بعد انقطاع دام ما يقرب من خمسة أشهر، بدأ الموقعون الخمسة على الاتفاقية النووية، وهي خطة العمل الشاملة المشتركة ‏ (JCPA) مع إيران لعام ٢٠١٥، يتحدثون مرة أخرى في محاولة لإحياء الاتفاق، بعدما واجهوا عددًا من التحديات.

وبداية للتحديات، تصر أمريكا -بدعم كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا- على أنها لن تعود إلى خطة العمل المشتركة، إلا في حال التزمت إيران بالقيود التي نصت عليها في الأصل، لكن إيران ترفض هذا الشرط.

وبدلًا من ذلك، قامت طهران بوضع شرطها لعودة إيران إلى الامتثال لشروط الاتفاقية، حيث إنها تصر أن تقوم الولايات المتحدة برفع العقوبات المفروضة عليها، بالإضافة إلى تعهد واشنطن بعدم الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة في وقت لاحق. بشكل مختصر، على الولايات المتحدة ألا تكرر ما قام به الرئيس السابق دونالد ترامب، الذي سحب أمريكا من الاتفاقية في عام ٢٠١٨.

علاوة على ذلك، أعربت الوكالة الدولية للطاقة عن قلقها من أن يتزايد مخزون إيران من اليورانيوم المخصب -الذي يبلغ ٦٠٪- ليصل إلى ١٧.٧ كيلوجرام، كما أنها قلقة أيضًا بسبب القيود التي تعيق وصول مفتشيها إلى المواقع النووية الإيرانية. 

وفي أثناء ذلك، يقوم الكيان الصهيوني بممارسة الضغوط على الولايات المتحدة كي لا تحيي الاتفاق النووي، وتهدد بمهاجمة إيران، فهي تعتقد أنها على وشك أن تصبح دولة مسلحة نوويًا. إن إسرائيل بالطبع تمتلك أسلحة نووية منذ عقود، لكنها لا تسمح بتواجد مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية  في أي مكان بالقرب من منشآتها النووية.

مؤخرًا، قام قائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال فرانك ماكنزي، بالتحذير من أن القوات الأمريكية جاهزة بخيار عسكري في حال فشل مفاوضات فيينا. كما أنه زعم أن إيران قريبة جدًا من صنع سلاح نووي، ولقد أظهرت إيران بالفعل أن صواريخها بعيدة المدى قادرة على ضرب الأهداف بدقة.

لا يمكن التكهن مسبقًا بنجاح أو فشل مفاوضات فيينا، ولكن يمكن التكهن بما ستفعله الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، وذلك بالنظر إلى المواقف المعلنة المتعلقة بالأمن القومي ومصالحهما في المنطقة. بحسب ما نشره يوسي كوبرفاسر، الباحث في مركز القدس للشؤون العامة، فإن القادة وخبراء الإستراتيجية الإسرائيليون يعرفون أن حجم المشروع النووي الإيراني لا يزال محدودًا، ونتيجة لذلك فإنه من الأولويات معالجة هذا التهديد الآن، بينما قدرة إيران على الدفاع عن منشآتها النووية ضد العمليات السرية والهجمات الإلكترونية، وإلحاق أضرار جسيمة بالأهداف الإسرائيلية لا تزال ضعيفة.

وأضاف كوبرفاسر أيضًا أنه سمع خلال زيارته لواشنطن رسالة واحدة فقط من أعضاء الكونجرس، مفادها أن “لا تعتمدوا على الدعم الأمريكي ولا على عملية أمريكية مباشرة. إسرائيل هي نفسها، وعليها أن تفعل ما تعتقد أن عليها أن تفعله”، في هذا السياق، ماذا كان يعني الجنرال ماكنزي عندما صرح بأن القوات الأمريكية جاهزة للخيار العسكري في حال فشل مفاوضات فيينا؟

من الواضح إلى حد ما أن إدارة بايدن لجأت إلى لغة التهديد منذ استئناف المحادثات، وذلك للضغط على إيران من أجل تخفيف موقفها، لكن يظل موقف واشنطن المرجح هو أن تعود إلى خطة العمل الشاملة المشتركة بشروط تؤمن مصالحها، دون استفزاز إيران. ومع ذلك أيضًا، لا يمكننا استبعاد أن تقوم الولايات المتحدة باللجوء إلى خيار عسكري أكثر خطورة مما تشارك فيه بالفعل ضد إيران وحلفائها.

في حال فشل المحادثات في فيينا، من المتوقع أن تفعل الولايات المتحدة من الشيء نفسه مع الهجمات الإلكترونية ضد إيران، خاصة في لبنان وسوريا والعراق. ومن المحتمل أن تقوم إسرائيل بالشيء نفسه، ولكن بوتيرة أكثر حدة، خاصةً في سوريا، وضد حزب الله في لبنان، وحركة حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين المحتلة.

لا يمكننا استبعاد قيام إسرائيل بضربة جوية ضد المنشآت النووية في إيران، لكن سيكون هذا مشروطًا بدعم مباشر من الولايات المتحدة، وهو أمر غير مرجح في الوقت الحالي. لكن يجب مراعاة موقف الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي من حزب الله وحماس، فقد بدأت الولايات المتحدة وعدة دول أخرى في اعتبار حزب الله قوة إقليمية، تلعب دورًا فاعلًا في سوريا وفلسطين واليمن بدعم من إيران، ناهيك عن موقعها ونفوذها في لبنان. ومن هنا تقوم الولايات المتحدة بفرض عقوبات على كل من تعتبره شريكًا فاعلًا وداعمًا لحزب الله، كما أنها وسمعت حملتها الدولية لتصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية، واستهداف من يدعمه ماليًا أو يتعاون معه سياسيًا.