كتبت ـ رباب سعفان

دائماً ما تأتي الحياة مليئة بالمفارقات، فمن الظلام يبزغ النور وهكذا دائماً جدلية الشيء ونقيضه، لذا لا تتعجب كثيراً حين تكتشف أنه ما من شيء يساعد على ضخ الحيوية بالجسد ويزيد من تمثيل الكريات الحمراء بالدم، مثل تلك القطعة الصغيرة البيضاء الشاحبة المستخرجة من أغلب الحبوب التي تخرج من باطن الأرض كالذرة والقمح والكتان وحشيشة الدينار .. إنها “الخميرة” .
“الخميرة البيرة” هو المصلح الشعبي الأكثر انتشاراً فهي النوع الأكثر تداولاً، أما حقيقتها العلمية فهي ليست إلا “فطرا”، فالتعريف العلمي لها يشير إلى أنها ميكروبات أحادية الخلايا يمكنها التواجد في وسط به أكسجين أي تتنفس الأكسجين كما يمكن لبعضها العيش بدون هواء.
وهناك 39 نوعًا من الخمائر حسب أنواع الحبوب التي يتم زرعها في الأرض بالمناطق المناخية المختلفة، ولكن تبقى حشيشة الدينار التي يتم منها تصنيع مشروب “البيرة” هي مصدرا رئيسيا لهذا النوع من “مكعبات الخميرة” المنتشرة بالأسواق، والتي يتم استخدامها في مجالات مختلفة.
كانت بداية الاستخدامات بالاستعانة بـ “الخميرة” كعامل مساعد لاختمار العجين وحفظ بعض الأطعمة ولكن التوقف الطبي أمامها ساعد على اكتشاف الكثير من المزايا الكامنة بها، حيث تقوم فلسفة وظائفها الحيوية على جذب وتكثيف الأكسجين بمكان تواجدها.
في ضوء ذلك تم اعتمادها كمكمل غذائي رئيسي يساعد على تقوية وتهدئة  الأعصاب، ومنع التقلصات، ومنح هيئة ناعمة ورائقة للبشرة، وضبط سرعة نبضات القلب، و لم يعد استخدامها يقتصر على الوصفات الشعبية بل يتم وصفها طبياً وشراؤها كأقراص علاجية من الصيدليات.
وحسب العديد من الموسوعات الطبية تحتوي خميرة البيرة على الكثير من الفيتامينات الضرورية والهامة التي بدورها تعمل على تحسين صحة الجسم، كما أنّها تحتوي على كميات كبيرة من السكر، تعادل تلك الموجودة في العنب أو قشر التفاح، إضافةً إلى احتوائها على العديد من المعادن مثل الحديد، والفسفور، والزنك وغيرها، وبذلك تعدّ مادّة غذائية أساسية للحفاظ على صحة العظام والبشرة والجهاز العصبي والعيون.
تذهب الوصفة الشعبية التي يؤيدها الأطباء إلى تناول كوب من الماء على الريق وقد تم إذابة مكعب من الخميرة جيداً به أو تناول قرصين من الخميرة التي يتم تعليبها بشكل دوائي وتباع بالصيدليات بسعر غير مرتفع.
أما خبراء التجميل فلديهم وصفة خاصة لـ “ماسك الخميرة” حيث يتم خلطها جيداً بالعسل وبعض قطرات الليمون واللبن الرائب فتوضع لمدة نصف ساعة على الوجه مرتين أسبوعياً فتمنحه مظهرًا رائقًا، وتعالج ظهور التجاعيد والخطوط وكذلك “حب الشباب”.
ويبقى التأثير الأكثر أهمية وحضورًا فيما يتعلق بـ “الخميرة” هو تأثيرها في زيادة نسبة التمثيل للكريات الحمراء بالدم، لذا دائماً ما يُنصح بها لمرضى فقر الدم أو الأنيما إلى حد انتشار توصيف شعبي لطيف لمن يظهر على وجوهم الشحوب “أذب قطعة خميرة في دمك”.
غير أن كل هذه المزايا العديدة لا تمنع بالتأكيد أن هناك أضرارًا ولو طفيفة، سواء لكل من يتناولها أو لبعض الحالات الخاصة التي تعاني من درجات مختلفة من الحساسية.