العدسة- ياسين وجدي:
هدد الرئيس الايراني حسن روحاني نظيره الامريكي دونالد ترامب بمصير صدام حسين ، ولكن يبدو أن الرجل يستبق الأحداث ويهدد بما قد يهدد به في ظل اقتراب الولايات المتحدة الأمريكية من تدشين تحالف شرق أوسطي لاسدال الستار على النظام الايراني الحالى على أقل تقدير.
“العدسة” يبحث في مصير الرجلين “روحاني” ، و”ترامب” ، وأيهما يلقى مصير صدام حسين في المدى المنظور، في ظل التصعيد غير المسبوق بين طهران وواشنطن وحلفائها.
استحضار “صدام”!
يبدو أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين ، سيعيش وقتا أطول في صراعات الساسة ومجادلاتهم ، فالرجل الذي اعدم في 30 ديسمبر 2006 ، فخصمه الأبرز في ايران الرئيس حسن روحانى، استخدم اسمه لتهديد غريمه الرئيس الامريكي دونالد ترامب ، مؤكدا في تصريحات في 22 سبتمبر الجاري أن “بلاده ستهزم الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مثلما فعلت مع الرئيس العراقى الراحل صدام حسين”، مشيرا إلى الحرب التى دارت فى الثمانينات بين إيران والعراق.
ولكن فيما يبدو أن استخدام فزاعة “صدام ” ممنهج لدى السلطات الايرانية ، حيث ردت وزارة الخارجية الإيرانية على تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في أبريل من العام الجاري التي اتهم فيها إيران بأن لديها مشاريع هدامة وتدعم وتمول الإرهاب، بتهديده بمصير صدام حسين كذلك!.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية بهرام قاسمي قال : “يجب على نظام آل سلمان، الذي يجد نفسه مضطراً لتغيير صورته وصرف المليارات من الدولارات للحصول على دعم الدول الأجنبية، أن يعود مرة أخرى إلى التاريخ القريب وينظر إلى مصير صديقه وحليفه الإقليمي صدام”.
في المعسكر الآخر تلوح في الأفق مظاهر اقصاء “صدام حسين” في نسخة جديدة حيث حث وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو خلال اجتماعه الجمعة في نيويورك مع نظرائه في مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن على وقف النشاط الإيراني الخبيث في المنطقة، وناقش الاجتماع إقامة “تحالف استراتيجي شرق أوسطي” لتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة أو بعبارة أخرى حصار ايران والاطاحة بنظامها وفق البعض.
الاجتماع سبقه تصريحات متواترة من الجانب الامريكي تتحدث عن الاطاحة بالنظام الايراني منها ما أعلنته المتحدثة باسم البيت الابيض سارة ساندرزفي مطلع العام الجاري بالتزامن مع مظاهرات غاضبة للشعب الايراني من أن “قرار تغيير النظام في طهران يعود للشعب الإيراني، وينبغي على المجتمع الدولي أن يعبر عن دعمه لشعب إيران”.
هذا المضمون ثابت ومستقر في منصة المتحدثين الامريكان ، حيث كشف هوغان غيدلي، المتحدث باسم البيت الأبيض عن أن الرئيس دونالد ترامب لا ينوي الكشف مسبقا عن التدابير التي يخطط لاتخاذها ضد إيران، وهو ذات ما عبرت عنه المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، هيذر نويرت، التي قالت ” إن النظام الإيراني ينشر التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم، وإن الشعب الإيراني بحاجة إلى مساعدة ودعم من المجتمع الدولي لمواجهة انتهاكات النظام”، اذن هو قرار استراتيجي ، لم يحدد موعده بعد فالتصريحات الرسمية في الولايات المتحدة الأمريكية دائما ما تأتي للافصاح عن قرار أو التمهيد له بحسب مراقبين.
الأمر ليس كذلك فحسب ، بل صرح سفير السعودية لدى الولايات المتحدة خالد بن سلمان بن عبد العزيز في يوليو الماضي حول ضرورة كبح جماح إيران عبر مواجهتها لا استرضائها، مشددا على وجوب “معاقبة النظام الإيراني اقتصادياً ودبلوماسياً مع الحفاظ على جميع الخيارات على الطاولة لضمان قوة الدبلوماسية وفعاليتها”.
فرص “روحاني” !
والأمر كذلك ، فالرئيس الايراني مستهدف بوضوح من أمريكا ، ولكن معوقات القرار واضحة ، فخيار المظاهرات الشعبية التي خرجت في يناير الماضي ولقت دعما وانحيازا امريكا وترويجا من حلفاء امريكا في المنطقة خاصة في السعودية والامارات ومصر ، لم تحقق المطلوب منها ومارس الحرس الثوري الايراني دورها في اخماد الانتفاضة وتعطيل مستويات تصعيدها وبالتالي استهداف نظام روحاني على الاقل.
