العدسة – جلال إدريس

يوما وراء يوم، تزداد جرائم قتل المشاهير في دولة الإمارات، وتتناقل الأخبار عن وفاة الكثير منهم داخل فنادقها الفارهة، إما نتيجة وفاة طبيعية أو حادث قتل مدبر.

وفاة الممثلة الهندية الشهيرة (سريديفي كابور)، نتيجة غرقها في حمام غرفتها الفندقية  بـ”دبي”، عقب فقدانها الوعي، تعد أحدث قضايا الموت الغريبة والمثيرة للجدل في دولة الإمارات، خصوصا وأن تقارير باتت تتحدث عن أن الممثلة الهندية الشهيرة تم قتلها عمدًا، وأنها لم تمت نتيجة فقدانها للوعي في حمام غرفتها كما ادعت شرطة “بي”.

وفاة (سريديفي كابور) داخل غرفتها  بأحد فنادق دبي، أعادت للأذهان جرائم القتل المتعمد التي جرت لمشاهير داخل فنادق الإمارات وشوارعها، الأمر الذي يطرح السؤال الأهم، هل أصبحت “دبي” عاصمة القتلة المستأجرين؟ خصوصا أن معدل جرائم القتل عن طريق أشخاص مستأجرين قد زادت في الإمارات.

جرائم القتل المتعمد للمشاهير في دولة الإمارات، تنوعت بين جرائم قتل سياسيين وفلسطينيين مقاومين، ومشاهير، وفنانين، وصحفيين، وأغلبها يقيد ضد مجهول، وبعضها يتم الكشف عنه وتطرح تفاصيله للرأي العام.

الأهم في تلك الوقائع، أنها تنسف الأساطير التي تنسجها الإمارات حول شرطتها وقدراتها الأمنية العالية، وهو أيضا ما قد يؤثر على السياحة الإماراتية بصورة أو بأخرى.

(العدسة) ومن خلال التقرير التالي، يرصد بعضا من قصص المشاهير الذين تم قتلهم عمدا في دولة الإمارات:

المبحوح (شهيد الغدر)

في يناير عام 2010، أفاق الفلسطينيون والعالم على حدث صادم، وهو اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح، في عملية نفذتها المخابرات الإسرائيلية “الموساد” في قلب مدينة دبي بالإمارات، لكن الصدمة الكبرى، كانت عندما بدأت تتكشف تفاصيل المخطط السري للعملية، حيث شكّل سيناريو عملية اغتيال “المبحوح”، أبرز علامات التعاون الأمني بين الإمارات وإسرائيل، والذي يعتبر القيادي المفصول من حركة فتح محمد دحلان أحد أركانه.

وبدأت قصة سيناريو الاغتيال، بمتابعة المخابرات الإماراتية لـ”المبحوح” -الذي كان مسؤولًا عن شراء الأسلحة لكتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، والمسؤول عن تحويل الأموال والتبرعات إلى الحركة، -حين علمت بنشاطه، واستلم ضاحي خلفان ومحمد دحلان ملف “المبحوح”، الذي كان يعتبر المطلوب رقم 1 للموساد في تلك الأيام.

وحين أقام “المبحوح” في فندق بستان روتانا بدبي غرفة 103، وصلت المعلومات إلى شرطة دبي، وتم تسريبها إلى جهاز السي آي إيه (المخابرات الأمريكية)، وإلى الموساد الإسرائيلي.

ورغم خروج ضاحي خلفان للإعلام في صورة البطل وهو يعرض فيلما مشوقا وتسجيلات لتحركات المتهمين في عملية اغتيال “المبحوح”، إلا أن التطورات اللاحقة كشفت عمق تورطه هو و”دحلان” في العملية.

كان خروج “خلفان” كل يوم للإعلام أقرب ما يكون لمسرحية لتبرئة الذمة، ومنعًا للأقاويل التي تحدثت عن تورطه وتورط سلطات الإمارات في القضية التي جرى دفنها لاحقًا دون محاكمات.

في وقت لاحق، نشر مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك”، تقريرًا يكشف تورط ضاحي خلفان، قائد شرطة دبي، في عملية اغتيال “المبحوح”، واستند المركز في تقريره إلى من وصفهم بـ”مصادر من داخل شرطة دبي نفسها”، والتي قالت إن “دحلان” كان يملك معلومات تفصيلية، عن خطة المراقبة التي كانت يقوم بها الموساد والسي آي إيه، ولكنه لم يتدخل من أجل إيقافها.

كما أشارت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، في تقرير لها، إلى دور ضاحي خلفان وتورطه في عملية الاغتيال، ثم القيام بلعب دور البطولة، واصفة إياه بـ”الشرطي الذي لا يتوقف عن النقيق”.

