العدسة –كنان الشامي

 

نشر موقع “جلوبال أند ميل” الكندي، تقريرا مطولا تناول فيه قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، مشيرا إلى أن الفلسطينين أصبحوا في حاجة ماسة إلى حلفاء جدد بعد اهتمام أشقائهم العرب بأزماتهم الداخلية.

وإلى نص التقرير

عند زيارة أي من المكاتب الحكومية أو التجارية في مدينة رام الله، التي تعد المركز التجاري والسياسي لفلسطينيي الضفة الغربية، سترى صورة “بانورامية” ضخمة للقدس، يظهر فيها المسجد الأقصى، أحد أقدس المواقع الإسلامية، حيث يعتبر الفلسطينيون القدس عاصمة دولتهم المستقبلية .
ولا تبعد رام الله سوي 20 كيلو مترا عن القدس التي أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي، الاعتراف أنها عاصمة إسرائيل الرسمية، فيما يبدو أن هذا الإعلان جعل حلم الفلسطينيين يبتعد أكثر، وأصبح غير قابل للتحقيق.

ويرى معظم الفلسطينيين تحرك “ترامب” بمثابة تسليم لصالح إسرائيل، وغدر بالفلسطينيين الذين أصبحوا بلا أمل يذكر، في خطة السلام التي يرعاها مستشار “ترامب” وصهره جاريد كوشنر، والمبعوث الخاص، جيسون جرينبلات، لوقف الاحتلال واستعادة سيادة الدولة.

وقال مصطفي البرغوثي، الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية: “لقد انتهينا”، ويعتقد “البرغوثي” أن “كوشنر” و”جرينبلات” يتعاطفان مع إسرائيل على حساب الفلسطينيين.
وبينما يتم تشجيع الفلسطينيين من قبل المعادين لأمريكا والمناهضين لإسرائيل، والذين شاركوا في احتجاجات اندلعت في أنحاء العالم، منذ أن أعلن “ترامب” الانقلاب الدبلوماسي، إلا أن الفلسطينيين أصبحوا يشكون من افتقادهم حلفاء أقوياء بما فيه الكفاية، لإقناع “ترامب” ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالالتزام بحل الدولتين ، الذي يسمح بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.فمعظم الدول العربية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بينما تدين تحركات “ترامب” واعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، إلا أنها تبدو أكثر اهتماما بأزماتها الخاصة، التي تتراوح بين الحرب الأهلية في سوريا، والحرب في اليمن، حيث الحوثيون المدعومون من إيران في مواجهة تحالف سني يتضمن المملكة والإمارات.

وقال محمود العالول نائب رئيس حركة فتح: إن السعودية والدول العربية الأخرى لا تجعلنا أولوية بالنسبة لهم، وهذا الأمر يمثل بالنسبة لنا مشكلة كبيرة بلا شك “.وبينما القادة الفلسطينيون كانوا يحاولون تعزيز الدعم الدولي لإدانة قرار “ترامب” الاعتراف بالقدس، أشاروا إلى أن احتمالية اندلاع انتفاضة شعبية، أمر وارد، لكن كلا من الفلسطينيين والإسرائيليين يعتبرون هذا السيناريو غير مرجح.

وقد وصفت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” الاحتجاجات حتى الآن بأنها انتفاضة خفيفة؛ بسبب قلة عدد الوفيات حتى الآن.
وفي يوم الأحد، وفي محطة للحافلات المركزية في القدس، استخدم رجل فلسطيني سكينا لطعن حارس أمن إسرائيلي في صدره.
وفى وقت سابق من هذا الأسبوع، قتل أربعة فلسطينيين، في غزة، اثنان منهم في غارات إسرائيلية ردا على إطلاق صورايخ من غزة.
واشتبكت الشرطة مع المتظاهرين خارج السفارة الأمريكية في بيروت، كما صعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابه المناهض ضد إسرائيلي وأطلق عليها ” دولة إرهابية”.

من جانبه رد رئيس الوزراء الإسرائيلي على “أردوغان” قائلا: ” لن يعطينا محاضرات في الأخلاق زعيم متهم بتفجير القرى الكردية في تركيا، وسجن الصحفيين، وساعد إيران على الالتفاف على العقوبات الدولية.
وعلى الرغم من الاحتجاجات واسعة النطاق لدعم الفلسطينيين، يبدو أن الفلسطينيين يدركون أن هناك فرصًا ضئيلة إن وجدت الآن أكثر من أي وقت مضى، لرجوع “ترامب” عن قراره، ودفعه لوقف بناء المستوطنات في الضفة الغربية، أو التخلي عن القدس الشرقية واعتبارها عاصمة لهم.
إن ما يبدو مؤكدا الآن للفلسطينيين أن أمريكا لم تعد مفيدة لهم كوسيط للسلام، وقد اتضح ذلك كثيرا عندما قرر “عباس” عدم لقاء نائب “ترامب” مايك بنس، الذي كان من المقرر أن يزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية في وقت لاحق من الشهر الجاري.

