العدسة – إبراهيم سمعان
أكد “جيمس دورسي”، الباحث المتخصص في السياسات الدولية بجامعة نانيانج التقنية في سنغافورة، أن عودة مهاتير محمد لمنصب رئاسة الوزراء في ماليزيا يثير الرعب في عدد من العواصم العربية، وتحديدًا أبوظبي والرياض.
أوضح “دورسي” في مقال له نشرته “إنترناشيونال بوليسي دايجست”، أن الإمارات والسعودية تشعران بالقلق؛ للعديد من الأسباب، أهمها: خشية أن تتبنى كوالالمبور موقفًا متقاربًا مع طهران، تحقيقات الفساد التي قد تطال كيانات سعودية وإماراتية وأعضاء بارزين في حكومات وأسر مالكة بالبلدين، فضلًا عن اختياره أنور إبراهيم نائبًا له، وهو المعارض القريب من جماعة الإخوان المسلمين، التي يناصبها البلدان العداء الشديد.
ومضى الكاتب يقول: “يتبنى رئيس الوزراء الماليزي المنتخب حديثًا “مهاتير محمد” سياسات يمكن أن تعيد تشكيل علاقات الدولة التي تقع في جنوب آسيا مع دول الخليج القوية”.
وأوضح “دورسي” أن سلسلة من إجراءات مكافحة الفساد، بالإضافة إلى تصريحات السيد “مهاتير” ووزير دفاعه، محمد سابو، منذ انتخابات مايو التي أطاحت برئيس الوزراء نجيب رزاق من منصبه، تثير القلق في كل من السعودية والإمارات.
وتابع قائلًا: “شكك السيد “مهاتير”، الذي حذر في السنوات الأخيرة من النعرة الطائفية المناهضة للشيعة في ماليزيا، إلى جانب السيد “سابو”، في جدوى تعاون بلاده في مكافحة الإرهاب مع السعودية”.
وأضاف: “كما أعاد “مهاتير” تنشيط التحقيقات الخاصة بمكافحة فساد “رزاق” “، موضحًا أن رئيس الوزراء السابق مشتبه في اختلاس مليارات الدولارات من صندوق إستراتيجي مملوك للدولة هو(1MDB) كما أن الكيانات السعودية والإماراتية التي يُزعم أنها مرتبطة بهذه القضية تخضع لتحقيق في 6 بلدان على الأقل، بما في ذلك الولايات المتحدة وسويسرا وسنغافورة”.
ومضى يقول: “يبدو أن أستاذ العلوم السياسية عبدالخالق عبدالله، والذي يُنظر إلى آرائه في الغالب على أنها تعكس تفكير حكومة الإمارات العربية المتحدة، أساء إلى السيد “مهاتير” والتصويت الماليزي بعد أيام من إعلان النتائج”، ما يعني أنه ينظر إلى تغيير محتمل في العلاقات.
وتابع: “ركز “عبدالله” على عُمْر السيد “مهاتير” (92 عامًا)، باعتباره أقدم زعيم منتخب في العالم، كما سارع “عبدالله” بالقول إن “مهاتير” كان مُعلم “رزاق”، قبل أن ينشق إلى المعارضة ويقيم تحالفًا مع أنوار إبراهيم، نائب رئيس الوزراء السابق في عهد مهاتير، وهو إسلامي يعتقد أنه قريب من جماعة الإخوان المسلمين”.
ونقل عن “عبدالله”، قوله على “تويتر”: “يبدو أن ماليزيا تفتقر إلى الحكماء والقادة ورجال الدولة والشباب، لدرجة انتخاب رجل يبلغ من العمر 92 عامًا انقلب فجأة ضد حزبه وحلفائه، وعقد صفقة مشبوهة مع خصمه السياسي الذي سجنه في السابق بعد تلفيق أكثر التهم الشنيعة ضده”.
وتابع: “دورسي” قائلًا: “يُعرف ولي عهد الإمارات محمد بن زايد بمعارضته الشديدة للإسلام السياسي، بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين”.
وأضاف: “بالمثل، أشار المسؤولون الماليزيون إلى تغيير المواقف تجاه الخليج، مثل محمد شكري عبدول، كبير ضباط مكافحة الفساد، الذي استقال من لجنة مكافحة الفساد الماليزية (MACC) في عام 2016، نتيجة للضغوط لإسقاط الخطط لإدانة السيد “رزاق”، والذي قال: لقد واجهنا صعوبات التعامل مع الدول العربية، مثل السعودية و الإمارات. ومن المرجح أن تتكرر هذه الصعوبات”.
وأردف الكاتب: “لقد أشار “سابو”، وزير الدفاع الجديد، في تعليق في أواخر العام الماضي، إلى أن الغضب السعودي والإماراتي كان موجهًا بغرابة ضد تركيا وقطر وإيران، الدول التي قامت ببعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية، مضيفًا: “بدلًا من تشجيع جميع الأطراف على العمل معًا، فإن السعودية شنت هجومًا على اليمن أيضًا، وهنا خطر على ماليزيا؛ إذا كانت ماليزيا قريبة جدًّا من السعودية، فسوف يُطلب منها اختيار جانب”.
وتابع “سابو” قائلًا: “يجب ألا تكون ماليزيا قريبة جدًّا من بلدٍ سياستُه الداخليةُ مسممةٌ بسبب الافتقار إلى كلمة (أفضل)؛ فإن السعودية عبارة عن بركة من التنافس المستمر بين الأمراء، من خلال هذا الرمز، فإنها أيضًا دوامة يمكنها أن تمتص أية دولة في الثقب الأسود، إذا لم يكن الشخص حذرًا، وبالفعل، فإن السعودية تحكمها أيديولوجيات سلفية متطرفة أو وهابية، حيث يتم أخذ الإسلام بشكل حرفي، ومع ذلك، فإن الإسلام الحقيقي يتطلب فهم الإسلام، وليس فقط في شكله القرآني، ولكن الروح القرآنية”.
وأضاف الكاتب: “منذ توليه منصبه، قال “سابو” إنه يراجع خططًا لمركز مكافحة الإرهاب الذي تموله السعودية، وهو مركز الملك سلمان للسلام الدولي (KSCIP)، الذي خصصت حكومة “رزاق” لصالحه 16 هكتارًا من الأراضي في بوتراجايا”.
وتابع: “أثارت حقيقة انتخاب مهاتير الآمال في أنه سينقل ماليزيا بعيدًا عن احتضان “رزاق” للإسلام المتطرف المستوحى من السعودية كأداة سياسية، على الرغم من تاريخ رئيس الوزراء من التحيز ضد اليهود، والسجل السابق في مناهضة الشيعة، إلا أنه من المرجح أن يعزز القلق لدى السعودية والإمارات من أن تحركاته قد تفضل إيران”.
وأضاف: “تكمن المخاوف السعودية والإماراتية، حيال التحقيق في مكافحة الفساد، في الآثار المترتبة على فضيحة شركة تجارية سعودية وأعضاء من الأسرة الحاكمة السعودية، فضلا عن مسؤولين إماراتيين وكيانات مملوكة لدولة الإمارات”.
وأردف: “من المرجح إعادة التحقيق في علاقة (1MDB) مع شركة الطاقة السعودية PetroSaudi International Ltd، التي يملكها رجل الأعمال السعودي طارق عصام أحمد عبيد، بالإضافة إلى أعضاء بارزين في الأسرة الحاكمة في المملكة، الذين يُزعم أنهم مولوا رئيس الوزراء السابق نجيب رزاق”.
اضف تعليقا