نشر موقع “بلومبيرغ نيوز” اليوم تقريرًا أعده الكاتب غلين كيري، يقول فيه إن هناك العديد من الأسئلة التي ليست لها سوى إجابات قليلة حول مصير مستشار الديوان الملكي السعودي سعود القحطاني الذي اختفى من الأضواء بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي، إذ يشير المقال إلى توقف دوره في الشؤون اليومية وإدارة شؤون الأمير.

بعد أشهر من الثرثرة في الدوائر الدبلوماسية ومنصات التواصل الاجتماعي حول اختفاء القحطاني، عاد اسمه للظهور مرة أخرى، لكن هذه المرة فيما إن كان لا يزال على قيد الحياة أم لا؟، ورغم ذلك، طرحت مؤسسات صحفية أخرى تقارير تفيد بأن بن سلمان لم ولن يتخلى عن القحطاني، لكنه يورايه عن الأنظار من أجل حمايته والحفاظ عليه، على الأخص، بعد تورطه الشديد في جريمة قتل خاشقجي.

 

أين القحطاني؟

دعت الباحثة السعودية مضاوي الرشيد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إلى كشف مصير مستشاره السابق، سعود القحطاني، المختفي عن الأنظار منذ آخر ظهور له في الإمارات منذ أشهر، والذي تحوم حوله الكثير من الشائعات، من بينها سيناريو “تصفيته” من قبل “سيده محمد بن سلمان”، كما كان يصفه، على خلفية تورطهما في قضية اغتيال الكاتب السعودي، جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده في إسطنبول.

خاطبت الرشيد ولي العهد السعودي في مقال لها بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني، تحت عنوان، “أين القحطاني؟”، يوم الثلاثاء 3 سبتمبر، حيث أشارت الباحثة أن القحطاني منذ إقالته من منصبه إثر جريمة قتل جمال خاشقجي لم يظهر على الملأ ولم ينشر أي شيء على وسائل التواصل الاجتماعي، كما كان يفعل دائما، وهو المعروف باسم “السيد هاشتاغ”، كما أنه “مسؤول الذباب الإلكتروني” المكلف باختراق حسابات المعارضين وترويعهم.

 

سعود القحطاني قتل مسمومًا

كشف الناشط الحقوقي الفلسطيني، إياد البغدادي، الأربعاء 28 أغسطس، عن احتمالية، تعرض مستشار ولي العهد السعودي سعود القحطاني، للاغتيال عن طريق تسميمه بمادة السيانيد، حيث اعتبر القحطاني أحد المتورطين في التخطيط لقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول في 2 أكتوبر من العام الماضي.، وفرضت حينها الولايات المتحدة عليه عقوبات مع آخرين متورطين في الجريمة.

ذكر البغدادي،- وهو ناشط حقوقي مقيم في النرويج-، أن محمد بن سلمان تعرض لضغوط كبيرة للتخلي عن القحطاني، جاءت أبرزها من جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، دونالد ترمب، ووزير الخارجية، مايك بومبيو، مما جعل بن سلمان يتخذ خطوة صارمة، متمثلة في قتل القحطاني، الذي يعتبر أحد أبرز المتورطين في تصفية خاشقجي، وأشار البغدادي إلى إمكانية أن تعلن السلطات، أن سبب وفاة سعود القحطاني، هو تناول جرعة زائدة من المخدرات.

يذكر أن إياد البغدادي نفسه تلقى في مايو الماضي معلومات من الاستخبارات النرويجية بشأن تهديدات بتصفيته من قبل أجهزة أمنية سعودية، حيث أبلغته السلطات النرويجية، بأن وكالة استخبارات “حليفة” هي مصدر هذه المعلومات، وأكدت أن عليه الانتقال معهم إلى مكان آمن.

 

السعودية لن تتخلى عن القحطاني

في المقابل، كانت وكالة “رويترز” البريطانية، قد قالت في تقرير لها مطلع العام الجاري عن مصادر غربية وعربية وسعودية على صلة بالديوان الملكي السعودي إن المستشار بالديوان الملكي سعود القحطاني لا يزال يتمتع بنفوذ ضمن الدائرة المقربة من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رغم أنه أقيل من منصبه لصلته بمقتل الصحفي جمال خاشقجي.

قال مسؤول سعودي رفيع المستوى – لوكالة رويترز- في ذلك الحين إن عزله ”قرار سياسي… بسبب التقصير في أداء الواجب والاشتراك في تسلسل الأحداث“ التي أفضت إلى واقعة القتل، فبعد ذلك بأسابيع، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على القحطاني بسبب دوره، إلا أن ستة مصادر قالت لرويترز إن القحطاني لا يزال يتصرف نيابة عن الديوان الملكي، إذ قال مصدران منهم إنه لا يزال على اتصال بولي العهد، بينما قال ثلاثة آخرون إنه يواصل توجيه تعليمات لمجموعة صغيرة من الصحفيين السعوديين بشأن ما ينبغي أن يكتبوه عن سياسات المملكة.

