العدسة – معتز أشرف
بيان مصري رفيع المستوى، خرج عن السياسة الخارجية للقاهرة، بحسب تعبير وزارة الخارجية المصرية حاول أن يجمل قليلا من صورة سلبية تشكلت عقب بث قناة “مكملين” الفضائية تسجيلات لمكالمات هاتفية بين ضابط مخابرات مصري وإعلامي يدعوه فيه إلى العمل على الوقيعة بين الكويت وقطر، ويتضمن تطاولا على الشعب الكويتي والخليجي بصفة عامة، حيث أعلن بعبارات ود تمسك مصر بعلاقاتها المتميزة مع دولة الكويت، متهما جماعة الإخوان المسلمين بالوقوف وراء “محاولات الوقيعة بين البلدين عبر تسريبات إعلامية”، وهو ما ألقى بعلامات استفهام حول البيان المخصوص وتفسيراته، وهل هو يشكل واقعا؟ أم أن هناك ما يؤكد مضمون التسريبات، ويهز مثل هذه العلاقات السياسية؟.
السيسي متورط
الرئيس المصري الذي أصدر قرارا بمعاملة صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت، معاملة المصريين، وذلك بخصوص تملك الأراضي في مصر، كشفت ذات القناة الفضائية “مكملين”، في فبراير 2014، تسريبا منسوبا له عندما كان وزيرا للدفاع قبل ترشحه لرئاسة الجمهورية، يصرح خلال مكالمة هاتفية بالشتائم والسباب ضد أبناء الخليج من السعوديين والكويتيين والقطريين.
ويكشف التسريب حوارا دار بين السيسي ومدير مكتبه آنذاك عباس كامل وقد وصف الحوار دول الخليج بأنها أنصاف دول تمتلك مبالغ ضخمة، وكان لافتا حديث السيسي باحتقار عن دول الخليج التي تمتلك ميزانيات ضخمة، وأن قادة تلك الدول يمتلكون من الأموال ما يفوق ميزانيات بلدانهم، وأن “الفلوس عندهم زي الرز” “، في إشارة إلى طمعه في الثراء الذي تعيشه دول الخليج، فيما قال اللواء “كامل” في التسجيل إنه “كان على مصر أن تقايض الأنظمة الخليجية في العام 1990 – عام الأزمة الكويتية العراقية – مشيراً إلى أن الخليجيين يلعبون بأموالهم بينما “إحنا ورانا شعب جعان ومتنيل، وكان لازم في كل الأوقات هات وخد”، في إشارة إلى أن الجيش المصري كان يجب أن يقبض ثمن مواقفه الداعمة للخليج في العام 1990.
البعد الاقتصادي
ويرى مراقبون أن البيان يحاول إنقاذ متانة العلاقات المصرية الكويتية، خاصة وأن الكويت تمثل ثالث دولة عربية ذات اسثتمارات كبرى في مصر، حيث تتولي مجموعة الخرافي الكويتية عدة مشروعات عقارية وسياحية وبترولية، وتمتلك المجموعة معظم مدينة مرسى علم الساحلية، كما أنها تمتلك مطار مرسى علم الدولي الذي حصلت عليه من الحكومة المصرية بنظام الـ”بي أو تي”، وتعد الكويت محفظة تمويلية هامة لسداد عجز في الميزانية المصرية، نظرا لما يقدمه صندوق الاستثمار الكويتي، حيث يقدم العديد من المنح والقروض ذات الفوائد القليلة لصالح الاقتصاد المصري، وفي حال توتر العلاقات بين البلدين، فإن مصر من الممكن أن تفقد داعما اقتصاديا هاما لها، مما يزيد من الأعباء الاقتصادية التي تمر بها مصر والتي تجاوز الدين العام فيها 79 مليار دولار، بما نسبته 150 % من ميزانية مصر.
وبحسب إحصائيات حكومية رسمية، فإن الاستثمارات الكويتية في مصر تأتي في المرتبة الثالثة عربيا، حيث تتنوع الاستثمارات في مجال النفط والغاز، وتصل قيمة الاستثمارات إلى نحو 15 مليار دولار، وهذا هو الرقم المعلن من الجانب الكويتي كذلك، ويعتبر القطاع العقاري من أهم القطاعات التي تستحوذ على اهتمام المستثمر الكويتي.
