عقب الانتهاء من تطهير مخلفات ميليشيات حفتر وأتباعه من الجنود المستجلبين قسرا من السودان والمرتزقة الروس العاملين في شركة فاغنار الإرهابية من كامل الغرب الليبي ثم من طرابلس وبعد ذلك من ترهونة.

توجهت القوات الشرعية لحكومة فائز السراج إلى منطقة الهلال النفطي وأطبقت الحصار على مدينة سرت الاستراتيجية وشرعت في القيام بالخطوات التحضيرية لتحريرها وإخراج الميليشيا الهمجية منها.

عند هذا الحد ارتفعت أصوات الدول الأجنبية من كل حدب وصوب مطالبة بوقف القتال والركون إلى التفاوض، إذ دعت مصر في بيان أطلق عليه اسم ” وثيقة القاهرة ” الذي صادق عليه المتمرد خليفة حفتر وعقيلة صالح المدعي لشرعية الزور إلى وقف إطلاق النار اعتبارا من يوم الاثنين الماضي.

ورغم أن المبادرة لم يحضرها أي ممثل للحكومة الشرعية المنتصرة فعليا على الأرض فإن السيسي قرأ بنودها على الملأ على اعتبار أنها أمر واقع وكأن ضيفيه حفتر وصالح ليسا مهزومين وفارين من ساحة القتال.

وزاد المهزلة سخرية الاعتراف السريع لمحور الشر المتمثل في الإمارات والسعودية وروسيا والتحقت بهم فرنسا الاستعمارية، والتعبير عن الرضى بالمبادرة المصرية السخيفة التي تحاول إعطاء من لا يملك لمن لا يستحق.

ولم يكن هذا الموقف سوى نصرة لعملائها الذين تكبدوا خسارة لا توصف ولعل أحسن من عبر عن هذا المعنى الصريح وزير خارجية تركيا مولود جاويش الذي اعتبره محاولة لإنقاذ حفتر بعد الخسائر التي مُني بها في أرض المعركة، كما حسم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الموقف بالتصريح بالقول إن تركيا تقف إلى جانب أحفاد عمر المختار في ليبيا، الذين يحاربون الإرهابيين.

وأوضح أردوغان في تصريحات عقب اجتماع الحكومة الرئاسية أمس الثلاثاء: “أحفاد الشهيد عمر المختار في ليبيا، يحاربون الإرهابيين الوافدين إلى بلادهم من كل حدب وصوب، وتركيا ستواصل دعم نضالهم، وشدد “سنقف إلى جانب إخوتنا الليبيين وليس الانقلابيين والإمبرياليين”.

وفي مقابل ذلك حاولت القوى المعادية لثورة الشعب العربي الليبي إنقاذ ما يمكن إنقاذه وكشفت عن وجهها الأسود بالدعم المباشر جهارا فقد نشر الجيش الليبي، أمس الثلاثاء، مقطعا مصورا يظهر ضباطا إماراتيين رفقة عناصر من مليشيا الانقلابي خليفة حفتر داخل منظومة دفاع جوي من نوع “بانستير” روسية الصنع.

وأظهر المقطع ضباطا بدا من هيئتهم ولهجتهم أنهم إماراتيين، وهم يقودون عناصر من مليشيا حفتر لتوجيه منظومة “بانتسير-S1” نحو هدف جوي.

وكان الضباط الإماراتيون يقدمون توجيهات وإرشادات لكيفية استخدام المنظومة وإدارة شاشات الرادار الخاصة بها، بينما بدا أن الأخيرة لا تزال مبتدئة في هذا الخصوص.

ولكن الدعم المباشر لم يغير في الواقع الميداني شيئا يذكر بل قد يكون قدم الدليل الصارخ على التدخل السافر واثبت الاتهامات التي كانت تنفيها حكومات الخليج في كل مناسبة.

الواقع على الميدان يشير إلى أن حكومة الوفاق لم تعبأ بكل التصريحات المحذرة من مغبة اقتحام مدينة سرت كما لم تلق بالا لدعوات وقف إطلاق النار بعد أن خبرت أعداء الحرية الذي يسارعون دوما لرفع ورقة وقف القتال كلما اقتربت الحكومة الشرعية من تحقيق النصر في حيت يتغافلون عن ذلك كلما تعلق الأمر بتقدم قوات المرتزقة.

لذلك تبدو من خلال التصميم على إتمام مهمتها قد كسبت الورقة السياسية إضافة إلى الورقة العسكرية مما يعزز قدراتها على التفاوض وفرض شروطها إذ تعرف أن المسيطر على الميدان هو الذي يُسمح له برسم معالم المرحلة القادمة وقد ظهر ذلك في تصريحات حكومة السراج بأنه لن يسمح للانقلابي حفتر بلعب أي دور مستقبلي وفي ذلك إشارة إلى معالم الحل الممكن الاتفاق حوله بعد تحرير سرت.