وعندما كان رئيسا للمركز الإعلامي الخاص بالديوان الملكي حتى إقالته، كان القحطاني مسؤولا عن وحدة إعلامية إلكترونية مكلفة بحماية صورة المملكة، وتملي النهج الرسمي بشأن قضايا مختلفة من النزاع مع قطر وصولا إلى الأمن وحقوق الإنسان، كما تفيد المصادر إن الحصانة التي يتمتع بها القحطاني على ما يبدو تثير مخاطر تقويض التعهدات السعودية بمحاسبة المسؤولين، حيث كان ينظر إلى القحطاني على أنه الذراع اليمنى لولي العهد.

 

القحطاني حر ومرضيًا عنه

قال أحد المصادر الأجنبية لوكالة رويترز “إن القحطاني لا يزال حاضرًا، وحرًا ومرضيًا عنه، وأن ولي العهد لا يزال متمسكا به ولا يبدو مستعدًا  للتضحية به”، كما أكدت أيضًا مصادر مطلعة في الحكومة إن القحطاني، كان يتحكم في الاتصال بولي العهد وكثيرًا ما كان يتحدث نيابة عنه قبل عزله، ولم يتم الإعلان حتى الآن عن بديل رسمي له، بينما ذكر خمسة من المصادر أن القحطاني واصل الظهور بشكل متكرر في الديوان الملكي، رغم أنه لم يتضح بأي صفة كان ذلك، وطلبت كل المصادر عدم الكشف عن أسمائها للموافقة على مناقشة أمور داخلية حساسة “.

وأفاد مصدر مطلع آخرعلى مناقشات بين ولي العهد وزواره بأن الأمير محمد نفسه أبلغ زوارًا  له بأن القحطاني لا يزال مستشارًا بينما أكد لهم أن بعض الصلاحيات قد سُحبت منه، فيما لم يخض المصدر في التفاصيل، في حين ذكر ثلاثة من المصادر أن القحطاني لا يزال يملي النهج الرسمي للديوان الملكي على كتاب الأعمدة وكبار الصحفيين الذين يرى أنهم قادرون على التأثير في الرأي العام، وذلك رغم تركه مجموعة كان يديرها لهذا الغرض على موقع “واتساب”، إذ أوضحت المصادر الثلاثة أنه يوجه الرسائل، بدلًا من ذلك، إلى الأفراد مباشرة، متضمنة التعليمات بشأن ما ينبغي كتابته أو عدم التطرق إليه.

 

القحطاني يتوارى عن الأنظار فقط

قال مصدر مطلع على تقارير وتحليلات الوكالات الحكومية الأمريكية إنها تعتقد بأن تعليمات صدرت إلى القحطاني للتواري عن الأنظار لبعض الوقت بسبب مشاركته في قتل خاشقجي التي شملت إصدار الأوامر عبر سكايب إلى فريق داخل القنصلية، وأكدت في الوقت ذاته مصادر بالمخابرات السعودية أن بن سلمان غير مستعد للتخلي عن القحطاني.

طالب النائب العام السعودي بإنزال عقوبة الإعدام بحق خمسة من المشتبه بهم الأحد عشر المحتجزين فيما يتصل بقتل خاشقجي، وعقدت أول جلسة من المحاكمة في يناير من العام الجاري، ولم يتم الكشف عن أسماء المشتبه بهم، كما لم يتسن التأكد عما إذا كان القحطاني بين المقبوض عليهم أم لا.

وذكر دبلوماسيون غربيون في الرياض أن القلق كان يساور بعض الحلفاء الغربيين، حتى قبل قتل خاشقجي، إزاء السلطات التي يتمتع بها القحطاني داخل الديوان الملكي وحثت الرياض في الخفاء على تعيين مستشارين أكثر حنكة بدلًا منه، الأمر الذي أدى إلى توقف القحطاني عن استخدام تويتر، وهو منصة دأب على استخدامها لمهاجمة منتقدي المملكة، وفي 23 أكتوبر، غير القحطاني سيرته الذاتية في ملفه الشخصي إلى “حساب شخصي”.

في الوقت الذي يظهر فيه للجميع أن القحطاني ليس مرتبطًا فقط بفضيحة مقتل خاشقجي، بل هو متورط مع بن سلمان في جملة من الجرائم، ويعتقد الكثيرون أن التضحية به أمر ممكن ويتبنون فكرة غرام الطغاة بقتل المقربين في حال انقلابهم عليهم، يرى آخرون أن بن سلمان غير مستعد للتضحية بالقحطاني وأنه يسعى للحفاظ عليه وتأمينه.