تاريخ بأزمات
العلاقات المصرية الكويتية شهدت انتكاسة قديمة انطلقت من توابع حرب السادس من أكتوبر، حيث توترت العلاقات المصرية الكويتية بشدة في أعقاب زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات لتل أبيب 1978، لبدء مباحثات السلام بين مصر وإسرائيل، وتبادلت القيادة المصرية والخليجية عامة والكويتية ضمنا، التراشق بالعبارات، حيث اعتبرت الدول الخليجية الخطوة المصرية نكوصا عن التعهدات والالتزامات في الصراع العربي الإسرائيلي، بينما اعتبرت مصر الخطوة المفتاح نحو حل شامل ونهائي، كما شهدت العلاقات الكويتية المصرية سكونا وركودا، بحسب مراقبين، مع وصول الدكتور محمد مرسي لسدة الحكم في 2012، إلا أن العلاقات تحسنت بعد الأزمة السياسية في 2013 .
كانت العلاقات السياسية الأولية بين الدولتين بدأت مع الحراك السياسى والشعبى في مصر بعد الحرب العالمية الأولى، حين زار القاهرة الشيخ الراحل أحمد الجابر الصباح، كما زار الشيخ الراحل عبد الله الجابر الصباح القاهرة في عام 1953، واستقبله في المطار كل من اللواء محمد نجيب والبكباشي جمال عبد الناصر.
وفى عام 1942، بدأت العلاقات الثقافية بين البلدين بشكل رسمي، متمثلة في البعثة التعليمية الكويتية لمصر بالاتفاق بين وزير المعارف المصري حينذاك، الدكتور طه حسين، ورئيس مجلس المعارف الكويتى الشيخ عبد الله الجابر الصباح، وكانت أول بعثة للطالبات الكويتيات عام 1956، فيما شهد عام 1959 افتتاح بيت الكويت بالقاهرة، بحضور الرئيس جمال عبد الناصر، كما عارضت الكويت العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956، واهتمت القيادة الكويتية بدفع تبرعات إلى القيادة المصرية .
ويعتبر العام 1990 موعدا جديدا في العلاقات المشتركة، حين أعلنت مصر رفضها غزو صدام حسين للكويت، ووقوفها إلى جانب الحق الكويتى، بل ودفاعها كشريك في حرب تحرير الكويت، وهو ما ردته الكويت للجيش المصري بعد مشاركته في الانقلاب على الدكتور محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب للبلاد، حيث كانت الكويت في مقدمة الدول العربية التي سارعت إلى تأييد التطورات السياسية في مصر في أعقاب 3 يوليو، حين أصدرت الحكومة الكويتية بيانا أكدت فيه دعمها خريطة الطريق التي رسمها وزير الدفاع آنذاك، الفريق أول عبد الفتاح السيسي.
ثغرة العمال
من ناحية أخرى تبرز مشاكل العمالة كأحد أبرز الثغرات الدائمة في العلاقات بين الدولتين، وكان آخرها ما واجهه 700 ألف عامل مصري من تهديدات جديّة بمغادرة الكويت، لكون معظمهم مصنفين كـ”عمالة هامشية”، بعدما أعلنت الكويت تقنين جلب العمالة من بعض الدول، خاصة تلك التي تجاوزت جاليتها في الكويت نسبة عالية دون أن يكون لها مردود إيجابي، حيث إن كثيرا منها “عمالة هامشية”.
وأوضح التقرير الذي نشرته جريدة الوطن الكويتية، أن العمالة المصرية في الكويت “بلغت 700 ألف نسمة، ومعظمها عمالة هامشية، والأمر ينطبق على جاليات أخرى، وعليه لا بد من إخلاء الكويت من هذه العمالة، ومراقبة مكاتب جلب العمالة، حيث إنه يعيبها أكثر مخالفات الاتجار بالبشر”.
وهكذار بين أزمات ومشاكل للعمال وتسريبات متتالية تهاجم في السر الكويت، يأتي البيان في العلن ليؤكد ما يردده المصريون في أمثالهم ” القرش الأبيض ينفع في اليوم الأسود “، حيث خشي النظام المصري من إفلات القرش الكويتي من يده في مثل هذه الظروف الصعبة التي يمر بها النظام المصري، بحسب التقارير الاقتصادية.
اضف تعليقا