الصدمة الكبرى، كانت في 16 يونيو 2017، حين قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن متهميْنِ على الأقل، من الفريق الذي اغتال القيادي الفلسطيني محمود المبحوح بدبي عام 2010، يعيشان في الإمارات، ولم يقدما للمحاكمة بتهم تقديم الدعم اللوجستي لفريق الاغتيال.

جريمة قتل (سوزان تميم)

في 28 يوليو 2008، شهدت إمارة (دبي) حادثة قتل شنيعة، لفنانة لبنانية كانت تعيش في مصر تدعى “سوزان تميم” حيث عثر عليها مذبوحة في شقتها بـ”دبي” بعد أن عاجلها القاتل بمجرد دخوله باب الشقة بسكين على رقبتها.

وقتها أثارت الجريمة الرأي العام، ووجدت شرطة “دبي” نفسها في موقف حرج أمام العالم، ولذلك بذلت جهودا مضنية لكشف تفاصيل تلك الجريمة البشعة في أسرع وقت.

وكشفت التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة في مصر آنذاك  عن تفاصيل بالغة الإثارة؛ أبرزها، أن الذي قتلها هو ضابط أمن مصري يدعى “محسن السكري” سافر خلفها لقتلها في “دبي”مقابل حصوله على مبلغ مليون ونصف المليون دولار، كان قد تلقاها من رجل الأعمال المصري هشام طلعت مصطفى، نظير قيامه بقتل سوزان تميم حيث تم إيداع المبلغ في خزينة النيابة العامة، كما عثر في حسابه على 300 ألف دولار أميركي من باقي مبلغ المليونين التي تسلمها من هشام طلعت.

كما سلم “السكري” تسجيلات كانت على هاتفه المحمول، تتضمن الاتصالات المتبادلة بينه وبين هشام طلعت للاتفاق على قتل سوزان، وووجه هشام بهذه التسجيلات فلم ينكر وقال إن صوت التسجيل يشبه صوته.

وبعد القبض على “السكري” و”طلعت مصطفى” قضت محكمة جنايات جنوب القاهرة بالتجمع الخامس، برئاسة المستشار عادل عبدالسلام جمعة، في  28 سبتمبر 2010، بسجن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى 15 عامًا، وضابط أمن الدولة السابق محسن السكرى 25 عامًا عن تهمة القتل، بالإضافة إلى 3 سنوات لـ”لسكرى”، عن تهمة حيازة سلاح بدون ترخيص، مع مصادرة الأموال والسلاح، وترددت أنباء عن هروبه من السجن بعد حدوث فوضى في سجن طرة، على إثر الأحداث الأخيرة في مصر، قالت مصادر إن “طلعت” اتفق مع نافذين في السجن على سيناريو هروبه، وأنه دفع أموالا طائلة من أجل تنفيذ عمليه الهروب.

وفي 23 يونيو 2017، أصدر عبدالفتاح السيسي قائد الانقلاب، قرارا بالإفراج عن 502 من المعتقلين في السجون المصرية، كمكرمة بمناسبة عيد الفطر المبارك، وكان هشام طلعت مصطفى أحد المساجين المفرج عنهم.

قتل مدرسة أمريكية وشبح الريم

في الثالث عشر من يوليو 2015، طوت السلطات الإماراتية، صفحة القضية المعروفة إعلاميًّا بـ”شبح الريم”، وذلك بتنفيذها حكم الإعدام الصادر بحق المواطنة “آلاء بدر عبدالله”، بعد إدانتها بقتل المدرّسة الأمريكية “أبوليا بلازسي ريان”، طعنًا “عمدًا وعدوانًا لغرض إرهابي”، و”الشروع في قتل أمريكي وأفراد أسرته في أبوظبي، بوضع قنبلة يدوية الصنع قرب مسكنهم”، بعد مصادقة رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان على الحكم.

الجريمة وقتها هزت الرأي العام المحلي والدولي؛ إذ إنها كانت جريمة لـ”مواطنة أمريكية” وهو ما يعني الكثير بالنسبة للإمارات التي تخشى على علاقتها القوية بالولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الجريمة تم تنفيذها داخل مكان عام ومول تجاري، وهي الأماكن التي تخشى الإمارت على ضرب سمعتها عالميًّا.

قصة “شبح الريم” وقعت في ديسمبر 2014، عندما تتبعت امرأة تدعى “آلاء”، متخفية في نقاب، المعلمة الأمريكية “أبوليا” في أحد المراكز التجارية بجزيرة الريم في أبوظبي، وقتلتها طعنًا بسكين، ثم “بنفس اليوم” زرعت عبوة ناسفة بدائية الصنع على باب منزل طبيب أمريكي من أصل مصري، لم تنفجر.

و “آلاء بدر عبدالله”، عمرها 30 عامًا، وهي أم لثلاثة أطفال، وعرفت قضيتها باسم “شبح الريم” لكونها ارتدت ثوبًا يغطي كامل جسدها من رأسها حتى أخمص قدميها، لارتكاب الجريمة التي وقعت في جزيرة الريم الإماراتية.

