تفاق جديد وقعه أطراف الصراع اليمني المرير الاثنين 18 فبراير بعد فترة اتهامات متبادلة بالعرقلة مازالت سيدة الموقف، ومازالت تقول بأعلى صوتها : الرحلة طويلة رغم مخاطر المجاعةوالانهيار اليمني !
وبينما تقف الحكومة الشرعية برئاسة عبد ربه منصور هادي في مدرجات المتفرجين حتى حين أو هكذا يقول البعض، يقف الحلف السعودي الإماراتي بقيادة ولدا سلمان وزايد في مقابل الحوثيين بقيادة عبد الملك الحوثي ، في مضمار لعبة عض الأصابع ، وهي ما نتوقف عند أبعادها ومظاهرها وأفق انجاز السلام.
مخاوف مستمرة
تبادل طرفا الصراع في اليمن الاتهامات في عرقلة السلام ، ورغم تمرير اتفاق أولي جديد إلا أن مخاوف العرقلة مستمرة.
الحكومة اليمنية اتفقت الاثنين 18 فبراير مع جماعة الحوثي على المرحلة الأولى من إعادة الانتشار المتبادل في مدينة الحديدة، في تحوّل وصفته الأمم المتحدة الأحد بالتقدّم المهم، رغم مضي وقت طويل منذ توقيع اتّفاق وقف إطلاق نار في أوائل ديسمبر الماضي في السويد.
المرحلة الأولى ولدت على شفا جرف هار ، بحسب المراقبين ، بعد محادثات استمرّت يومين بحسب بيان أصدره مكتب المتحدث باسم الأمم المتحدة تقوم على اتفاق بشأن المرحلة الأولى من إعادة الانتشار المتبادل للقوات في انتظار مناقشة المرحلة الثانية في غضون أسبوع والتي تتطلب انسحاب قوات الطرفين بالكامل من محافظة الحديدة وفقا لخطة للأمم المتحدة لكن أي موعد لم يحدد لبدء نزع السلاح ، وهو النقطة الأصعب !.
وسبق الاتفاق بأيام هجوم إماراتي من العيار الثقيل عبر منصة وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، حيث اتهم “الحوثيين”، بإعاقة التوصل إلى ما أسماه “سلام حقيقي” في اليمن، والسعي إلى إفشال العملية السياسية، عبر تجاهلهم المتعنت لالتزاماتهم، وفي مقدمتها تنفيذ الانسحاب الحوثي من الموانئ ومدينة الحديدة.
منصات الإمارات الإعلامية ، انتقلت بدورها إلى مرحلة ” أعداء السلام في اليمن” بحسب تقدير موقف نشرته صحيفة البيان الرسمية قبل 24 ساعة من توقيع الاتفاق ، مستندة إلى “مؤتمر وارسو ” التي رأته “صدمة كبيرة لإيران والحوثي في اليمن، وكشف عن الوجه الإرهابي لطهران من خلال ميليشياتها ” بحسب تعبيراتها.
وزعمت “البيان ” أن منصة وارسو كشفت عن العوائق التي يضعها “الحوثيون” أمام عملية السلام في اليمن، والتي تتم بتوجيهات من طهران بهدف إعاقة تنفيذ اتفاق السويد الذي سيقلص نفوذ “الميليشيا الحوثية “التي تدعمها، وسيؤدي في النهاية إلى تحقيق السلام في اليمن وتقليل النفوذ الإيراني “.
في المعسكر الآخر كانت أجواء القصف الإعلامي هي المسيطرة قبل الاتفاق كذلك ، وبحسب قناة الميادين المحسوبة على “الحوثيين” فقد انقلبت لجنة الرئيس اليمني والتحالف السعودي الإماراتي على الآلية التنفيذية المشتركة لتنفيذ اتفاق الحديدة بعد التوافق عليها مع لجنة الحوثيين بحضور رئيس الفريق الأممي.
أبرز العوائق
نغمة عرقلة السلام رائجة منذ فترة قبل انطلاق العملية برمتها ففي مارس 2018 ، حيث اتهم البيت الأبيض “الحوثيين” بعرقلة السلام في اليمن عبر الهجمات الصاروخية ، وتكرر الاتهام في سبتمبر 2018 ولكن من الحكومة اليمنية ممثلة في الوفد الحكومي بجنيف ولكن العواق تزداد يوما بعد يوم بحسب البعض.
الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، من جانبه حذر قبل أسابيع من فشل اتفاق ستوكهولم، مؤكدا خلال استقباله المبعوث الدولي الخاص مارتن جريفيث ورئيس لجنة إعادة الانتشار، أن تعثر الاتفاق وفشله يعد فشلا للعملية برمتها، مشيرا إلى تعنت الانقلابين ومماطلتهم وعدم وفائهم على الدوام بتنفيذ أي عهد أو اتفاق من خلال مسيرتهم وتجاربهم السابقة هما أبرز العوائق.
