وقع أمس الأربعاء كل من مصر ودولة الاحتلال والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم بشأن تعزيز صادرات الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا، التي تواجه أزمة في تغطية احتياجاتها من الغاز بعد بدء الغزو الروسي على الأراضي الأوكرانية.
كما أعلنت وزيرة الطاقة الإسرائيلية “كارين الحرار” أنه بموجب الاتفاق فقد يٌسمح بصادرات كبيرة من الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا عبر خطوط أنابيب إلى منشأت تسييل في مصر وتجري إعادة تصديره كغاز مسال.
بينما يقول المسؤولون المصريون أن هذا الاتفاق سيسمح لمصر أيضاً بزيادة حصتها من صادرات الغاز إلى أوروبا وسيجعل مصر مركزاً إقليماً لتصدير الغاز في المنطقة.
فكيف ستضرر مصر من الاتفاق مع دولة الاحتلال والاتحاد الأوروبي؟!، وكيف ستحقق إسرائيل أكبر استفادة لها على حساب مصر على المستوى الداخلي والخارجي؟!.
ما أشبه اليوم بالبارحة!
بشهر ديسمبر عام 2019 وقع اتفاقية للغاز بين مصر وإسرائيل وصفها الإعلام العبري أنها هي الأكبر منذ اتفاقية كامب ديفيد عام 1979م، وتسأل البعض حينئذ عن مدى حاجة مصر لتلك الصفقة، حيث تم الاتفاق على تصدير الغاز الإسرائيلي لمصر لمدة 15 عام بمقدار 85 مليار متر مكعب وبقيمة 15 مليار دولار.
وأكد المسؤولون المصريون حينئذ أن لدي مصر اكتفاء ذاتي من الغاز وأن هذه الاتفاقية هي للتصدير الخارجي وهو ما كذبه الإعلام العبري حيث أكد أنه للاستهلاك المحلي في مصر.
والحقيقة أن تلك الصفقة جاءت بمثابة انقاذ للحكومة الإسرائيلية التي عانت في ذلك التوقيت من عجز في الموازنة واضطرابات داخلية نتيجة توالي ثلاث انتخابات متتالية في أقل من عام.
والآن تعاني الحكومة الإسرائيلية نفس الإضطرابات وتسعى لانتصار إعلامي جديد بعد جملة من الاستقالات وحالة من الزعزعة، كما يأتي هذا الاتفاق الذي وصف بالتاريخي بمثابة المنقذ لحكومة بينيت على حساب الدولة المصرية للمرة الثانية، بعد تكرار سيناريو عام 2019.
أزمة داخلية مصرية
بعد اكتشاف الدولة المصرية عدة حقول للغاز في البحر المتوسط، على رأسها حقل ظُهر، ظن المصريون أنهم باتوا بعيداً عن أزمات الغاز خاصة أن المسؤولين في مصر صرحوا أكثر من مرة عن اكتفاء ذاتي من الغاز.
وعلى أرض الواقع اختلفت الأمور بالكلية حيث تأثرت عدة صناعات مصرية وخاصة صناعة الأسمدة والبتروكيماويات التي تعتمد على 70% في صناعتها على الغاز الطبيعي.
ومنذ عام 2017 وتشهد تلك الصناعات في مصر خسائر متتالية حتى بعد الإعلان عن اكتشاف حقول الغاز والذي اعتبرت مصر بعدها من الدول المنتجة.
وأرجع بعد المختصون سبب تلك الأزمة إلى أمرين أولهما أن المسؤولون في مصر يكذبون ومصر لم تكتف ذاتياً ولم تغط احتياجاتها من الغاز ما تسبب في اندلاع تلك الأزمة، وثانيهما هو اعتماد مصر على الغاز الإسرائيلي باهظ الثمن مقارنة بالمصري.
وهذا ينبئ بأمر خطير هو رهن الاقتصاد المصري وحاجة مصر من الغاز بالقرار الإسرائيلي وهذا سلب للإرادة المصرية إضافة إلى الأزمات الداخلية.
يؤثر سلباً على قناة السويس
صرح وزير البترول المصري طارق الملا أن الاتفاقية ستجعل من مصر منصة إقليمية لتصدير الغاز.
وعلى العكس من ذلك تماماً ستصبح مصر ممراً للغاز الإسرائيلي، حيث ستستفيد إسرائيل من إمداد أوروبا بالغاز بأرخص الطرق عبر محطات التسييل المصري فيما ستتأثر مصر سلبياً من ذلك على مستوى الموارد.
بالإضافة إلى مرور 10% من تجارة النفط والغاز العالمية عبر قناة السويس والتي تأثرت بفعل استقبال إسرائيل للنفط الإماراتي عبر خط إيلات عسقلان، وعند تحويل الغاز الإسرائيلي عبر الأنابيب المصرية سوف تتأثر تلك التجارة وبالتالي تتأثر موارد قناة السويس بفعل تلك العملية بينما ستجني إسرائيل أرباحاً اقتصادية على حساب مصر.
الخلاصة أن مصر هي الخاسر الأكبر من الاتفاقية الثلاثية، فبينما يستفيد الاتحاد الأوروبي من تغطية احتياجات الغاز للقارة العجوز، فضلًا عن استفادة دولة الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق أرباحاً اقتصادية وسياسية من تلك الاتفاقية، تعاني مصر من عجز في تغطية احتياجاتها من الغاز وتتعطل الصناعات الداخلية ويتقلص دخل قناة السويس بفعل الاتفاقية.
اقرأ أيضاً : ثمانية أعوام من الكذب والفشل.. الذكرى الثامنة لتولي السيسي مقاليد الحكم في مصر!
اضف تعليقا