عقب فرارها جراء تقدم قوات شرق ليبيا (الجيش الوطني الليبي) بقيادة خليفة حفتر في الهجوم الذي تشنه على طرابلس، قضت النازحة العجوز مبروكة التواتي (80 عاما) وابنتها أياما تنامان في العراء بالعاصمة الليبية. وتقيمان حاليا في مأوى تغطي الملاءات نوافذه المهشمة الزجاج ويُستخدم فيه مقعدان دراسيان مطبخا.
ومع دخول الهجوم العسكري على طرابلس شهره السادس بلغ عدد النازحين، مثل مبروكة وابنتها، 120 ألف ليبي نتيجة أحدث تصعيد للعنف في الدولة الغنية بالنفط التي يُقدر عدد سكانها بستة ملايين نسمة.
وتوقف الهجوم في الضواحي الجنوبية للمدينة ولم يطرأ تغير يُذكر على خط المواجهة منذ أسابيع غير أن القتال المبكر أدى إلى نزوح كثيرين من منازلهم.
ويقيم بعض النازحين في حدائق عامة كما ينصب بعضهم خياما بجوار ساحل المدينة على البحر المتوسط. وانتهى المقام بآخرين في ملاجئ لا تتوفر فيها حتى الاحتياجات الأساسية أو مياه الشرب.
وغادرت مبروكة التواتي وابنتها المطلقة تبرة الهمالي (47 عاما) منزلهما في منطقة سيدي سليم قرب طريق المطار بطرابلس في شهر أبريل نيسان عندما بدأ الجيش الوطني الليبي هجومه الذي يعرقل خططا تقودها الأمم المتحدة لتنظيم مؤتمر للمصالحة الوطنية في ليبيا.
وتقيمان حاليا بشكل غير مستقر في فصل دراسي بمدرسة جرى تحويلها إلى مأوى ويديرها مجلس بلدية أبو سليم.
وقالت مبروكة، وهي جالسة على حشية بجانب ابنتها، ”انتقلت أنا وابنتي من شارع لشارع لإيجاد مكان، وجلسنا تحت الاشجار لأخذ القيلولة… رأينا ظلما لم يشهده أحد من قبل“.
وبدأت ليبيا تشهد انقسامات في 2011، عندما أطاحت انتفاضة مدعومة من حلف شمال الأطلسي بمعمر القذافي بعد أن قضى أكثر من أربعة عقود في السلطة. وهي منقسمة منذ 2014 بين حكومتين متنافستين تتمركز إحداهما في طرابلس والأخرى في الشرق.
وبدأ حفتر هجومه متعهدا بتخليص طرابلس من الجماعات المسلحة التي رسخت أقدامها هناك بعد 2011.
لكنه يحاول كذلك الإطاحة بحكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا والتي شُكلت عام 2016 بموجب اتفاق سياسي دعمته الأمم المتحدة. وتعتمد الحكومة في حفظ أمنها على بعض من تلك الجماعات المسلحة.
ويتلقى حفتر دعما من الإمارات ومصر اللتين تتنافسان على النفوذ في ليبيا مع تركيا وقطر.
وتقول المفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إن عدد النازحين في ليبيا إجمالا يقدر بأكثر من 268 ألف شخصاً، بعضهم فر من القتال بين 2014 و2017 في بنغازي ثاني أكبر مدن ليبيا، التي سيطرت قوات حفتر عليها في نهاية المطاف.
والأوضاع صعبة في الملاجئ التي انتشرت بأنحاء طرابلس.
وقال محمد الشكري المتحدث باسم الهلال الأحمر فرع طرابلس ”لدينا مخاوف من النقص الشديد في الإمكانيات الغذائية والطبية حيث طول مدة النزاع تستنزف مخزوننا الاحتياطي“. ويعمل المتطوعون في 35 مركزا للإيواء.
ويقف نازحون على أبواب مقر حكومة الوفاق الوطني للفت أنظار المسؤولين. وقالت امرأة كانت واقفة على بوابة الدخول هذا الشهر لأحد الحراس ”كل ما أحتاجه هو إيجار لأعيش أنا وعائلتي. أنا لا اطلب المستحيل“.
وقال يوسف جلاله وزير الدولة لشؤون النازحين إن معظم النازحين الجدد هم من النساء أو الأطفال أو كبار السن. وأضاف أن الحكومة خصصت 120 مليون دينار ليبي (85.7 مليون دولار) كمساعدات، وتدرس تخصيص 100 مليون دينار إضافي.
لكن أُسرا نازحة تعيش في أكواخ ضيقة في ملجأ بمصنع مهجور في ضاحية تاجوراء بشرق طرابلس تقول إنها لم تر أي بادرة لمعونات.
وقال جندي متقاعد، وهو أب لسبعة أبناء، ”نحن مقهورون وليس لدينا شيء، قلبي ينفطر عندما يطلب أبنائي شيئا ولا أستطيع توفيره“. وكانت زوجته تجلس على حافة الكوخ لإفساح المجال لأبنائهم في الداخل.
وفي مأوى آخر في فندق متهالك تابع للحكومة قرب تاجوراء، قالت امرأة وهي تحمل طفلتها بين ذراعيها ”لا أستطيع أن أترك ابنتي تمشي لوحدها بسبب الدرابزين المكسور.. انظر إلى النوافذ“. وأضافت وهي تشير بيدها إلى الأجزاء الفارغة ”ما الذي سنفعله في فصل الشتاء في مثل هذه الظروف؟“.
اضف تعليقا