وقال حسن يوسف المسؤول البارز في حركة حماس في الضفة الغربية، وواحد من قادة الانتفاضة الثانية التي استمرت من عام 2000 حتى 2005، وأسفرت عن سقوط آلاف الضحايا من الجانبين: لقد فشلت العمليات السياسية، لقد حذرنا منذ 25 عاما من فشل مفاوضات السلام في أوسلو بنسبة 100%، لكن إذا وقع “ترامب” مرسوما، فهذا لا يعني أن الشعب الفلسطيني سينسي القدس، لكن “ترامب” أصبح عدونا جنبا لجنب مع إسرائيل.
معظم الفلسطينيين تخلو عن “ترامب” حتى قبل إعلانه الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حيث كشف استطلاع رأي نشره مركز القدس للإعلام والاتصال عن تشاؤم الفلسطينيين من الدور الأمريكي في عملية السلام، بعد مرور ستة أشهر على تسلم إدارة الرئيس “ترامب” لرئاسة الولايات المتحدة.
وأفاد الاستطلاع أن أكثر من 79.3% من المستطلعين رأوا أن “ترامب” غير جاد في الدعوة لاستئناف عملية السلام، واعتبر أكثر من 75 % منهم أن عملية السلام ميتة، وتواجه ظروفا صعبة.

قال غسان الخطيب، وهو أكاديمي بجامعة بيرزيت، ووزير تخطيط سابق، ومدير مركز القدس للإعلام: إن الفلسطينيين يواجهون خيارات متناقضة، ويلاحظ أن نافذة السلام مغلقة منذ سنوات.
ومن وجهة نظره، فإن نقطة الانطلاق جاءت في 1992 مع اغتيال رابي رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق، عندما تم توقيع معاهدة أوسلو للسلام عام 1993.
وقال إنه بعد ذلك أصبحت إسرائيل أكثر أصولية، وابتعدت عن فكرة حل الدولتين، وأضاف: لا يوجد في إسرائيل أغلبية داعمة للتوصل إلى تسوية إقليمية، فنصف الحكومة تعيش في المستوطنات.

ووفقا لتقارير منشورة على نطاق واسع، يعيش حوالي 400 ألف إسرائيلي يهودي في مستوطنات الضفة الغربية، والتي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، بالإضافة إلى 200 ألف آخرين يعيشون في مستوطنات القدس الشرقية.
وقال السيد خطيب وغيره من الأكاديميين والسياسيين الفلسطينيين، إنهم ليس لديهم سوي القليل من الخيارات، لكنهم يأملون أن يضغط انتشار الاحتجاجات بشكل موسع على الأمريكيين والإسرائيليين لأخذ سيناريو حل الدولتين على محمل الجد، فالحركة لديها الاحتكاك بأوروبا، ولكن يبدو أن الأمر أصبح متوقفا على أمريكيا.

وأضاف: “ونحن نعرف أنه لن يكون هناك حل على المدى القصير، وأن الأمر سوف يستغرق المزيد من الوقت “.
وفى حين أن العديد من الفلسطينيين لن يقولوا ذلك، فهم يعتقدون أن الأراضي الفلسطينية تحتاج، أكثر من أي وقت مضى، إلى بداية سياسية جديدة في ظل توحد الضفة وغزة، وهذا لن يحدث في ظل وجود “عباس” في السلطة.
ويعتقد سام بحور، وهو فلسطيني من مواليد أوهايو، وأحد أشهر رجال الأعمال في رام الله، أن “عباس” أصيب بشلل جراء قرار “ترامب”، وينبغي أن يتنحى لكي يسمح بإجراء انتخابات ديمقراطية.
ماذا يمكن أن يقدمه أو يبيعه “عباس” اليوم، لقد كان يتاجر بعملية السلام في أوسلو، وحل الدولتين، ويأمل أن يبقيه “ترامب” على قيد الحياة، لكن “ترامب” يقوضه، فـ”ترامب” اعترف بوجود جانب واحد فقط، وهو الجانب الإسرائيلي.

وكان رد “عباس” على إعلان “ترامب” في القدس يعتبره فلسطينيون على نطاق واسع ضعيفا، فبعد وقت قصير من تحرك الفلسطينيين، سافر إلى الأردن للاجتماع بالملك عبد الله ملك الأردن لتنسيق الرد، في حين دعا إلى اجتماع اللجنة المركزية لمنظمة التحرير الفلسطينية لصياغة موقف وطن موحد.
ووصف “بحور” رد “عباس” على خطوة “ترامب” بأنه مثير للشفقة، قائلا: “كنت أود أن أسمع منه اعترافا بأنه تم إطلاق رصاصة الرحمة على عملية أوسلو، وبدلا عن ذلك دعا إلى عقد اجتماع”.