العدسة – ربى الطاهر:

حملات عدة تم تنظيمها عبر وسائل التواصل الاجتماعي مؤخرًا، تطالب بالإفراج عن مؤلف أغنية “بلحة “، الشاعر جلال البحيري، والتي تسخر من الرئيس عبدالفتاح السيسي.

فانتشرعدد من الهشتاجات للتعبير عن هذه المطالب، مثل #مؤلف_أغنية_بلحة وأغنية #أكسجين_مش_إرهابى، #الحرية_لجلال_البحيري، في محاولة لتوصيل أصواتهم إلى السلطات المصرية للإفراج عن الشاعر مؤلف الأغنية.

وكان “البحيري” قد اعتقل في مارس الماضي بتهمة ” إهانة الجيش المصري وازدراء الدين الإسلامي”، ولم يتمكن أحد من التواصل معه، أو التوصل إلى أية معلومات عنه، أو معرفة الاتهام الموجه إليه في بداية اعتقاله، سواء أحد من أفراد أسرته، أو حتى محاميه، إلى أن أعلن عن مثوله أمام نيابة أمن الدولة، الثلاثاء الماضي 17 أبريل، والتي جددت حبس “البحيري” مرة أخرى 15 يومًا على ذمة التحقيقات.

ولم تتوان وسائل الإعلام المصرية للحظة عن تخفيف تلك الحملة التي شنتها ضد “البحيري”، حتى وصل الأمر ببعضها إلى المطالبة بإسقاط الجنسية المصرية عنه!.

وحصدت الأغنية أكثر من 3.5 مليون مشاهدة على يوتيوب، بمجرد نشرها، في فبراير الماضي، وقام المطرب رامي عصام بأداء الأغنية، والذي اشتهر بلقب “مطرب الثورة”، حيث اشتهر في ثورة 25 يناير بتلحين الشعارات في ميدان التحرير، وأصدر بعدها، في عام 2012، ألبومه الغنائي الأول بعنوان “منشورات”، والذي حمل أشهر أغانيه وأهمها “ارحل، الجحش والحمار، طاطي طاطي، اضحكي يا ثورة”… ثم تبعه بإصدار (ميني ألبوم)، حمل عنوان “مسلّة” في نفس السنة.

وقد تعرف الجمهور المصري على المطرب الشاب في ميدان التحرير، حيث استمرت الاحتجاجات حتى فيما بعد رحيل الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك، حتى إنه قد تم الاعتداء عليه بالضرب المبرح على يد رجال الأمن، ثم تم اعتقاله مع مجموعه من شباب الثورة بعد اقتحام ميدان التحرير .

إلا أنه لم يتحمل التضييق الذي مورس ضده وضد كل المعارضين، فقرر الهجرة من مصر، ثم توجّه إلى السويد، حيث لا يزال يقيم، بعد انتفاء حرية التعبير بها، ولكنه أصدر فيما بعد عددًا من الأغاني التي انصبت على انتقاد النظام المصري، وكان آخرها تلك الأغنية التي حُبس “البحيري” من أجلها (بلحة)، والتي لاقت نجاحًا كبيرًا وتفاعلًا واسعًا من جمهور الشعب المصري، بعد إصدارها بيوم واحد على حسابه الخاص على اليوتيوب، حيث انتقد فيها الأوضاع العصيبة التي عاشها كافة الشعب المصري طيلة فترة رئاسة السيسي الأولى، والذي كان يستعد وقتها لتجديد ولايته للمرة الثانية في الانتخابات الرئاسية، بعدما تراجعت البلاد على كافة المستويات وعاش الشعب في فقر على مدار أربع سنوات.

ولم يَغفل مطرب الثورة كذلك عن الإشارة إلى قضية السد الإثيوبي، وإلى التفريط في “تيران وصنافير”، إلى جانب مشروع قناة السويس الذي وعد بأنه سيكون نقلة اقتصادية للمصريين.

وقد واجهت الأغنية التي اقتبس مطلعها من أغنية تراثية مصرية قديمة للملحن المصري أحمد شريف: “يا حلوة يا بلحة يا مقمّعة”، ردود أفعال متباينة، حيث عبر البعض عن أنها لا ترقى على المستوى الفني لأن يطلق عليها عمل فني، إلا أنها فقط تحمل رسالة المعارضة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، وكانت كلمات الأغنية:

“يا حلوة يا بلحه يا مقمّعة/ خلّصتي سنينك الأربعة… طوّلت علينا بطلتك/ وزهقنا خلاص من خلقتك/ فـ إلهي ينوّر صلعتك/ ويصيبك حظك م الدعا/ وتلمّ فإيدك شلّتك/ وتنوّر سجن المزرعة…”.

