منذ إعلانه تأسيس كيان سياسي قبل 3 أشهر، كثف طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، جهوده في سبيل الحصول على الاعتراف بما أسماه “المكتب السياسي للمقاومة الوطنية في الساحل الغربي” المدعوم إماراتيا.

كانت آخر هذه التطورات هي قيام صالح، في 12 يونيو/حزيران 2021، بزيارة إلى روسيا استغرقت عدة أيام، التقى خلالها عددا من المسؤولين الروس، بينهم نائب وزير الخارجية، سيرغي فيرشينين.

وقدم صالح نفسه، خلال اللقاء، كقائد لما أسماه “المقاومة الوطنية”، وكذلك كرئيس لـ”المكتب السياسي”، وهو تنظيم عسكري وسياسي يتلقى دعمه الكامل من إمارات الشر، ويعمل خارج هيكلية وزارة الدفاع اليمنية المعترف بها دوليا، كذلك قدم صالح نفسه “المواجه الوطني” لميليشيا الحوثي المتمردة، رغم أنه يعمل خارج نطاق الشرعية.

 

حملة علاقات عامة..

وقال صالح، في 14 يونيو/حزيران 2021، إن “الغرض من الزيارة هو دعوة روسيا للإسهام بإيجاد حل سياسي لليمن، خصوصا أن موسكو لها علاقة مع كل الأطراف، إيران والسعودية والحكومة الشرعية”، حسب وكالة سبوتنيك الروسية.

وأضاف أن “روسيا دولة محورية وعضو دائم في مجلس الأمن، ولها نفوذها سواء في اليمن أو المنطقة، وأيضا لها تواصل قوي مع الأحزاب اليمنية نفسها، وتستطيع التأثير في هذا الملف بما يحقق الأمن والاستقرار في البلاد”.

لكن متابعين ذكروا أن الغرض الرئيس للزيارة كان الحصول على اعتراف ضمني بـ”المكتب السياسي” الذي أعلن عنه في 16 مارس/آذار 2021، كـ”ممثل للشرعية”. كما أن حديث صالح مع “سبوتينك” أكد أنه “يقوم بجولة علاقات عامة للحصول على الاعتراف به كفصيل سياسي مؤيد للشرعية وكطرف فاعل”.

وقال: “قمنا  بتقديم تعريف عن المقاومة الوطنية والمكتب السياسي للمقاومة، وما هي رؤيتنا للحل السياسي في اليمن، والتنسيق مع الأصدقاء الروس لما لهم من دور محوري في منطقة الشرق الأوسط من أجل الدفع بعملية السلام إلى الأمام”.

ما يبدو هو أن الزيارة إلى موسكو كانت جزءًا من حملة علاقات عامة قامت أبو ظبي بترتيبها لإحدى أحدث أدواتها في اليمن، بما في ذلك المجلس الانتقالي، وقوات صالح المتمركزة بمدينة المخا التي أنشأت لها الإمارات مكتبا سياسيا، في محاولة لاستباق أي تحرك يعتمد على الدور الوطني للمقاومة.

وهنا يجدر الذكر بأن لأبو ظبي علاقات جيدة مع موسكو، وهي تستغلها لترتيب مثل هذه الزيارات، بغية إعطاء انطباع مفاده أن التشكيل السياسي الذي أعلن عنه في المخا أصبح جاهزا للتعامل معه كطرف سياسي مؤثر وصاحب حصة في التسوية المقبلة.

 

أهداف الزيارة..

لم يكن الترويج للمجلس السياسي هو الهدف الوحيد لصالح، فقد كان له أهداف أخرى، من بينها العمل على رفع العقوبات الدولية عن الرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، ونجله أحمد، المقيم في الإمارات منذ عدة سنوات.