نزع السلاح سيظل العائق الأهم في مشهد السلام ، وهو ما أكده رئيس هيئة الأركان العامة للجيش اليمني الفريق الركن بحري عبدالله النخعي أن السلام لن يتحقق إلا باستعادة الدولة ونزع سلاح الميليشيات.
ولكن مازالت إيران هي قميص عثمان الذي يرفعه “التحالف السعودي الإماراتي” في مواجهة دعوات إقرار السلام الكامل ، حيث أضاف النخعي – حسبما نقلت قناة (العربية) الإخبارية عنه – أنه لن يتم السماح “بوجود موطئ قدم لإيران أو نشر ثقافتها و مشروعها التدميري في اليمن والمنطقة العربية” حسب تعبيراته.
العائق المرتقب كذلك بحسب محللين أن الحوثيين الذين ليس لهم شعبية في الجنوب يريدون دورا قويا في الحكومة اليمنية، وإعادة بناء محافظة صعدة معقلهم في شمال البلاد، في ظل أن السعودية بوسعها قبول دور سياسي للحوثيين إذا ألقوا السلاح لكنها لا تريد قرب حدودها حركة مسلحة مثل جماعة حزب الله اللبنانية المتحالفة مع إيران.
لكن على الجانب الآخر يحمل الحوثيون ، الحكومة اليمنية والتحالف عرقلة الاتفاق عبر العديد من العراقيل الأخرى ، وقال رئيس لجنة الأسرى لدى الحوثيين عبدالقادر المرتضى في هذا الشأن :” هناك محاولة متعمدة لإفشال اتفاق تبادل الأسرى بسبب المماطلة في رفع الإفادات الصحيحة عن الكشوفات وإنكار وجود مئات الأسرى الذين نعرف أماكن سجونهم، ورفض الإفصاح من قبل السعودية والإمارات عن المخفيين قسريا من الأسرى والمعتقلين “.
المتحدث باسم “الحوثي” محمد عبدالسلام أكد أن الحلف السعودي الإماراتي متعنت ويهرب من تنفيذ الاتفاق، منتقداً الإجراءات التعسفية التي يقوم بها الحلف من استمرار الحصار على الوطن، وتنفيذ المزيد من الإجراءات الظالمة التي تستهدف عموم المواطنين فضلا عن الصعوبات والعراقيل في ملف الأسرى.
أفق العملية السياسية!
يتوقف أفق السلام وتوقيته بحسب المراقبين على عدة ملفات عالقة وخطيرة في مقدمتها الحدود مع السعودية وضم الفصائل الرئيسية المستبعدة إلى العملية السياسية تحت رعاية صارمة من الأمم المتحدة ولكن يبدو أن الرحلة طويلة كما يقول البعض.
وبحسب تحليل نشرته صحيفة الحياة اللندنية فإن أي مشروع سلام، تواجه مرحلته الأولى عقبات عدة منها خروق ميدانية، وثقة مفقودة، وحروب كلامية لا تنتهي، ومع ذلك، يبقى اتفاق الحديدة بداية جيدة لاتفاقات أخرى محتملة قد تستغرق أشهراً كثيرة حول الملفات العالقة، مثل حصار تعز، وتشغيل مطار صنعاء، وأموال البنك المركزي، وتبادل الأسرى والمعتقلين.
وتبقى المعضلة الأهم بحسب صحيفة الحياة اللندنية في جبهات الحدود مع السعودية، وتحديداً صعدة، لأن “الحوثيين” يعرفون جيداً أن خسارة صعدة بمثابة نهاية ثلاثة عقود من حلم السيطرة، وهو ما يعني أن “رحلة السلام” في اليمن طويلة.
وفي هذا الإطار يرى مدير معهد البحوث والدراسات العربية د. أحمد يوسف أحمد أن التقدم في عملية السلام في المستقبل يتوقف على التزام الحوثيين وعدم مراوغتهم وصرامة الأمم المتحدة في التصدي لمخالفاتهم، والالتزام بنهج الخطوة خطوة أو التعامل الجزئي مع الصراعات المعقدة.
استيعاب الجميع وعدم الإقصاء جزء مهم في إدارة ملف السلام في اليمن بالمستقبل ، كما يشير آدم بارون المحلل في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية ، مؤكدا ضرورة ضم الفصائل الرئيسية التي لا تزال مستبعدة من العملية السياسية حتى الآن عندما تتقدم الأمور إلى الأمام .
اضف تعليقا