ووفقًا لوكالة الأنباء الإماراتية آنذاك، فإن “عبدالله” ارتكبت جرائم قتل المجني عليها “أبوليا بلازس ريان” طعنًا بسكين، والشروع في قتل قاطني إحدى شقق بناية بكورنيش أبوظبي؛ بوضع قنبلة يدوية الصنع قرب باب الشقة وإشعال فتيل تفجيرها.

“شبح الريم” أدينت أيضًا بـ”جمع مواد متفجرة محظور تجميعها، وإنشاء وإدارة حساب إلكتروني على الشبكة المعلوماتية باسم مستعار، بقصد تحبيذ وترويج أفكار جماعات إرهابية، ونشر معلومات من خلاله، بقصد الإضرار بسمعة وهيبة ومكانة الدولة والنيل من رموزها”.

وفي 13 يوليو 2015، قامت السلطات الإماراتية، بتنفيذ حكم الإعدام الصادر بحق المواطنة “آلاء بدر عبدالله” المعروفة بشبح الريم، في أسرع حكم قضائي تشهده الإمارات، ويتعلق بمقتل مقيمة أجنبية على أراضيها.

سريديفي.. آخر الضحايا

ومؤخرًا، يدور الغموض حول قضية وفاة الممثلة الهندية سريديفي كابورSridevi Kapoor، التي فارقت الحياة يوم السبت 24 فبراير 2017، خلال وجودها في دبي من أجل حضور حفل زفاف عائلي.

وفي البداية، قيل إن “كابور” البالغة من العمر 54 عامًا، توفيت إثر إصابتها بسكتة قلبية مفاجئة، ثم أعلنت شرطة دبي أنها ماتت غرقًا في حوض الاستحمام داخل غرفتها بالفندق، واليوم يتم تداول خبر وفاتها على أنه “جريمة” لتزداد القضية غموضًا وتعقيدًا!.

وفقًا لصحيفة Daily mail البريطانية، فقد أعلن أحد السياسيين الكبار، أن “كابور” راحت ضحية جريمة قتل.

وتساءل Subramanian Swamy، رئيس حزب Bharatiya Janata السياسي في الهند: “كيف يمكن لـ”سريديفي” التي لم تشرب الكحول بإفراط يومًا، أن تموت وهي ثملة في حوض الاستحمام؟!”.

وأضاف: “لم تكن تحتسي مشروبات كحولية ثقيلة، كيف دخلت إلى جسدها؟ هل أجبرها أحد على شربها؟”.

وخلال حديثه، شدد Swamy على أن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول القضية، وبرأيه، فإن “كابور” تعرضت لجريمة قتل متعمد.

من جانبها، أغلقت شرطة دبي التحقيقات بشأنها، بعدما أعلنت القيادة العامة لشرطة دبي، أن تقرير الطب الشرعي أظهر أن وفاة الممثلة الهندية سريديفي كابور كانت نتيجة غرقها في حمام غرفتها الفندقية عقب فقدانها الوعي.

وأوضحت شرطة دبي في بيان لها نشرته على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، أن ملف القضية تمت إحالته إلى النيابة العامة في دبي لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة وفقا لما هو مُتبع في مثل هذه الحالات.

مقتل زوجة صحفي شهير

في يوليو 2017، أقدم صحفي بريطاني شهير مقيم في دبي، على ارتكاب جريمة قتل بشعة، حيث وجه ضربة قوية لرأس زوجته، خلال شجار بينهما، فأرداها قتيلة، حسبما أفادت النيابة العامة في دبي.

الجريمة هزت أوساط الإعلاميين في الإمارات، خصوصا أن مرتكبها هو واحد من الصحفيين المخضرمين، والذي كان يعمل وقتها في صحيفة “جولف نيوز” وهو الصحفي فرنسيس ماثيو.

وأحيل فرانسيس ماثيو، الموقوف حاليا، إلى النيابة بعدما أقر بقتل زوجته عن طريق الخطأ خلال شجار اندلع بسبب خلافات زوجية، وأن السلطات تقوم حاليا بمراجعة القضية والتحدث إلى شهود.

وأوضح المكتب الإعلامي لشرطة دبي أنهم تلقوا اتصالا من المتهم يدعي فيه أن زوجته تعرضت لاعتداء من مجموعة من اللصوص في منزلهما في منطقة جميرا، لكن التقارير التي أظهرت وفاتها جراء ضربة قوية على رأسها أثارت الشبهات حول الزوج.

وأثناء التحقيق معه، أقر “ماثيو” بمهاجمة زوجته وإلقاء مطرقة في اتجاهها، لكنه قال إنه لم يكن يقصد قتلها.

ويواجه الصحفي عقوبة السجن من سنة على الأقل -في حال تمت إدانته بالقتل غير العمد- إلى المؤبد إذا أدين بالقتل عمدا.