سعى صالح للحصول على مساعدة روسيا، بصفتها عضوا دائما في مجلس الأمن الدولي، لرفع العقوبات والاستفادة من الأرصدة المالية للرئيس الراحل -والتي تقدر بـ60 مليار دولار- التي تم الحجز عليها من قبل مجلس الأمن.

وقد أقر  صالح بذلك في لقائه مع “سبوتنيك”، حيث قال: “ناقشنا هذا الموضوع -أي العقوبات- باستفاضة، وهم على قناعة بأنها ليست مبررة سواء في السابق أو في الوقت الحالي، ووعدونا أنهم سينظرون بجديه إلى هذا الأمر”.

وصدر قرار عقوبات مجلس الأمن، في إبريل/ نيسان 2015، ضد كل من الرئيس السابق صالح وقائد الحرس الجمهوري أحمد علي، بموجب الفقرتين 11 و15 من القرار رقم 2140 لعام 2014، والفقرة 14 من القرار رقم 2216 لعام 2015، وقضى بإدراجهما في قائمة العقوبات بسبب “تقويضهما للسلام والأمن والاستقرار في اليمن”.

وفي فبراير/شباط 2021، مدد مجلس الأمن العقوبات على الرجلين حتى مارس/آذار 2022، وهو ما أزعج طارق صالح وشبكة المصالح الموالية له.

إلى جانب ذلك، سعى صالح خلال الزيارة إلى غسيل سمعة الإمارات وتبييض جرائمها والتغطية على انتهاك السيادة اليمنية التي مارستها في جزيرة ميون بقلب مضيق باب المندب.

ففي الوقت الذي تكشف فيه صحيفة “أسوشيتد برس” الأميركية، في تقرير لها في 25 مايو/أيار 2021، أن “الإمارات تبني قاعدة عسكرية لها في جزيرة ميون”، حاول صالح خلال الزيارة أن يضلل ويرفع هذه التهمة، حيث صرح بأن الوجود العسكري في الجزيرة “محدود، وتابع للتحالف العربي، السعودي بالذات”.

ولفت صالح إلى أن “المدرج الذي تم إنشاؤه في الجزيرة هو للإسناد اللوجستي، وأن قوات يمنية تتمركز في الجزيرة بقيادة اللواء خالد القملي”.

 

دور مشبوه..

وفي 25 مارس/آذار 2021، أعلن صالح تأسيس مجلس سياسي تابع للتشكيلات المسلحة التي يقودها في الساحل الغربي، ضمن ما يسمى القوات المشتركة (قوات حرس الجمهورية، العمالقة، المقاومة التهامية)، وهي قوات قوامها يتجاوز 50 ألف شخص أسستها الإمارات وتتلقى دعما مباشرا منها.

وفي بيان الإعلان عن المجلس، قال صالح: “إشهار المكتب السياسي للمقاومة الوطنية ضرورة ملحة تواكب تطورات المشهد اليمني، وتفرضها المرحلة لخدمة معركة الشعب المصيرية، وتشكل امتدادا أصيلا لتضحيات الزعيم الخالد الشهيد علي عبد الله صالح”.

ووفق مراقبين، يرغب صالح من خلال هذا المجلس أن يلعب دورا داخل الحكومة الشرعية شبيها بالدور المشبوه الذي يضطلع به “المجلس الانتقالي الجنوبي”، لا سيما مع تزايد المؤشرات على إمكانية عقد جولة جديدة من مباحثات التسوية النهائية برعاية الأمم المتحدة، يسعى ليكون طرفا فيها.

وأمام هذه المعطيات، فإن هذا الإجراء، وفق متابعين، يشير إلى العبث الذي تمارسه إمارات الشر في الساحة اليمنية، من خلال تأسيسها مجموعات مسلحة متمردة خارجة عن نطاق وزارة الدفاع الشرعية وموازية للقوات الحكومية، ثم الدفع بها وشرعنتها لاحقا، لتكون معبرة عن طموحات الإمارات لا تطلعات اليمنيين.