوية العربية الشرقية، والتنكيل بالعلماء والمفكرين، وتفريغ الساحة من كل صاحب رأي معارض.

العائلة المالكة لم تسلم منه أيضاً، قام بحبس أقاربه وأبناء عمومته من أجل العرش، وهدم منازل أبرياء من أبناء الشعب السعودي في جدة، لصالح مشاريعه الوهمية، وعلى ما يبدو أن كل هذا مجرد مقدمة لمحمد بن سلمان.. فمتى يزاح ذلك الكابوس الجاسم عن رأس بلاد الحرمين؟!.

اقرأ أيضاً : تخدم إسرائيل.. ما دلالات جولة محمد بن سلمان في المنطقة؟!