العدسة – معتز أشرف

على طريقة “نحن كما الإيرانيون” يسير الطائش ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويجر وراءه قاطرة بلاده نحو إهدار مزيد من المال العام في مغامراته ضد خصمه اللدود إيران، بعد أن فشل في إجهاض كل الإجراءات الخاصة بتوقيع إيران لتفاهمات بخصوص مشروعها النووي مع المجتمع الدولي، وتحت وطأة سقوطه في الإحباط والإرباك بعد انتهاء عدة معارك بخسارة السعودية، درات ماكينات الدعاية السعودية فجأة لتشيد بدخول المملكة إلى النادي النووي، وتشيد بالدور الخرافي للأمير الطائش في إدخال الرياض إلى سباق جديد على بلاد النفط وهي لا تعرف أنه سباق لا يعرف الطيش في منطقة باتت في غير حاجة لأي خطوات متهورة في ظل المؤشرات السلبية عن مواجهة قد تتطور بين السعودية وإيران يستعد فيها كل طرف لقمع خصمه بكل الوسائل.

أبعاد المشروع !

في إشارة لا تخفى دلالاتها، رأت صحيفة الرياض السعودية أن المملكة حققت انتصارا دبلوماسيا في ملفها الخاص بتطوير الطاقة النووية، وذلك بما قوبل به مشروعها من حماسة ومنافسة عالمية بحسب زعمها، وأشادت إشادة واسعة ومتكررة في ذات التقرير بحكمة الأمير الطائش وقدراته وثقة المجتمع الدولي فيه، قبل أن ترسم ملامح المشروع النووي السعودي كأنه ولد من عدم، وليس قديما، حيث زعمت ما أسمته القبول الدولي للمشروع مدللة على ذلك بقولها: ” إن مشروع السعودية للحصول على الطاقة النووية يسير “على خير ما يرام حيث أعلن مسؤولون أمريكيون أن إدارة ترامب تشجع على بيع مفاعلات نووية للمملكة العربية السعودية ” وعلى رغم ذلك فإن الصحيفة في تناقض صارخ أكدت رفض المملكة القبول بفرض شروط قاسية على برنامجها النووي من أمريكا، وذلك لأن “الاعتماد على شركات أمريكية لبناء هذه المفاعلات يتطلب توقيع المعاهدة السلمية للتعاون النووي والمعروف باسم اتفاق 123 الذي يستدعي الفصل بين المنشآت النووية المدنية والعسكرية، كما يعرقل هذا الاتفاق تطوير قنابل نووية”بحسب قولها وهو ما يضع علامات استفهام بالغة الدلالة عن الهدف الأصلي من الطموح النووي للأمير الطائش.

وكشفت الصحيفة الرسمية السعودية أن ولي العهد محمد بن سلمان يبني مشروعه على تعدد الحلفاء حيث تحدث مع عشر دول عن هذا الهدف منها الصين وروسيا وكوريا الجنوبية وذلك لبناء ” 16 مفاعلا للطاقة النووية على مدى 20 إلى 25 سنة القادمة”،  مشيرة إلى أن السعودية تمتلك “خيارات واسعة كثيرة منها عدم التوقيع على الاتفاق وتطوير طاقة نووية مع جهة ليست أمريكية، وعلى الرغم من ذلك يتردد حديث في واشنطن حول استثناء المملكة من التوقيع على هذا الاتفاق إذا أرادت أن تحصل على طاقة نووية، حيث تعتبر خسارة السعودية من أي صفقة لصالح دولة منافسة لأمريكا هزيمة تسجل لأي رئيس أمريكي تحدث في عهده، إذ سارعت أمريكا العام الماضي على تمرير صفقة أسلحة ضخمة للسعودية حين اتجهت الرياض لشراء منظومة S-400 من موسكو”.

إجراءات متلاحقة !

وكان مجلس الوزراء السعودي أقر في 24 يوليو 2017 إنشاء مشروع وطني للطاقة الذرية، بناء على ما رفعه ” بن سلمان”، بعد أن وافق في مارس 2016، على اتفاقية بين الحكومة السعودية وروسيا في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، كما عقد “بن سلمان” خلال 2015 عدداً من الاتفاقيات ووقع عدداً من مذكرات التفاهم بين السعودية وروسيا في مجال الطاقة النووية، ومع فرنسا للتعاون في مجالات إدارة النفايات المشعة بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والمعهد الفرنسي للحماية من الإشعاعات والسلامة النووية، والتعاون ين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة والوكالة الفرنسية لإدارة النفايات النووية في مجال تطوير تنظيم الاستخدامات السلمية للطاقة النووية في مجال النفايات النووية، ومع اليابان في مجالات الطاقة والبتروكيماويات والصناعة والكهرباء ومع الصين وقعت السعودية 14 اتفاقاً ومذكرة تفاهم، شملت إحداها التعاون في مجال الطاقة المتجددة بين مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وإدارة الطاقة الوطنية في الصين، إضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم من أجل التعاون لإقامة المفاعل النووي ذي الحرارة العالية والمبرد بالغاز، فيما أعلن وزير الطاقة السعودي المهندس خالد الفالح في العام 2016 ، عن قرب اختيار موقع أول محطة نووية في السعودية، بعد سنوات من غياب الأمر عن السعودية .

