تستثمر السلطات السعودية ملايين الدولارات من أجل تلميع صورتها أمام العالم الخارجي، لاسيما في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، إذ تبرم عشرات الصفقات مع شركات العلاقات العامة البارزة في تلك البلدان من أجل تنظيف سمعتها الملوثة بفعل الجرائم الوحشية المرتكبة ضد حقوق الإنسان.
من بين تلك الشركات شركة إيدلمان المملوكة لرجل الأعمال ريتشارد إيدلمان، والتي عقدت معها السعودية صفقات بقيمة تزيد عن 9 ملايين من الدولارات على مدار الأربع سنوات الماضية.
شركة إيدلمان ليست الوحيدة التي تتعامل معها الحكومة السعودية، إذ تعد شركات McKinsey & Company و Boston Consulting Group و Hogan Lovells و Qorvis Communications من بين العديد من الشركات الأخرى – لكن عمل إيدلمان لصالح النظام جدير بالملاحظة بشكل خاص نظرًا لسمعة إيدلمان فيما يتعلق بـ “مقياس الثقة”، وهو مسح سنوي لثقة الجمهور في الحكومة وقطاع الأعمال ووسائل الإعلام والمؤسسات الأخرى.
خلال اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي هذا العام، نشرت إيدلمان “تقريرًا خاصًا” لمقياس الثقة يركز على الجغرافيا السياسية، وقالت الشركة إن 59٪ من المشاركين في الاستطلاع اتفقوا على أن “معاقبة الدول التي تنتهك حقوق الإنسان والقانون الدولي” هي “مسؤولية تجارية”.
روج إيدلمان، الرئيس التنفيذي، لهذه النتيجة في تدويناته الأخيرة وقدم حججًا مماثلة في تعليقاته العامة، والتي ركزت إلى حد كبير على حرب روسيا ضد أوكرانيا.
كما وجد تقرير الجغرافيا السياسية الذي رُوج له على نطاق واسع أن ما يقرب من ثلثي المستجيبين يعتقدون أن “الرؤساء التنفيذيين يجب أن يحدوا بشكل استباقي من الأنشطة التجارية في البلدان التي ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان بدلاً من انتظار الحكومة لفرض عقوبات”.
بصفته عضوًا في الميثاق العالمي للأمم المتحدة، وهي مبادرة تشجع الشركات على تقديم تعهدات طوعية بمسؤولية الشركات، تنشر إيدلمان تحديثًا سنويًا حول التقدم المحرز، وأكد أحدث بيان للشركة على أن “احترام حقوق الإنسان … جزء أساسي من كيفية قيامنا بأعمالنا”.
ورد في وثيقة إديلمان الصادرة في ديسمبر/كانون الأول 2020 والتي تحدد “سياسة حقوق الإنسان” لشركة Daniel J Edelman Holdings Inc ، المؤسسة الأم لشركة العلاقات العامة، أن الشركة “تتوقع من عملائنا احترام سياسات حقوق الإنسان لدينا” و”تحتفظ الحق في رفض العمل مع العملاء أو القطاعات أو الصناعات التي قد تعرض للخطر أو تنتهك حقوق الإنسان لأي شخص “.
تنص الوثيقة نفسها على “التزام إيدلمان بدعم حقوق الإنسان في كل جانب من جوانب أعمالنا، وتجنب التعدي المباشر أو غير المباشر على حقوق الإنسان للآخرين، ومعالجة الآثار السلبية على حقوق الإنسان في حالة حدوثها”.
رداً على الانتقادات التي واجهتها الشركة بسبب عملها لسنوات مع شركات الوقود الأحفوري والمجموعات التجارية الصناعية مثل ExxonMobil و American Petroleum Institute ، تمسكت إيدلمان بردها الدائم أنه بدلاً من رفض هذه المنظمات كعملاء، تعتقد الشركة أن بإمكانها حماية الكوكب بشكل أفضل من خلال العمل معها وتغييرها من الداخل.
من غير الواضح ما إذا كانت شركة إيدلمان تتبع نفس نهج “التغيير من الداخل” للحكومات الاستبدادية إذ أنها مستمرة في التعامل مع النظام السعودي وعقد صفقات جديدة معه.
في تصريح لها، قالت سارة ليا ويتسون، المديرة التنفيذية لـ DAWN إن “قمع الدولة السعودية للمجتمع السياسي والمدني ازداد سوءًا كثيرًا في السنوات التي أعقبت اغتيال خاشقجي”، مضيفة: “مستوى الخوف الذي يتعرض له المواطنون السعوديون أصبح غير مسبوقًا… يعلمون جيدًا عواقب التعبير عن أي انتقاد، وأي اعتراض على أي شيء يفعله محمد بن سلمان”.
للاطلاع على النص الأصلي من المصدر اضغط هنا
اضف تعليقا