أفادت مصادر برلمانية مصرية بأن رئيس لجنة الشؤون الأفريقية في مجلس النواب، طارق رضوان، تلقى تعنيفاً لفظياً من رئيس المجلس علي عبد العال، يوم الاثنين الماضي، على خلفية إصدار اللجنة بياناً إزاء التطورات الأخيرة في ملف سدّ النهضة، رداً على إعلان وزارة الموارد المائية والري فشل مفاوضات السدّ، ووصولها إلى “طريق مسدود” بسبب ما اعتبرته “تشدداً من الجانب الإثيوبي”. في السياق، أفادت المصادر في حديث لـ”العربي الجديد”، بأن عبد العال نبّه رضوان إلى عدم التحدث عن أزمة سدّ النهضة مجدداً، أو الدعوة إلى اجتماعات من شأنها التطرق إلى الأزمة، وكذلك عدم مناقشة اللجنة أية طلبات إحاطة أو بيانات عاجلة تُقدم من النواب حولها، مبينة أن تعليمات رئيس البرلمان تخالف بوضوح اللائحة المنظمة، لما يمثله الموضوع من اختصاص أصيل للجنة. وأضافت المصادر أن أزمة سدّ النهضة مثّلت أحد أهم أسباب استحداث لجنة الشؤون الأفريقية داخل مجلس النواب في عام 2016، وبالتالي لا يمكن مصادرة حقها في بحث الأزمة، ودعوة الخبراء والمختصين، سواء من جانب الحكومة أو من الأكاديميين، لاستعراض سُبل تجاوزها، والحلول الممكنة لها، ولا سيما مع فشل المفاوضات الرسمية بين دول مصر والسودان وإثيوبيا.
وأشارت إلى نقل الأمين العام للبرلمان، محمود فوزي، تعليمات شفهية من عبد العال إلى جميع النواب، بعدم التحدث عن أزمة سدّ النهضة تحت قبة البرلمان أو في وسائل الإعلام خلال المرحلة الراهنة، بدعوى خطورة التطرق إلى هذا الملف على الأمن القومي للبلاد، خصوصاً مع التوظيف السياسي لفشل المفاوضات من جانب المعارضة، وتحميلها الرئيس عبد الفتاح السيسي مسؤولية الفشل.
في غضون ذلك، أصدرت الدائرة الاستخباراتية المسيطرة على وسائل الإعلام الموالية في مصر، تعليمات بحذف بيان لجنة الشؤون الأفريقية حول سدّ النهضة، بعد نشره على عدد من المواقع الإلكترونية، مساء الأحد، الذي أعربت فيه عن أسفها الممزوج بحالة من الغضب، بسبب ما آلت إليه الأمور جراء “التعنّت الواضح” من الجانب الإثيوبي، ووصول المفاوضات إلى “طريق مسدود”. وسجلت اللجنة، في بيانها، استغرابها الشديد من الإصرار الإثيوبي على مقابلة مرونة المفاوض المصري بتشدد ملحوظ، ورفض استباقي لكل المقترحات التي توازن بين مصالح مصر المائية، وحقوقها، وأمنها القومي، وبين الحقوق المشروعة في التنمية والازدهار لإثيوبيا.
وادّعت اللجنة مخالفة أديس بابا للمادة الخامسة من اتفاق “إعلان المبادئ”، الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في 23 مارس/آذار 2015 (تنازل السيسي بموجبه عن حقوق مصر التاريخية في مياه النيل)، بما يتعارض مع الأعراف المتبعة دولياً في بناء السدود على الأنهار المشتركة، مستنكرة ضرب إثيوبيا بالمقترح المصري عرض الحائط، على الرغم من اتسامه بالعدالة والتوازن، ومراعاته مصالح الدول الثلاث، وفق البيان. كذلك أبدت اللجنة استعدادها لاستخدام كل الأدوات الممنوحة المكفولة لها بموجب الدستور، لإحداث حالة من التصعيد البرلماني والدبلوماسي والسياسي، بما في ذلك استدعاء السفير الإثيوبي لدى القاهرة إلى مقرّ مجلس النواب، لإبلاغه بتخوّف مصر من التصعيد غير المبرر والمتعمّد من قبل الدولة الإثيوبية.
وكشفت اللجنة أن هناك جاهزية كاملة لإرسال سلسلة من الخطابات إلى البرلمانات الدولية والأوروبية والأفريقية، حول تجاوز إثيوبيا للقانون الدولي للمياه في مسألة سدّ النهضة، ورفع شكاوى إلى الهيئات الإقليمية والدولية، ومنظمات حقوق الإنسان، حول تهديدها لحق الإنسان في الحياة، بالانتقاص من أحقية مصر في مياه النيل، بما يُهدد الملايين من مواطنيها بالعطش، ومنع وصول المياه إلى الأراضي في شمال الدلتا.
وختمت اللجنة مؤكدة أنها لن تتوانى عن طرح الموضوع للمناقشة على المستوى البرلماني في إطار من التصعيد والاستنفار، انعكاساً لحالة التوتر والقلق التي يشعر بها ممثلو الشعب المصري في البرلمان، نتيجة الموقف المتعنت حيال مطالب مصر، التي لن تتهاون في حقها الأصيل بشأن حصتها من مياه النيل، والدفاع بكل السبل والطرق المتاحة حفاظاً على أمنها القومي.
وانتهت جولة المفاوضات الثلاثية حول سدّ النهضة في الخرطوم بفشل ذريع، من دون تحقيق أي تقدم، بعدما أعلنت مصر رسمياً فشل المفاوضات حول خطة الملء الأول للخزان، في ضوء رفض إثيوبيا التفاوض حول الخطة المصرية المقترحة، في وقت رحبت فيه الرئاسة المصرية ببيان البيت الأبيض، بشأن دعم جهود التوصل إلى اتفاق في المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا. وعبّرت مصر عن تفاقم مخاوفها بسبب عدم التوصل إلى حلّ بعد سنوات من التفاوض حول أزمة سد النهضة، إذ اعترف السيسي بصعوبة الموقف في كلمته بالمؤتمر الثامن للشباب الذي عُقد الشهر الماضي، مُلقياً باللائمة على ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، تحت ذريعة أنها “مهدت لإسراع إثيوبيا في إنشاء السد”.
اضف تعليقا