في تحول مفاجئ، شنّ الإعلام السعودي حملة هجوم غير مسبوقة على رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد تصريحاته الأخيرة التي اقترح فيها إقامة دولة فلسطينية على الأراضي السعودية.
لكن هذه الهجمة الإعلامية تثير تساؤلات حول ازدواجية النظام السعودي، الذي لم يتردد قبل أشهر في مهاجمة المقاومة الفلسطينية وشيطنتها، بينما فتح نيرانه على نتنياهو فور أن مست تصريحاته “هيبة” المملكة.
لم يكن التصعيد السعودي ضد نتنياهو مرتبطًا بانتهاكاته بحق الفلسطينيين، بل جاء كرد فعل على استهزائه بالسعودية، حيث تجنّدت وسائل الإعلام الرسمية، مثل “الإخبارية” و”العربية”، للهجوم على رئيس وزراء الاحتلال، ووصل الأمر إلى حد إسقاط صفته الوظيفية في بيانات رسمية، وهو ما وصفه الإعلام السعودي بأنه “إسقاط متعمد”.
هذا التحول يعكس انتقائية صارخة، فالنظام الذي هاجم المقاومة الفلسطينية ووصفها بالإرهاب، وفتح أبوابه للتطبيع عبر وسطاء غربيين، لم يجد حرجًا في شن حملة شرسة فقط عندما تعرّض لنوع من السخرية السياسية من نتنياهو.
غضب انتقائي.. تطبيع في الخفاء وهجوم في العلن!
رغم هذه الحملة المفاجئة، لا يمكن إغفال حقيقة أن السعودية كانت ضمن الدول التي التزمت الصمت إزاء المجازر التي ارتكبها الاحتلال في غزة، ولم تحرّك ساكنًا أمام التهديدات الأمريكية الإسرائيلية المتكررة بتهجير الفلسطينيين قسرًا.
وبينما كانت القنوات السعودية تنقل بانتظام خطابًا متصالحًا مع الاحتلال، بل وتستضيف شخصيات إسرائيلية للترويج لمسار “السلام”، جاءت تصريحات نتنياهو الأخيرة كصفعة أجبرت النظام على التظاهر بالغضب لحفظ ماء الوجه أمام شعبه.
وبينما كان الإعلام السعودي يسوّق للتقارب مع الاحتلال قبل أشهر قليلة، ظهر الآن بمظهر المدافع الشرس عن القضية الفلسطينية، وهو تناقض لا يمكن فصله عن سياق العلاقات السرية بين الرياض وتل أبيب.
فالسعودية التي لم تتردد في اعتقال وتهجير نشطاء مؤيدين للمقاومة، تتظاهر اليوم بالغيرة على الأرض الفلسطينية، فقط لأن أحد مسؤولي الاحتلال تجرأ على ذكر اسمها بسخرية.
النظام السعودي.. بين صفعة نتنياهو والمصالح الإسرائيلية
هذه “الغضبة السعودية” ليست سوى محاولة لإعادة ضبط المشهد الداخلي بعد أن أحرجتها تصريحات نتنياهو، فمنذ سنوات، كانت المملكة تتخذ خطوات متسارعة نحو التطبيع مع الاحتلال، تحت غطاء المصالح الاقتصادية والسياسية، لكنها وجدت نفسها الآن أمام معادلة صعبة بعد أن أصبحت طرفًا في سجال علني مع نتنياهو.
في النهاية، هذه ليست معركة بين السعودية ونتنياهو، بل مجرد فصل جديد من مسرحية سياسية، حيث تستمر المملكة في لعب دور مزدوج، بين توددها السري للاحتلال، وتظاهرها بالغضب عندما تُمس هيبتها أمام شعبها.
فهل تصمد هذه “الغضبة الإعلامية” أم تعود المياه إلى مجاريها قريبًا تحت ضغط المصالح المشتركة؟
اضف تعليقا