كما خفق تكرار أسلوب اغتيال الرئيس المصري الاسبق محمد أنور السادات في حادثة الأهواز ، التي استهدفت النظام الايراني في عقر داره العسكري واثناء عرض عسكري ، بل استغلها الرئيس الايراني وعناصر نظامه في حشد الهجوم ضد الثلاثي المعادي لهم (الولايات المتحدة الأمريكية والامارات والسعودية” ، بصورة فاقت الحسابات القديمة وجعلت الثلاثي في موقف دفاعي في خانة دعم الارهاب وفق مراقبين.
كما ان الحصار المفروض على ايران ، لطهران سابق خبرة في طرق كسره وتقويضه واستغلاله، وهي بحسب مراقبين ، تعرف ما تريد ، وتريد ان تطيل الوقت لحين النظر في النظام السياسي الموجود في امريكا في الفترة المقبلة في ظل الحصار المتزايد على الرئيس الامريكي دونالد ترامب ، ولا مانع في هذا الاطار من تصريحات رنّانة حول شرور الغرب والشيطان الأكبر (الولايات المتحدة) من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وقادة الحرس الثوري، وبعض وسائل الإعلام ، وهو ما جرى في الأيام الماضية.
لكن يبقى الخطر على روحاني ونظامه في استمرار الدخول معه في حرب استنزاف في مواقع بديلة تكبده في ظل الوضع الاقتصادي الصعب تكلفة باهظة قد تدفع آية الله على خامنئي بالتضحية به من أجل بقاء النظام الثوري الاسلامي وفق البعض.
روحاني نفسه يعلم ذلك وصرح به علنا ، في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر الجاري ، متهما ” دونالد ترامب”، بمحاولة الإطاحة بالنظام ، بقوله : ” من المثير للسخرية أن الحكومة الأمريكية لا تخفي حتى خطتها للإطاحة بنفس الحكومة التي تدعوها للحديث معها”.
هذا الاتهام يراه خبراء بمركز كارينجي للدراسات في الشرق الأوسط ، خيارا متاحا ، خاصة بعد الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران وإعادة فرض العقوبات، بما يعني زيادة الضغوط على طهران، ومعاقبتها وزعزعة استقرارها في أحد الاحتمالات .
نموذج صدام حسين قد يكون احتمالا موجودا ، وهو بحسب جيمس سبنسر الخبير الأمني والدفاعي في ملف الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، تكرار للخطوة الأمريكية القديمة عندما اتهمت الولايات المتحدة العراق، من دون أي أدلة، بتصنيع أسلحة دمار شامل، مؤكدا أن من ينوي العثور على خطأ لا يحتاج إلى الحقيقة من أجل خوض حرب عدوانية لكن هو يرى كذلك أنه كان لعملية تحرير العراق مزايا قانونية لا وجود لها مع إيران، ليبقى الاحتمال الأكثر ترجيحاً، في تصعيد الحملة منخفضة الوتيرة الحالية ضد إيران، ربما على أمل إطلاق شرارة حرب، يمكن بعد ذلك تصويرها على أنها خطوة “دفاعية”.
مصير “ترامب” !
في المعسكر الآخر ، يأتي تهديد “روحاني” لنظيره “ترامب” بأن يلقى مصير الرئيس العراقي الراحل “صدام حسين ” ، في ظل سياق الحرب الاعلامية التي يجيدها الاعلام والساسة في ايران ضد من يطلقون عليه “الشيطان الأكبر”، وبالتالي فالنظر في سياق قيام ايران بدور في استحضار طريقة الاطاحة بصدام حسين في امريكا هو سياق بحسب المراقبين دعائي وليس مرتبطة باليات واضحة على الأرض.
وتبقى الاطاحة الانتحابية أو الدستورية احتمال قوي بالنسبة بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، وبحسب صحيفة “فيلت” الألمانية فهناك العديد من الطرق المتاحة للإطاحة به مؤكدة أن ترامب ينهار و يمر حاليا بأسوأ فترة له منذ أن دخل البيت الأبيض، وهو ما ينذر بأن أيامه في الرئاسة أصبحت معدودة، وبدأ يبتعد عنه المقربون منه، ويدخلون في دائرة إنفاذ القانون؛ لأنهم يخشون أن يطالهم القانون وهو ما يتطالب تدخل الشعب الأمريكي في نوفمبر المقبل لتغيير ميزان القوى وانتخاب الديمقراطيين.
إلى ذلك ، فقد خلص استطلاع للرأي في الولايات المتحدة الأمريكية في أغسطس الماضي إلى أن نحو نصف الأمريكيين يؤيدون إطلاق الكونغرس عملية إقصاء للرئيس دونالد ترامب من منصبه، حيث يؤيد 79% من مؤيدي الحزب الديمقراطي، و 9% من مؤيدي الحزب الجمهوري بدء عملية لإقصاء ترامب.
اضف تعليقا