إلا أن فريقًا آخر من الناقدين للأغنية رأى أنها حتى لا تحمل رسالة للمعارضة ولا تخدمها في شيء، فهي لا تحمل أي عمق فكري، بل على العكس كلماتها وما تحتويه من أفكار سطحية جدًّا، فيما اعتبر البعض أن الأغنية كانت صالحة لأن تكون الشعار الرسمي لحملة السيسي، في حين رأى آخرون أنه وبغض النظر عن المستوى الفني للأغنية، فإنها تعتمد على أسلوب المدارة، وهو أسلوب يتميز بالذكاء والسخرية، حيث لم يذكر اسم السيسي مطلقًا بكلمات الأغنية.

بلاغات ضد الأعمال المعارضة

وكان المحامي سمير صبري قد تقدم بثلاث بلاغات عاجلة للنائب العام نبيل صادق، ونيابة أمن الدولة العليا، والمدّعي العام العسكري، ضد المطرب رامي عصام، وكاتب الأغنيه جلال البحيري، والمخرج أحمد الجارحي، والمؤلف وليد عاطف، وقال فيهم إنهم أصدروا أعمالًا فنية تسيء للرئيس عبدالفتاح السيسي والجيش المصري، وتوجه بالبلاغ الأول إلى النائب العام يتهم فيه “عصام” بالتطاول في أغنيته على الدولة المصرية بالإضافة إلى الإساءة التي تحتويها لشخص الرئيس وإنجازاته، أما البلاغ الثاني فقدمه إلى النائب العام والمدعي العام العسكري ضد المؤلف “البحيري” لإصداره ديوانًا بعنوان “خير نسوان الأرض”، واتهمه فيه بأنه يطعن في أشرف خلق الله النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويتطاول على القوات المسلحة، ويشكك فى أمجادها ومعاركها، بينما توجه بالبلاغ الثالث ضد المخرج أحمد الجارحي، والمؤلف وليد عاطف لعرضهما مسرحية بعنوان “سليمان خاطر” في نادي الصيد في القاهرة، ورأى المحامي في عرضهما المسرحي سخرية من الجيش المصري ودوره في محاربة أعداء الوطن، وكانت المسرحية تحتوي على انتقاد لرجال السلطة لما تفعله من اعتقال للمعارضين لهذا النظام القائم، مطالبين من خلال عملهم الفني بالإفراج عن كافة المعتقلين.

وقدم سمير صبري المحامي أسطوانة مدمجة بالأغنية التي حملت عنوان “بلحة” إلى بلاغه.

وكان جلال البحيري قد أصدر ديوانًا آخر تناول فيه العملية الشاملة فيما أطلق عليه الجيش “سيناء 2018″، مشككًا فيما يفعله الجيش في سيناء.

وبالفعل، تم القبض على “البحيري”، وتم التحقيق معه لما جاء من كلمات الأغنية، إضافة إلى الديوان الشعري الذي تناول فيه عمليات الجيش في سيناء، ووجد “البحيري” نفسه متهمًا بالانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وإساءة استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، وازدراء الدين، وإهانة المؤسسة العسكرية.

وجاءت بعض التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي المؤيدة والمعارضة كالآتي:

قالت بيتي: “حابة بس أتكلم عن أغنيه رامي عصام الجديدة بتاعة بلحة إنه شخصية جبانة جدًّا اللي هوا إنت بتشتم فيه وإنت أصلا برا البلد، اللي هوا عامل فيها زعيم ثورجي من برا يعني”.

ورد عبدالفتاح: “هي الناس اللي بتقول على رامي عصام، فاتح صدره علشان برا مصر وبتاع، دول مش عايشين معانا في مصر وشايفين اللي بيحصل؟ عايزينه يرجع مصر علشان يتحبس أو يموت يعني علشان يبقى شبح بالنسبالهم ولا إيه يعني مش فاهم؟!”.

أما مريم فهمي فعلقت بقولها: “واحد عارض مبارك والإخوان والسيسي، ورغم كل التعذيب فضل ثابت على موقفه ومش طبّل لحد، الألتراس، تيران وصنافير، أطفال الشوارع اللي اعتقلوا، الجنيه اللي اتعوم كان هو أول واحد بيتكلم، مش حوار شو ولا اختلاف، بس الراجل ده مش باع القضية زي الكل كان ديما في الميدان، والأغنية عظيمة”.

وعبر محمد يوسف عن رؤيته الخاصه فيما قال: “رامي عصام عمل واجب مع السيسي معملتوش الحملة الانتخابية بتاعته”.

أوضحت تعليقات أخرى رأى البعض بأن مستوى الأغنية يليق بالمرحلة التي تمر بها مصر، مثلما جاء في تعبير زينوبيا: “والله أنا شايفة إن رامي عصام خير من يمثل هذه الفترة البائسة من عمر الوطن فنيا”.

بينما ذكر مجدي التمامي: “أغنية رامي عصام أقل شيء تتوصف بيه إنها حاجة مقززة جدًّا، والله صعب عليا المغني من كتر الجهد اللي عامله في الابتذال… قرف!”.