لماذا الآن ؟!

إيران هي عقدة السعودية ومربط الفرس بحسب المراقبين في انطلاق الأمير الطائش المحموم نحو النادي النووي بأي ثمن، ومن المهم هنا قراءة تصريح رئيس هيئة المساحة الجيولوجية السعودية، الدكتور زهير نواب، بالتزامن مع بدء أعمال مشروع استقصاء وتقييم موارد اليورانيوم، والتوريوم، فوفقا لصحيفة «عكاظ» السعودية، أكد الدكتور نواب أن المشروع ينفذ بناء على ما أمر به ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، في إطار مجهودات السعودية لاستكشاف خامي اليورانيوم والتوريوم، وأضاف في تصريح يشي بسر القصة برمتها : “المملكة ليس لديها أي توجه لاستخدام هذين الخامين في الأغراض العسكرية”، بحسب زعمه.

الأمير تركي الفيصل، أحد أفراد الأسرة الملكية في السعودية كان أوضح من الجميع عندما تحدث عن أن السعودية ستلاحق إيران نوويا، حيث أكد أن التوصل لاتفاق مع إيران حول برنامجها النووي قد يدفع بلاده ودولاً أخرى بالمنطقة لبدء تطوير وقود نووي، وقال الفيصل خلال مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) الاثنين 16 مارس 2015 : “قلت دائما مهما كانت نتيجة هذه المحادثات فإننا سنريد المثل”، وأضاف الأمير السعودي: “إذا كان لإيران القدرة على تخصيب اليورانيوم بأي مستوى فإن السعودية لن تكون الوحيدة التي ستطلب هذا الأمر”، واستطرد قائلاً: “العالم كله سيصبح مفتوحًا على انتهاج هذا المسار بلا مانع”.

وكان مسؤول في حلف شمال الأطلسي (الناتو) قال في وقت سابق إنه اطلع على تقارير استخبارية تفيد بأن الأسلحة النووية المصنعة في باكستان نيابة عن السعودية أصبحت الآن جاهزة للتسليم، وفي السياق ذاته، قال أموس يالدين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، لمؤتمر في السويد إنه إذا نجحت إيران في صنع قنبلة نووية، فإن” السعوديين لن ينتظروا شهرا واحدا. لقد دفعوا مسبقا ثمن القنبلة، سيذهبون إلى باكستان ويحضرون ما يحتاجون إليه”.

ويؤكد الكاتب السعودي البارز المحسوب علي النظام عبد الرحمن الراشد أن السعودية نظريا، وسياسيا وعسكريا، ستضطر إلى حماية نفسها من النظام الإيراني النووي إما بالحصول على سلاح ردع نووي، وإما باتفاقيات تعيد توازن القوة، وتحمي السعودية ودول الخليج، مشيرا إلى أنه في ظل وجود تاريخ طويل من النزعة العدوانية من قبل نظام طهران ضد جارته السعودية، فإنه لا يشكك أحد أبدا في أن الرياض هي أحد الأهداف المحتملة في خريطة الاستهداف النووي الإيراني فهي لم تتوقف عن استهداف السعودية مباشرة أو بالوكالة، واصفا مبررات السعودية بالتحول إلى التوزان النووي مع إيران بالقوية .

الخطة ب !

وفي المقابل يرى مراقبون محسوبون علي الجانب الإيراني أن الرياض تحاول اليوم أن تشعر المجتمع الدولي بـ”الندم” على إغلاق ملف إيران، عبر التلويح بسباق تسلّح نووي قد تشهده المنطقة، وبحسب تقرير لموقع العهد الإخباري المحسوب علي إيران فإن السعودية تعمل على قاعدة «ردّ الفعل»، ولجأت بعد توقيع اتفاقيات إيران مع المجتمع الدولي إلى الخطّة «ب» التي تفترض مواصلة الاشتباك مع الخصم الإيراني، لكن وفق قاعدة «سنفعل ما فعله الإيرانيون».

وأوضح التقرير أنه لم يكن البرنامج النووي السعودي يوماً في سياق «حلم قومي» وتطلّعات نهضة وطنية كملامح أي مشروع مماثل في ما يقارب 31 دولة حول العالم ولكنه جاء في سبيل فعل ما يفعل الإيرانيون، ووصف التقرير زيارات محمد بن سلمان  بأنها واحدة من نماذج «الحرد» السعودي في مواجهة إيران، مؤكدا أن اشتداد عزم الرياض، وارتفاع منسوب حماستها تجاه المشروع النووي في هذا التوقيت، توّجتهما تصريحات لا تستبعد اللجوء إلى خيار شراء القنبلة النووية!.